كينروس تازيازت حينما يصير الذهب وبالاً على الفقراء

جمعة, 26/12/2025 - 13:11

​تنام موريتانيا على كنوز من الذهب والنفط والغاز، لكن مفارقة الأرقام والواقع تكشف عن هوة سحيقة بين ما يُستخرج من باطن هذه الأرض المذبوحة وبين ما يظهر على ملامح المواطن المسحوق. إن قضية شركة «كينروس تازيازت» أصبحت تجسيداً صارخاً لاستنزاف ممنهج لثروات الوطن، بدأ منذ عام 2007 وتواصل عبر الأنظمة المتعاقبة؛ حيث تجاوز الإنتاج 620 ألف أونصة في عام 2024، ويستمر هذا النزيف في عام 2025 في ظل اتفاقيات لا تزيد المواطن إلا فقراً.

​إن الذهب الموريتاني يغادر الحدود بينما تترسخ صورة هذه الشركة كغول ينهش الاقتصاد، مخلفاً وراءه سموم السيانيد التي تهدد بيئتنا وحياة السكان. أين هي السلطة الرابعة من كشف المستور؟ إننا نعيش في عصرٍ تكتفي فيه بعض المواقع بالسكوت المطبق مقابل إعلانات مدفوعة، لتبيع أمانة الكلمة بينما يُطحن الشعب.

​هذا الخذلان هو ما ترك أهلنا في «انبيكه» و«كيهيدي» و«كيفه» و«نواكشوط» يواجهون قدرهم وحيدين، وهم من يمدون الشركة بجيوش العمال الذين يُلقى بهم في خنادق الموت ليخرجوا بأجساد تنهشها الأورام، بينما تجني الشركة مليارات الدولارات. إن الذهب الذي لا يُطعم جائعاً، والذي خلّف مقبرة جماعية لأولئك العمال بدلاً من أن يبني لهم أو لأهاليهم في تلك البلدات مستشفى يداوي جراحهم، هو وبالٌ ومعدن رخيص في ميزان الكرامة.

​إن الكارثة تمتد لتشمل صفقات «التنقيب بالتراضي» التي يقودها سماسرة الداخل، يبيعون تراب الوطن لشركات أجنبية بناءً على العمولات، ليتم بعدها شرعنة هذا النهب بقرارات رسمية. هذه الشركات لا تترك لموريتانيا إلا التلوث، بينما تطير الخيرات أسبوعياً لتستقر في بنوك الخارج، في تواطؤ يجعل من المقاول المحلي شريكاً في نهب بلاده. بهذا النهب تبقى موريتانيا دولة غنية وشعباً فقيراً، فمتى تستيقظ من سباتها العميق؟

​بقلم: يحياوي محمد الأمين ولد يحيى