أكد البنك الدولي أنه “قدم دعما كبيرا لموريتانيا في تنفيذ العديد من الإصلاحات التي ساعدتها على تحسين وضعها المالي ومناخ الأعمال التجارية وتعزيز الشفافية والحوكمة”.
جاء ذلك في ردود على مجموعة من الأسئلة وجهتها وكالة “العلم” الموريتانية المحسوبة على المعارضة إلى البنك الدولي للاستفسار حول أسباب التناقض القائم بين الصورة الإيجابية التي ينشرها البنك عن الحالة الاقتصادية والاجتماعية في موريتانيا، والحالة الصعبة التي يعيشها السكان والتي يمر بها البلد حسب تصور الوكالة.
وحول الثقة في معلومات البنك الدولي وتقاريره ذات المصدر الحكومي الوحيد، والتي لا دخل لأي جهة مستقلة ولا محلية فيها، أوضح البنك الدولي في ردوده “أنه توجد في موريتانيا، كما في بلدان أخرى قيد الإنماء، فجوة في المعلومات الإحصائية وأحيانا فجوة في الوصول إلى المعلومات، ونتيجة لذلك، يقوم البنك الدولي بمراجعة البيانات والمعلومات بعناية قبل استخدامها، كما يستخدم البنك الدولي في جميع تقاريره العديد من مصادر البيانات ويعتمد عملية مراجعة داخلية صارمة للغاية لضمان إجراء تحاليل موثوقة وشفافة”.
وطرحت الوكالة على البنك قضية مثيرة للجدل هي قبول البنك الدولي التعامل مع موريتانيا التي لم تستفد من طفرة عام 2014، حيث أنها حصلت على دخل كبير بسبب الطفرة في أسعار الحديد والذهب، لكنها مع ذلك استدانت خمسة مليارات دولار، وزادت فيها الضرائب على المواد الأساسية بستة أضعاف، كما زادت البطالة والفقر والرشوة، وارتفعت الأسعار وفشل التعليم، متسائلة عن مواصلة البنك الدولي مع ذلك تعامله مع البلد، وعما إذا كان البنك يهدف من وراء ذلك لتدمير البلد وتقوية الأنظمة الفاشلة.
وكان الجواب البند الدولي على هذه الإشكالية هو تأكيده “أن تحليله وتحليل الوكالة يختلف بعض الشيء، لأنه وفقا لآخر مسح للفقر، كان معدل الفقر في انخفاض منذ عام 2000 حتى عام 2014”.
وأضاف: “لقد ذكرنا دائما في تقاريرنا القيود التي تعيق التنمية، مثل تقرير التشخيص المنهجي عن موريتانيا المنشور في مايو 2017 ففيه صورة أكثر اكتمالا عن تحليل التنمية الاقتصادية الذي نشره البنك الدولي”، مضيفا “أنه نظرا لأن مهمته تركز على الحد من الفقر، فإن برامجه تركز على المجالات ذات الأولوية في إستراتيجية الحكومة بعد التشاور مع جميع الجهات الفاعلة في مجال التنمية في موريتانيا”.
وعن تسامح البنك الدولي مع حكومة فاسدة، ودعمه للغبن وسوء الحكامة والرشوة مما يؤدي لزيادة فرص حرب أهلية في موريتانيا، أكد البنك “أن الشراكة بين موريتانيا والبنك الدولي تعتمد على الثقة وعلى قدراته التركيز على البرامج المفيدة للتنمية وفي مكافحة الفقر”.
وزاد: “إن مكافحة الفساد هي إحدى أولوياتنا ومشاريعنا في موريتانيا وتعتمد على ضوابط صارمة”، مضيفا: “أن إدارة جميع أموال البنك الدولي تتم وفقًا لمعايير صارمة من الشفافية والمساءلة، بما في ذلك المناقصات، ومراجعة وثائق المناقصة، وإجراءات الاختيار”.
