بيروت: يفتح مقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي في عملية أمريكية، الأحد، الباب أمام تساؤلات حول هوية من سيخلفه على رأس التنظيم المتطرف، لكن لائحة المرشحين تبدو محدودة، وفق ما يؤكد خبراء.
وقد تفسح عملية اختيار خلف للبغدادي المجال أمام انشقاقات في صفوف التنظيم، وفق خبراء، لكن في الوقت نفسه يرى خبراء آخرون أن غياب القائد من شأنه أن يعزز موقع التنظيم الذي يتمتع بهيكلية إدارية قوية.
وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية الأحد أيضاً مقتل المتحدث باسم تنظيم الدولة الإسلامية في شمال سوريا أبو حسن المهاجر. ومن شأن ذلك أن يحدّ أكثر من الخيارات المتاحة أمام التنظيم لاختيار “خليفة” جديد بعد مقتل زعيمه.
ولم تذكر الحسابات التابعة للتنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي وفاة البغدادي أو أسماء خلفاء محتملين له.
ويبرز اسم مرشحين للحلول مكان البغدادي، هما “أبو عثمان التونسي وأبو صالح الجزراوي”، الملقب بالحاج عبد الله، وفق ما يقول الخبير العراقي المتخصص بتنظيم الدولة الإسلامية هشام الهاشمي.
ويرأس أبو عثمان، التونسي الجنسية، مجلس شورى تنظيم الدولة الإسلامية، وهو مجلس استشاري في التنظيم مسؤول عن سنّ التشريعات فيه، وفق الهاشمي. أما أبو صالح الجزراوي فهو سعودي الجنسية ويرأس ما يُعرف بالهيئة التنفيذية في التنظيم.
لكن الخبير يؤكد أن الخيارين مثيران للجدل كون الرجلان ليسا من التابعية العراقية أو السورية اللتين يشكّل المتحدرون منهما الغالبية من المنضمين للتنظيم، مشيراً إلى أن ذلك قد يؤدي إلى “انشقاقات”.
واعتبر أيضاً الأكاديمي والخبير في شؤون الجهاديين أيمن جواد التميمي أن الحاج عبد الله يعدّ مرشحاً محتملاً لخلافة البغدادي.
ويوضح تميمي أن اسم الحاج عبد الله “يرد في وثائق مسربة لتنظيم الدولة الإسلامية على أنه نائب للبغدادي، وهو لا يزال على قيد الحياة وفق ما نعلم”.
يضيف التميمي أنه “إلى جانب ورود اسمه في بعض وثائق التنظيم، لا نعرف الكثير عن الحاج عبد الله باستثناء أنه كان أمير الهيئة التنفيذية للتنظيم، وهي جهاز الإدارة العام في تنظيم الدولة الإسلامية”.
– شائعات –
وتركزت التكهنات أيضاً حول اسم القيادي البارز في تنظيم الدولة الإسلامية عبد الله قرداش، وهو ضابط سابق في الجيش العراقي كان مسجوناً إلى جانب البغدادي في معسكر بوكا الذي أدارته الولايات المتحدة في العراق.
وكان بيان نُسب إلى وكالة “أعماق” التابعة للتنظيم الجهادي قبل أشهر، لكن لم يتم تبنيه بشكل رسمي، قد أشار إلى أن قرداش اختير ليحلّ محلّ البغدادي، حتى قبل مقتل الأخير.
غير أن الخبيرين تميمي والهاشمي أكدا أن البيان المذكور مزيف.
وقال الهاشمي نقلاً عن مصادر استخباراتية عراقية إن قرداش متوفٍ منذ عام 2017، مضيفاً أن ابنة قرداش “هي حالياً محتجزة لدى الاستخبارات العراقية”.
وأشار إلى أنها “وأقاربها أكدوا أنه توفي في عام 2017″، بدون أن يعطي مزيداً من التفاصيل.
وأوضح الهاشمي أن قرداش، وهو تركماني من منطقة تلعفر في العراق، لا يملك مقومات تسمح له بتزعم التنظيم، فهو لا ينتمي لقبيلة قريش التي يشترط أن يكون زعيم التنظيم متحدّراً منها، بحسب الخبير، بمعنى أنه لا ينتمي إلى نسب الرسول محمد.
– انشقاقات –
سيرث الزعيم الجديد مهمة صعبة تتمثل بقيادة تنظيم يواجه صعوبات خصوصاً بعد خسارته أراضي واسعة، متحولاً إلى مجرّد تنظيم مسلّح قوامه خلايا نائمة قادرة فقط على أن تقوم بهجمات متفرقة بين سوريا والعراق.
وولّدت هزيمة التنظيم في آذار/مارس الماضي انقسامات آخذة بالاتساع في أوساطه، مع وجود فريق في داخله يلوم البغدادي على تلك الهزيمة.
واعتبر نايت روزنبالت وهو خبير في التنظيمات الجهادية أنه مع رحيل البغدادي “ستجد تنظيمات تابعة للدولة الإسلامية فرصة لتبديل ولائها أو على الأقل عدم مبايعة خلف البغدادي”.
ورأى الخبير أن هذا التضعضع المحتمل قد يعطي في المقابل دفعاً لتنظيمات جهادية أخرى مثل هيئة تحرير الشام التي كانت تعرف بجبهة النصرة سابقاً، وهي الفرع السابق لتنظيم القاعدة في سوريا، بالإضافة إلى تنظيم حراس الدين المرتبط بالقاعدة أيضاً.
ويحاول كلا التنظيمين استئصال “الدولة الإسلامية” من سوريا.
-“لا يهمّ”-
ليس من المحتمل أن يؤثر فراغ القيادة في التنظيم على أعماله اليومية وفق ما رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة نورث إيسترن، ماكس أبرامس.
وقال الأكاديمي: “لا يهم من سيخلف البغدادي” الذي لم يظهر علناً إلا نادراً منذ سيطرة التنظيم على أراضٍ واسعة في سوريا والعراق عام 2014.
وأضاف أن “صناعة القرار وتنظيم العمليات والتجنيد في أوساط تنظيم الدولة الإسلامية تخضع لنظام لامركزي، وأكثر لامركزية حتى من تنظيم القاعدة” الذي قتل مؤسسه أسامة بن لادن في عام 2011 في هجوم أمريكي.
وأوضح: “التساؤل بشأن خلافة ابن لادن عندما قتل كان أكثر أهمية لأن ابن لادن لعب دوراً أكبر في القاعدة من الدور الذي لعبه البغدادي في الدولة الإسلامية”.
ويقوم تنظيم الدولة الإسلامية على هيكلية إدارية دقيقة من شأنها التعويض عن خسارة زعيم التنظيم، وفق ما رأى شارلي وينتر الباحث في “كينغز كولدج” في لندن.
وأضاف الباحث: “الجماعات الجهادية القادرة على الصمود أو حتى تعزيز قوتها بعد خسارة قائدها، هي تلك التي تتمتع بتنظيم وهيكلية إدارية”.
وأوضح أن “عدداً قليلاً جداً من التنظيمات الجهادية تتمتع بتنظيم إداري كالذي يملكه تنظيم الدولة الإسلامية، ولذلك أتوقع أن يصبح أقوى وليس أن يتفكك”.
(أ ف ب