من المعروف والمنطقي عند الأغبياء والمتخلفين سياسيا أن من لم يستطع تحمل مسؤولية وتسيير المشروعات الصغيرة لن يستطيع بالطبع تسيير المشروعات الكبيرة ، فزعماء معارضتنا الموقرة لم يستطع أي منهم تسيير حزبه الذي لم يتجاوز منتسبوه أكثر من عشرين ألف منتسب، ولم يستطع أي منهم أن يستمر على «مبادئه» المعبر عنها خلال مسيرته «النضالية»، ولم يستطع أي منهم تسيير تجمع اتفقوا جميعا على إنشائه بمحض إرادتهم ولم يتجاوز عددهم عشرين فردا سموا أنفسهم بالائتلاف الانتخابي، ولم يستطيعوا مجتمعين الاتفاق على تسيير تجمعات حزبية قبل كل منتسبيها تطبيق ما اتفقوا عليه من سياسات ولو كانت غير مقنعة إن لم نقل طائشة.
فمنهم من قبل منتسبوه قرار تشتيتهم في الأوقات الحرجة في تاريخ بلدهم من اتحاد القوى الديمقراطية إلى اتحاد القوى الديمقراطية عهد جديد، ومن ثم إلى اتحادي قوى التقدم وتكتل القوى الديمقراطية، وأي من رؤساء هذه الأحزاب لم يتولى قيادة تنسيقيات تلك الأحزاب أو تجمعها، تلك التجمعات ذات الأسماء المتغيرة، وأي منهم استطاع أن يعطيها المعنى الذي ينطبق ولو نسبيا على اسمها، رغم طاعة منتسبيها شبه العمياء واستماعها لخطاباتهم الرنانة « الثورية »، وأي منهم استطاع تطويرها ووضع برامج وخطط لتطويرها، طيلة فترة التناوب على قيادة تلك الهياكل؟. وأي منهم لم يترشح في انتخابات شفافة وغير شفافة؟ وكل منا يعرف حصاد تلك الترشحات.
فهل يستطيع أي منهم أن يقود بلدا من أربعة ملايين من مختلف القوميات والشرائح المتصارعة والتي تشعر بالغبن منذ ميلاد دولتهم قبل ستين سنة؟ وأي منهم يستطيع إقناع كل هذه الملايين المختلفة بأنه ليس هو من لم يستطع قيادة جزب أو تنسيقية أو تجمع انتخابي؟ وأي منهم يستطيع أن يمول حملة انتخابية دون اللجوء إلى من يتصارع معه في تلك الانتخابات؟ مرشح الدولة مثلا، أليس هذا من العبث الذي عودنا عليه زعماء معارضتنا الموقرة التي لم تحصد أكثر من 10% في الانتخابات التشريعية والبلدية والجهوية الأخيرة.
بالله عليكم يا زعماء معارضتنا ضعوا أيديكم على أفواهكم واتركوا مغالطة جماهيركم التي خذلتموها أكثر من مرة، خذلتموها عندما قاطعتم الانتخابات التشريعية 1992 لأنكم فشلتم في الانتخابات الرئاسية، فبأي حق تمنعون جماهيركم من الحصول على صوت تشريعي؟ خذلتموها عندما ساندتم الانقلاب على معاوية ولد سيد أحمد ولد الطائع لأنه عسكري دكتاتوري؟ أليس الذين انقلبوا عليه هم عسكريون دكتاتوريون بالطبع؟ وخذلتموه أيضا عندما قررتم مساندة عسكريين منقلبين على رئيس مدني منتخب واعتبرتم الانقلاب حركة تصحيحية؟ وخذلتموه عندما قاطعتم الانتخابات التشريعية والبلدية لأنه لم يكن من بينكم مترشح لها؟ خذلتموه عندما رفضتم باسمه عدم المشاركة في أي حوار اقترحه النظام للخروج من الأزمة التي شعر أنه أدخل نفسه فيها، بينما أنتم لم تشعروا يوما من الأيام أنكم أنتم في أزمة وأنكم تتحملون جزء من المسؤولية في خلق وحل تلك الأزمة؟ وها أنتم تخذلونهم مرة أخرى بقولكم ندفع بمرشحين متفرقين وسنتحد في الشوط الثاني؟ عن أي شوط تتحدثون؟ وأي منكم سيصل إليه؟ أما كفاكم يا سادة يا قادة من اللعب على ذقون منتسبيكم ومناصريكم ومنتخبيكم؟.
ولم يبق إلا أن أقول ما قاله نزار قباني : دعوا أولياءنا بسلام أي أرض أعادها الأولياء، دعونا نحترم أنفسنا واحترموا أنفسكم يرحمكم الله.ش
بقلم: محمد عينين الهادي