طبيعي أن تقوم حملة مراجعة لقّيم المجتمع في كل تحول يعيشه، ومع بداية كل عصر.
يقود هذا الإصلاح في العادة أنبياء، مفكرون وعلماء، وحتى "رجال دين"، كما حدث في حالات النبوة والدعوة، أو الاصلاح الديني في كنائس أوروبا مع مارتن لوثر.
لكن في حالات أخرى تطلق صرخة عالية في وجه المجتمع لا يصحبها إلا قوة الحبال الصوتية، أو العزف على سمفونية الشرائحية، أو ممارسة العنصرية "مقاومة لها"
إن قيّمنا تبدو منهكة قد تم الدوس عليها، وانتقصها كل واحد لصالحه حتى باتت خاوية ومثارا للسخرية، بل غدت أداة موسيقية يشكلها العازف حسب وجهته الموسيقية، لكن ذلك لا يعني أننا بالمقابل أصبحنا وجهة لكل شاتم ومريض.
حينما شكل النبي صلّ الله عليه وسلم جبهته في وجه الباطل كانت تضمّ كل ألوان المجتمع، إذ الرابط "الحق" ومعه المدار، والمستفيد المظلوم والضعيف، سواء من أين جاء وإلى من انتمى، ولم تكن صرخة خاوية في وجه لون من الناس .
لذلك فإن أي "نضال" تصحبه مآرب جانية: سواء كانت مشكلة مع التاريخ، أو "غسلا للعار" والضلال، أو حتى جلبا للأصوات في الحملات الإنتخابية شراء للولاء وتملكا للضمائر، لا يعد كذلك بل هو سمسرة فقط.
إننا جميعا نسعى إلى امتلاك قيم العدالة، والمساوات أمام الفرص، ونطالب بإنصاف المحرومين، ولكن ذلك لا يلزمنا بالاساءة للمحظوظين.
بالتالي: هناك فرق شاسع بين إصلاح القيّم أسوة بالأنبياء والمصلحين، وبين هدمها أسوة بالفيلسوف الألماني نيتشه الذي أعلن موت الإله، ولكن إلهنا لا يموت أيها "الحقوقيون المحترمون"