قالت صحيفة "البيان" الاماراتية الواسعة الانتشار بتاريخ :31 مايو 2018، إن "موريتانيا حذّرت إيران من نشاطات مذهبية مشبوهة" على الاراضي الموريتانية.
تحذير السلطات الموريتانية تلقاه السفير الإيراني لدى موريتانيا، محمد العمراني، من تفاقم النشاطات المشبوهة التي تقوم بها سفارة طهران في البلاد، والتي تستهدف تغيير مذهب وعقيدة المجتمع الموريتاني، وذلك بعد أقل من يوم على إغلاقها مركزاً دينياً تابعاً لإيران بالعاصمة نواكشوط.
واستدعت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الموريتانية، السفير الإيراني بنواكشوط محمد العمراني، وأبلغه وزير الخارجية، إسلك ولد أحمد إزيد بيه، بأن موريتانيا لم تعد تقبل بأي نشاط تقوم به السفارة - أو جهات مرتبطة بها - من أجل تغيير مذهب المجتمع الموريتاني أو عقيدته.
وقالت مصادر إن الوزارة أبلغت السفير بأن السلطات اتخذت جملة من الإجراءات لمنع أي نشاط لنشر الفكر المرتبك بإيران في البلاد. وبحسب ما أكدته المصادر، فإن الجهات الرسمية الموريتانية أبلغت السفير الإيراني بالتوقف عن مثل هذه الأنشطة، وأنها لم تعد مقبولة لأنها تهدد وحدة المجتمع وعقيدته.
تعيين وتدقيق
وكان من ضمن هذه الإجراءات عزل إمام «مجمع الإمام علي»، وتعيين إمام جديد له، ووضعه تحت وصاية وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي.
وكان هذا المجمع بمثابة حسينية في نواكشوط، يتبع لجمعية «آل البيت»، ويوفد مبتعثين إلى إيران ولبنان ويوزع منحاً دراسية لتنشئتهم على منهج طائفي تستغله إيران سياسياً.
ودهمت وزارة الشؤون الإسلامية «مجمّع الإمام علي» في مقاطعة دار النعيم في ولاية نواكشوط الشمالية، وأبلغت إمام المسجد المقيم في المجمّع بعزله وتعيين إمام آخر مكانه، وذلك وفق ما ذكرت وكالة الأخبار الموريتانية الخاصة.
وزارت بعثة من وزارة الشؤون الإسلامية خلال عطلة الأسبوع المجمّع التابع لجمعية «آل البيت»، وفتشته تفتيشاً دقيقاً كما فتشت ملحقاته، قبل أن تبلغ إمامه بالعزل، وتمهله أسبوعاً لمغادرة سكنه داخل المجمع.
وأُقيم المجمّع منذ سنوات في مقاطعة دار النعيم في العاصمة الموريتانية نواكشوط، وذلك مع بدايات إعلان بعض الموريتانيين عن تشيّعهم، وبدء تنظيم نشاطات في المناسبات الدينية، إضافة إلى تسيير رحلات إلى لبنان وإيران. وسبق أن اتخذت موريتانيا إجراءات صارمة ضد الأحزاب السياسية والهيئات التي ترتبط بإيران وحزب الله، ومنعت جميع الأنشطة الداعمة للحزب الإرهابي في الأراضي الموريتانية.
مخاوف
وهناك مخاوف في البلاد من تغلغل التمدد الإيراني، خاصة بعد أن أصبح الفكر الطائفي الإيراني ملموساً وعلنياً، في ظل وجود نشاطات مشبوهة من قبل السفارة الإيرانية وسلوك غير منضبط من طرف دبلوماسييها. وكانت موريتانيا قد قلصت مستوى تمثيلها الدبلوماسي في طهران منذ سنوات عدة إلى مستوى قائم بالأعمال فقط، وكثيراً ما انتقدت التدخل الإيراني في الشؤون العربية الداخلية.
