
إن تصريح وزير الداخلية بأن الأراضي ملك للدولة الموريتانية هو قول خطير، يُفسر بأنه فرض للسيطرة واغتصاب لحقوق الملاك الأصليين للأرض. هذا الادعاء يستحضر مقولة جان جاك روسو الشهيرة: "إن أول من وجد قطعة أرض مسيّجة وقال هذه لي، فدعواه لا يصدقها إلا مجتمع ساذج أو جاهل بالحقوق." وربما يكون الوزير أو أعوانه قد تبنوا نفس المنطق ليدعوا ملكية ما ليس لهم.
لقد قامت الدولة الموريتانية على تحالف إمارات وقبائل، وكانت أراضيها ملكًا لذويها وليست مشاعاً، حتى قبل مجيء فرنسا وبعد توحيدها. حتى الاستعمار الفرنسي، عندما وحّد البلاد، احترم تلك الخرائط والمواثيق ولم يغتصب الأراضي، كما حدث مع الأمير سيدا ا محمد والد سيداحمد في تكانت الذي رفض الصعود الفرنسي لـ "سرير" تكانت، مؤكداً أن مرورهم يجب أن يكون باحترام أراضي أهلها.
الدولة لا تستطيع أن تبسط نفوذها المطلق إلا على منشآتها داخل العاصمة والولايات، أما الأراضي الأخرى فهي لأصحابها، ولا تُنزع منهم إلا بالتصالح والتعويض العادل.
إن عدم احترام ملكية الأراضي لأصحابها يعني أن من يدعو لهذا، سواء كان الوزير أو من يدعمه أو الكاتب نفسه، هو جزء من حملة اغتصاب للأراضي، وقد يكون مدفوعاً من أشخاص ليست لديهم مناطق ذات هوية تاريخية واضحة ويسعون لاكتسابها عبر سيطرة الدولة. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل تحولت موريتانيا إلى دولة تنهج سياسة الاستيلاء والهيمنة على الأراضي من أهلها، على غرار ما يحدث في إسرائيل في الضفة الغربية، حتى لا نقول "المنكب البرزخي"؟ إن الإقدام على هذا الطريق سيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
لقد كانت الأرض ولا تزال كالـهوية تمامًا؛ فهي بالنسبة لأصحابها كـالأم والأب، والبعض يتسمون بـ أسمائهم المشتقة من أراضيهم، في تأكيد على أن التحامهم بحب الأرض هو التحام بهويتهم ووجودهم. ولهذا، فإن كل شخص سيدافع عن أرضه التي هي عرضه وكيانه ووجوده. يجب أن تتوقف هذه المحاولات فوراً.
بقلم يحياوي
محمد الأمين ولد يحيى



