شعب موريتانيا ليس كله ذا أصل عربي أو ناطق بالعربية، إذ تمت أعراق أخرى تشكل بقية ملامح وجه هذا المجتمع المغاربي.
بين هذه الأعراق الولوف الذين يتّخذون من ثلاث دول في غرب أفريقيا هي وطنا لهم، وهي دول السنغال وغامبيا إلى جانب موريتانيا.
أغلبية مسلمة
الولوف هم مجموعة عرقية اعتنق غالبيتهم الإسلام منذ قرون عندما وصل المسلمون إلى غرب أفريقيا خلال القرنين السابع والثامن للميلاد، وفق كتاب "تاريخ المجتمعات الإسلامية".
ويشكّل الولوف واحدة من ثلاث مجموعات زنجية في موريتانيا إلى جانب البولار والسونيكي، ويقيمون جنوب غرب موريتانيا.
ويمثل هذا المكون الاجتماعي 9 بالمئة من مجموع سكان موريتانيا، وهم أقل نسبة من ولوف السينغال (43.5 بالمئة) وغامبيا (16 بالمئة)، بحسب وزارة الثقافة الموريتانية.
يميل الولوف إلى الاستقرار بدل الترحال، ويشتغلون خصوصا في القطاع الزراعي الرعوي والصيد البحري ويتحدّثون اللغة الولوفية.
خلاف الأصل
بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش فإن الحكومة الموريتانية "لا تعتبر الولوف مواطنين موريتانيين، بل تعتبرهم سينغاليين"، وهو ما تنفيه السلطات الموريتانية.
وتشير وزارة الثقافة الموريتانية إلى روايتين شفهيتين خاضتا في أصول الولوف.
تقول الرواية الأولى، وهي التي ذكرها الباحث عنتا ديوب في كتاب "الأمم الزنجية والثقافة"، إن أصل الولوف يعود إلى نهر النيل، مؤكدة أن لغتهم أقرب إلى المصرية القديمة.
وتفيد الرواية الثانية بأن منطقة "الوالو" هي مهد هذا المكون العرقي الموريتاني.
وهذا ما يذكره كتاب "لغز إنجيل برنابا"، إذ يورد بأن مملكة الولوف "كانت إحدى ثلاث ممالك أسسها أمادو بوبكر، نجل القائد المرابطي الأسطوري أبو بكر بن عمر في وادي السنيغال، وهي: مملكة والو ومملكة جولوف ومملكة كايور".
أما كتاب "ممالك الولوف في المحيط السينيغامبي"، فيشير من جهته إلى رواية شفهية تقول إن "أصل الولوف هي مملكة والو، التي أسسها ندياديان نديايي، باني مملكة الوالو الأولى ثم مملكة الجولوف.
ويضيف الكتاب: "أما لغة الولوف فوُلدت جرّاء تمازج الكثير من القبائل التي جاءت لتقدّم الولاء لمؤسس المملكة وكان عليهم أن يذوبوا ويتوحّدوا في وعاء إثني ولغوي واحد فولدت هذه اللغة، وحكم هذه المملكة ملوك عدة بين القرون 16 و17 و18م".
مجتمع طبقي
استنادا إلى وزارة الثقافة الموريتانية فإن الولوف، وكغيرهم من المجتمعات الزنجية في موريتانيا، يحكمهم نظام طبقي وفق مجموعات عديدة بحسب المِهن.
فالمجموعة الأكبر عددا في الولوف هي "الجير" أو "جور" وتسمى أحيانا فئة "الرجال النبلاء أو الأحرار"، وهم في الغالب من المزارعين وملاك الأراضي.
تأتي بعد ذلك طبقة الصناع مثل الحدّادين وصناع الخشب والأحذية والنّسّاجين، وأخيرا طبقة العبيد ويسمّون باللغة الولوفية "ديام"، ويعيشون تحت سلطة العائلات التي يخدمونها.
لكن هذه الطبقات لم تعد موجودة اليوم مثل السابق.
وتقول معلومات وزارة الثقافة إن اللغة الولوفية هي الأكثر استخداما في العاصمة الموريتانية نواكشوط ومدينة نواذيبو بعد اللغة الحسّانيّة.
والولوفية أيضا لغة مشتركة في جميع أنحاء السنغال، كما تنتشر الثقافة الولوفية في الجانب الديني عبر الطرق الصوفية، خاصة القادرية والتيجانية، كما أن للولوف ثقافتهم في مجال الموسيقى والأزياء والطبخ.
أصوات مغاربية