وأكد البنك الدولي “أن شراكته مع موريتانيا تسعى لتحقيق هدفين إستراتيجيين هما إنهاء الفقر المدقع بحلول عام 2030 وتعزيز الرخاء المشترك من خلال زيادة مداخيل سكان نصف عدد الدول النامية الأكثر فقرا”.
وأضاف: “تتوافق شراكة البنك الدولي مع إستراتيجية التنمية في موريتانيا، ولذا فالشراكة تشمل تقديم المنح بهدف دعم الميزانية ومساعدة الحكومة الموريتانية على تحسين الإطار التنظيمي ومهارات العمال من أجل تعزيز المنافسة، إضافة لتطوير القطاع الخاص”.
وساءلت وكالة “العلم” البنك الدولي عن استمراره في شراكته مع موريتانيا رغم ما يتم الحديث عنه من الفساد: فهناك 500 مليار أوقية تم تبديدها في الطرقات، وهناك إبرام صفقات ترمز لسوء الحوكمة والرشوة، وهناك سيطرة خمسة رجال على اقتصاد البلد، وهناك منح الصفقات لمؤسسات الدولة ومن ثم منحها لشركات خصوصية، وهناك أيضا تصفية شركات تابعة للدولة في ظروف غامضة.
وردا على هذا الإشكال المطروح، أكد البنك الدولي “أنه كرس جزءا من مهامه في موريتانيا لقضايا الحوكمة الرشيدة والاندماج الاجتماعي كما ورد في تقريره “التشخيص المنهجي للبلد حول موريتانيا الصادر في مايو 2017″، مبرزا “أن هذه القضايا لا تزال أحد المحاور الرئيسية لبرنامجه في موريتانيا، لا سيما من خلال مشروع الحوكمة، ودعم عمليات الميزانية لسياسات التنمية، ودعم مناخ الأعمال في موريتانيا”.
وفيما يتعلق بالديون، أوضح البنك الدولي “أنه يجري تحليلات معمقة لدراسة قدرة موريتانيا على تحمل الديون”.
وكان البنك الدولي قد قدم في مايو/أيار الماضي مضامين تقريره السنوي عن الوضعية الاقتصادية لموريتانيا، عبر توضيحات قدمها للصحافة ممثله المقيم في نواكشوط لوران ميسلاتي.
وأكد ميسلاتي “أن الخبر الجيد الذي تحمله نسخة هذا العام هو أن الاقتصاد الموريتاني حقق نموا معتبرا سنة 2018 بلغ 3.8 في المئة، مقارنة مع 3 في المئة سنة 2017، غير أن سوق العمل شهدت تراجعا حيث انتقلت نسبة المشاركة في النشاط الاقتصادي من 44.3 في المئة سنة 2012، إلى 41.5 في المئة سنة 2017، كما ارتفعت نسبة البطالة من 10.1 في المئة إلى 11.8 في المئة في نفس الفترة، إضافة لما شهدناه العام المنصرم من ارتفاع في حجم العجز في ميزان المدفوعات منتقلا من 14.3 في المئة سنة 2017، إلى 18 في المئة سنة 2018”.
وأكد البنك الدولي في تقريره “أن موريتانيا ما تزال تواجه تحديات كبيرة حتى يكون هناك مناخ ملائم بشكل حقيقي لنمو القطاع الخاص، خصوصا فيما يتعلق بتسهيل دفع الضرائب والربط بالكهرباء والولوج للتمويل وتسوية وسداد الديون”.
وخلص التقرير إلى أن “الاقتصاد الموريتاني يحتل موقعا متدنيا من حيث التنافسية حيث أنه يحتل المرتبة 131 من أصل 140 دولة يشملها السلم”.
واقترح البنك الدولي في تقريره على موريتانيا “القيام خلال السنوات القادمة بمعالجة مشكلة الولوج للتمويل، وفتح حوار بين الحكومة والقطاع الخاص، وتبني إستراتيجية إعلامية شفافة ومبتكرة، علاوة على ضرورة محاربة الرشوة والفساد، وتحسين مستوى قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على الولوج للصفقات العمومية”.
القدس العربي ...ووكالة الإعلامي"