في ليلة استثنائية من ليالي نواكشوط، كانت الأنظار تتجه صوب المستشفى العسكري، حيث أُدخل الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لإجراء عملية جراحية، بعد إصابته بطلق ناري في حادثة أصبحت تُعرف لاحقًا بـ"طلقة أطويلة".
تفاصيل تلك الليلة المليئة بالتوتر والحذر رواها البروفيسور سيدي أحمد ولد مكًيه في مقابلة مع منبر "صالون نواكشوط"، حيث استعرض مسار العملية وتعامل الطاقم الطبي مع الحالة الطارئة.
يقول البروفيسور مكًيه: "وصل الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز إلى المستشفى العسكري، مصابًا بطلق ناري عند الساعة السابعة مساءً، وعلى الفور بدأ الطاقم الطبي الموريتاني المكوّن من البروفيسور 'كان' والبروفيسور 'محمذن فال ولد الحسن' والبروفيسور 'خالد ولد بيه' في إجراء عملية جراحية استغرقت ساعات.. أُخرج الرئيس من غرفة العمليات عند الساعة الرابعة فجرًا، وكانت حالته مستقرة، والتنفس والضغط طبيعيين".
يضيف مكًيه قائلاً: "حين خرجت من غرفة العمليات، وجدت الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني برفقة الوزير الأول السابق مولاي ولد محمد لغظف، فبادرني الرئيس الغزواني بالسؤال عن الحالة الصحية للرئيس وإن كان من الضروري نقله إلى الخارج،.. فأجبت بأنني، لأسباب أمنية وسيادية، لا أرى أن رئيس دولة يُنقل في هذه الحالة إلى دولة أجنبية، وخصوصًا أن العملية ناجحة، والحالة مستقرة، والتنفس والضغط طبيعيان، ولا داعي لنقله في تلك اللحظة، وهذا ما أعرب الرئيس الغزواني عن تبنّيه".
لكن المشهد أخذ منعطفًا آخر عندما تدخل الوزير الأول قائلاً: "الفرنسيون أرسلوا طائرة طبية خاصة وهي في طريقها إلينا عبر الأجواء المغربية".
وفي تلك الأثناء، تلقى البروفيسور مكًيه اتصالًا من الفريق الطبي الفرنسي؛ يروي قائلاً: "بدا من نبرة حديثهم شعور بالاستخفاف، وكأنهم يشككون في قدراتنا الطبية، وكأننا في غابة لا طبيب فيها،.. فكان ردي واضحًا: الرئيس بصحة جيدة، يتنفس ويتكلم بصورة طبيعية، وضغطه متوازن، وقد قمنا بكل ما يلزم وفق المعايير الطبية".
وبعد مجيئهم، أصر الفرنسيون على عدم مرافقة أي طبيب موريتاني للرئيس في الطائرة.. عندها جاء رد البروفيسور مكًيه حاسمًا: "رئيس الجمهورية لن يغادر البلاد إلا برفقة طبيب وطني".
وبعد نقاش مطوّل، سألني الوزير الأول عن من أقترح لمرافقة الرئيس، فقلت: "أقترح أن يكون البروفيسور 'كان' هو المرافق، نظرًا لأنه حصل على قسط من الراحة بعد العملية، على عكس زملائه، إضافة إلى امتلاكه تأشيرة فرنسية تسهّل إجراءات السفر".
وعند سؤاله عن موضع الإصابة، رفض البروفيسور مكًيه الإفصاح قائلاً: "تلك أمانة مهنية لا يمكنني البوح بها".
أما عن الوضع الصحي الحالي للرئيس السابق، فقال ولد مكًيه: "لم ألتقِ به منذ سنوات، لكنني سمعت أنه يعاني من آلام في الركبة ومشكلات في القلب، كما أن موضع العملية يحتاج إلى متابعة دورية".
وهكذا أُسدل الستار على واحدة من أصعب الليالي التي عاشتها البلاد، والتي شهدت تضافر جهود وطنية خالصة في ظرف بالغ الحساسية.
وتضاربت القصص والتحليلات حول نوعية الإصابة وطريقة التعامل معها، بين مشكك في أصل القصة ومؤكد لها، ليبقى هذا التصريح مفتاحًا للغز طالما كثر فيه اللغط وانقسمت حوله الآراء والتحليلات