وجاء قرار وزارة الشؤون الإسلامية بعد دعوات تحذر من خطر التغلغل الإيراني في موريتانيا عبر أدوات ناعمة يستغل فيها الدين والمال لتمزيق المجتمعات وإحداث شقاقات وأزمات أمنية داخله، ومنذ العام الماضي ظهرت دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في موريتانيا تطالب بضرورة التحرك للحد من أنشطة المتشيعين الجدد الذين أصبحوا يهددون وحدة المجتمع بزرع الطائفية وخلق مذاهب جديدة لم يعهدها الشعب الموريتاني من قبل، حيث يعتنق جميع الموريتانيين المذهب المالكي السني المعتدل.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتصدى فيها السلطات الموريتانية لمحاولات إيران اختراق المجتمع الموريتاني تحت ستار الدين، ففي العام الماضي رفضت السلطات الترخيص لاجتماع يهدف إلى تأسيس ما يسمى «المجلس الأعلى لشيعة موريتانيا»، واستدعى مدير جهاز أمن الدولة الموريتاني حينها، مجموعة من الأشخاص غير المعروفين على الساحة الدينية والعلمية، وحذرهم من المضي قدماً في محاولة تأسيس إطار تنظيمي للشيعة في موريتانيا أو أي جمعية ذات طابع طائفي أو مذهبي.
تصدير الحروب
وأكد السياسي الموريتاني البارز د. عبد السلام ولد حرمة، لـ«البيان» خشيته من سعي النظام الإيراني إلى تصدير حروبه إلى دول المغرب العربي بعد أن أشاع الفوضى والاضطرابات في الشرق الأوسط مستخدماً في ذلك أدوات تبدو في ظاهرها ناعمة وسلمية، ولكن أهدافها البعيدة هي إثارة الفتن والصراعات لتجد إيران موطئ قدم لها في هذه المنطقة التي ظلت عصية عليها لعقود.
وأضاف أن «خطورة توسع إيران يكمن في خلق الأرضية الملائمة للتوسع في نموذج حزب الله في البلدان العربية»، مؤكداً أن الحرس الثوري الإيراني هو من يشرف مباشرة على تأسيس هذه الميليشيات وتدريبها وتسلحيها، وقد تمكن حتى الآن من إنشاء نسخة من الحزب في كل من سوريا والعراق واليمن. وأضاف أن النظام الإيراني يستغل العواطف الدينية لتأجيج الصراعات وتكوين الميليشيات على أساس مذهبي لتصبح معادية لشعوبها التي تنتمي إليها بينما تدين بالولاء التام للولي الفقيه في طهران.
بدوره، حذر الصحافي الموريتاني، الخليل سيدي، من خطر المال الإيراني والدعاية الإعلامية الإيرانية التي تبث سمومها عبر الفضائيات وشبكة الانترنت، مشيراً إلى أنها باتت إحدى الأدوات الفاعلة التي تستغلها إيران في التمهيد لمشروعها التخريبي في البلدان العربية والإسلامية، مؤكداً أن الإعلام الإيراني دأب على نشر الأكاذيب وتزييف الحقائق وهو يمتلك الوسائل والإمكانيات اللازمة لبلوغ أهدافه.
وأوضح سيدي، أن ما نشهده حالياً من محاولات نشر الطائفية في موريتانيا، لعبت فيه وسائل الإعلام الإيرانية دوراً محورياً من خلال غسل أدمغة ضعاف النفوس والتأثير على مشاعرهم والسيطرة على تفكيرهم وتوجيهه نحو ما يشتهي الولي الفقيه في طهران.
مباحثات
أجرى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أول من أمس، بنواكشوط مباحثات مع الفريق أول باتر بافل رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي (ناتو).
وقال مصدر رسمي إن اللقاء استعرض علاقات التعاون بين بلادنا وحلف شمال الأطلسي والقضايا ذات الاهتمام المشترك. وبحسب مصادر مطلعة فقد تركز البحث على محاربة الإرهاب في منطقة الساحل والتنسيق وتبادل المعلومات الاستخباراتية في مجال الأمن ومواجهة التحديات الأمنية التي تهدد الأمن والاستقرار.