لستُ فى وارد الدفاع عن حزب “تواصل” ، فلديه من فرسان الكلمة والجدال والإفحام نُصُبُ زكواتٍ وصدقات على فقراء الفكر،ومساكين الإنشاء،والعاملين بالسُّخرة لدى الديوان، والمؤلفة قلوبهم بين الشوطين.
لكنَّ أخرسَ الشياطين من يسكت على ألاعيب النظام الموريتاني الذي دبَّجَ رأسُه فى مرجعيات وقيادات “تواصل” من الإشادة والثناء ما لم يكتبه المتنبي فى سيف الدولة، ثم انقلب نفس “الرأس” و “قُرون استشعاره” يهجون نفس المرجعيات والقيادات بما يعجز عنه الحُطيئة.
فى مقابلة حصرية مع الصحفي إدريسا فال،من إذاعة صوت أمريكا،يوم 8 أغسطس 2005 ،وفى معرض تبريره للإنقلاب على الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع، وإطلاق سراح الإسلاميين المعتقلين فى السجن المركزي والعفو عن المطارَدين منهم،قال العقيد (آنذاك) محمد ولد عبد العزيز،عضو المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية، ما نصه:
(( لقد أطلق المجلس سراح هذه المجموعة من الشخصيات الدينية المعروفة لدى الجميع فى الداخل والخارج باعتدالها ورفضها للعنف… بعض هذه الشخصيات معروف فى بروكسل وفى أوروبا باعتداله ولم يدعُ أبدا للعنف… إن اعتقال شخصيات معتدلة هو استفزاز لشعبنا المسلم…ونحن نعتقد أنه أفضل الطرق لحث أشخاص مسالمين على التحول إلى إرهابيين)).
قال الشارح: من بين الشخصيات الدينية المفرَج عنها والمعروفة لدى الجميع فى الداخل والخارج باعتدالها ورفضها للعنف: الشيخ محمد الحسن ولد الددو، ومن بين الشخصيات المعروفة فى بروكسل وفى أوروبا باعتدالها و التي لم تدعُ أبدا للعنف: محمد جميل ولد منصور.
بعد هذا التاريخ بسنتين، سيتم ترخيص 18حزبا جديدا بينها “تواصل” برئاسة محمد جميل ولد منصور “المعروف فى بروكسل وفى أوروبا باعتداله و الذي لم يدعُ أبدا للعنف”، والذي سيجري معه الصحفي البازر محمد محمود أبو المعالي،يوم 6 أغسطس 2007 ،مقابلة لصالح موقع “أخبارسويسرا”SWISS INFO يسأله فيها: هل يمكن أن تقبلوا بالتيارات التي توصف بالعِـلمانية في صفوف حزبكم؟ فيرد محمد جميل ولد منصور: “هذا السؤال ينبغي أن يُـطرح على هذه التيارات التي تصفها بهذا الوصف، هل تقبل أن تنتمي لحزبنا، بنظامه الأساسي وبإعلان السياسة العامة له الآن، فإذا قبلت، فنحن نرحب بها بالتأكيد”.
ثم يسأله: هل حزبكم حزب ديني أم حزب مدني فيجيب : “إنه حزب مدني وليس دينيا”.
وتمر سنة واحدة فينقلب عزيز على النظام المدني من جديد، ويغازل الإسلاميين ويتحالف معهم أحيانا و بــــــ “تواصلهم” معه يخرمون إجماع المعارضة ذات حوار و انتخاب.
بعد اثنتي عشرة سنة من المهادنة والتحالف والتعايش، لماذا يتستر عزيز و “مخبروه” على العمليات الإرهابية والتفجيرات الدموية والاختطافات التي نفذها تواصل فى موريتانيا والتي جعلته بين عشية وضحاها تنظيما إرهابيا يجب القضاء عليه؟
ولماذا لم نقرأ عن “إرهابية تواصل” فى أسفار “ويكليكس” ولم نجد تلميحا إليها فى تصريحات السفارات الغربية فى انواكشوط التي أصبح قادة الحزب ودُعاته وصحفيوه ضيوفا دائمين على أنشطتها منكبا بمنكب وساقا بساق مع وزراء عزيز وجنرالاته؟
كفاك،يا عزيز،استغفالا واستهزاء بالشعب الموريتاني الذي شهد رئيس حزبك بأن درجة وعيه مبهرة من تفرغ زينة إلى فصالة، ومن لمغيطي إلى كرمسين.
لقد انتهت اللعبة…