لقد سقطت موريتانيا في مستنقعات الفساد ردحًا طويلًا من الزمن، واستضعَف المفسِدون الشعب ؛حيث نهبوا خيراته ومقدراته دون محاسبة مما شجع هؤلاء علي التباهي أمام الرأي العام دون خل. فأسرفوا في التعدي على المال العام و حرمات الدين وحقوق المجتمع وكرامة الإنسان، وتحوَّل الفساد في كثير من الأحيان من ممارسات شاذة محدودة لبعض الناس إلى مأسسة له وتبنٍ لنواديه ورعاية لمنابره, وقد تكاثر هؤلاء المفسدون في نظام ولد عبد العزيز ، وتعدَّدت راياتهم، وتفننوا في ابتكار صنوف الفساد والإفساد في كل الميادين، وكان وجودهم من الأسباب الرئيسية لعزل ولد عبد العزيز وسبب النقمة عليه. وتردِّي مكانته ومكانة االبلد؛وفي مقدمتهم الوزير ولد اجاي وولد عبد الفتاح ,و من أجل ذلك كان من الواجب علينا أن نبين للريئس الحالي محمد ولدالشيخ الغزواني مدي خطورة المفسدون علي نظامه الذي نأمل منه أن يكون مختلفا عن سلفه. ولهذا نحذر من تغوُّل المفسدين وطغيانهم في البلاد.
ومن أبرز الصفات التي جاء بيانها في القرآن الكريم: الصفة الأولى: العلو والاستكبار في الأرض فالعلو والطغيان والاستكبار في الأرض صفات ملازمة للمفسدين، كما قال تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص:83] وبضدها تتبين الأشياء، وكما قال سبحانه: {وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ . الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ . فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ} [الفجر:10-12]. ومن علامات هذا العلو والطغيان: تطاوُل المفسدين على الضعفاء وانتهاكُ كرامتهم والتعدي على حقوقهم، كما قال جل وعلا: {إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص:4]. الصفة الثانية: زخرفة القول بالباطل فالمفسدون يتدثرون بحلاوة اللسان كما يتبع المفسد ولد اجاي , وزخرفة القول بالباطل، ليخدعوا الناس، ويلبِّسوا عليهم بتغيير الحقيقة ونكران الواقع، وادِّعاء الرأفة والرحمة بالخلق ,ولقد زادت قدرتهم في الخداع، والتلبيس بتعدُّد وسائل الإعلام المعاصرة التي أسهمت في تزييف الواقع وخداع الرأي العام. قال الله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ . وَإذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة:204-205]. والبصير الفطِن يُدرِك حقيقة هذا التلبيس، ولا تنطلي عليه تلك الزخارف والألاعيب المكشوفة، كما قال سبحانه وتعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} [محمد:30]. الصفة الثالثة: الصدُّ عن سبيل الله فحال المفسدين الذين يُزيِّنون للناس الباطل ويصدونهم عن سبيل الحق، كمثل قطَّاع الطرق الذين يعترِضون سبيل الناس ويسعون في الأرض فسادًا. قال تعالى في وصف هؤلاء المفسدين: {وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف:86]، وقال فيهم جل وعلا: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ} [النحل:88: إ