تابع الرأي العام الوطني وباهتمام قبل سنتين ملفا غامضا اصطلح على تسميته، ملف نواكشوط ـ اكردي، وهو الملف الذي طرحت أمامه عشرات أدوات الاستفهام، واعتبره الكثيرون “تحايلا غير مبرر” من طرف مؤسسة نواكشوط ـ اكردي على آلاف النساء الفقيرات.
تبدأ القصة بداية عام 2018، حيث التزم رئيس الجمهورية السابق محمد ولد عبد العزيز لمكتب مبادرة “افتح شركتك قرب أهلك” بتوفير تمويلات صغيرة عن طريق صندوق إلايداع والتنمية لكل وحدة (50 سيدة) مبلغ سقفه ا25 مليون أوقية، ليتحصل مبلغ إجمالي يبلغ 400 مليون أوقية، لصالح 8000 سيدة من السيدات الفقيرات.
كلف الرئيس مستشاريه اتيام جامبار ومحمد ولد أعمر (تولى بعد ذلك الأمانة العامة للمنظمة العربية للثقافة والعلوم)، وزوجة اتيام جامبار آيستا تام بمراقبة ومتابعة الملف بصفة عامة، توجيها وتأطيرا وتكوينا وتنظيما للمكتب وتحركاته ونشاطاته الخفية والعلنية.
جاء ذلك خلال استقبال الرئيس لمكتب المبادرة بالقصر الرئاسي يوم 16 فبراير 2018.
(التفاصيل في الفيديو المرفق من نشرة الموريتانية لنفس اليوم)
تدافعت النسوة إلى البنك، وقمن بتنفيذ الشروط المطلوبة لفتح الحسابات، ومن بين أهمهما دفع مبلغ 12500 أوقية قديمة، ليتحصل مبلغ يبلغ مليارا من الأوقية مما فتح شهية المؤطرين وغيرهم.
وفي 25 أكتوبر 2018 أرسل البنك المركزي الموريتاني بعثة تفتيش مفاجئة لمؤسسة نواكشوط ـ اكردي، برئاسة المفتش العام الناجي ولد الحسين، الذي وشح من طرف المحافظ السابق للبنك عبد العزيز ولد الداهي يومين قبل مغادرة الأخير منصبه محافظا للبنك.
أمضت البعثة شهرا، وهي تنقب وتدقق في حسابات المؤسسة، وقررت الحجز على حساباتها لدى البنوك الأولية وكذلك البنك المركزي.
ولكن لدى استقراء الوثائق ومتابعة الملف بصفة استقصائية من طرف “السبيل”، عثرنا على وثيقة بالغة الأهمية، موقعة يوم 28 مارس 2018 من طرف رئيس مجلس إدارة المؤسسة محمد عبد الله ولد أحمدناه، ورئيسة مبادرة “افتح شركتك بنفسك” بنينه بنت يحي، وموثقة لدى موثق العقود الشيخ سيديا ولد موسى، ومنشورة في الجريدة الرسمية، تنص بالحرف على تنازل المؤسسة عن تسيير المبلغ المقدر ب 400 مليون أوقية جديدة (4 مليارات قديمة) كانت سيقدمها صندوق الإيداع والتنمية بضمانة من مؤسسة نواكشوط التي رهنت مقراتها وعقارات لها كضمانة، لصالح “المشروع ذي الهدفين والوجهين: الاجتماعي والسياسي) الذي سيتفيد منه 8000 شخص، بواقع خمسين ألفا جديدة لصالح كل سيدة.
كان الدافع وراء إيفاد بعثة البنك للمؤسسة رسميا، هو الحيلولة دون تحايل يعتبره الكثيرون واقعا من طرفها على آلاف النساء الفقيرات، وهو ما يفترض أنه لن يمر مرور الكرام على البنك المركزي الوصي على معاملات البنوك الوسيطة داخل التراب الوطني، غير أن الوقائع أثبتت فيما بعد أن الأمر لا يعدو محاولة تفكيك وتحويل فكرة العملية من تمويلات صغيرة إلى حركة سياسية تزاوج بين التلويح بالعصا والجزرة؛ في سياق مطبات وحركية سياسية متحفزة كانت تشهدها الساحة الوطنية أيامها.
خصوصا وأن المؤسسة خرجت من تسيير سقف التمويل رسميا قبل سبعة أشهر من ذلك التاريخ، وصارت العهدة في الملف بين طرفين هما رئاسة الجمهورية ومبادرة ا”فتح شركتك قرب أهلك”، مع بقاء المؤسسة كضامن افتراضي للعملية تحت إكراه البنك المركزي فيما يبدو.
فماذا بعد؟
امتلأت صفحات الفيسبوك وأحاديث الصالونات بالاتهامات الواسعة على أكثر من صعيد لمؤسسة نواكشوط ـ اكريدي المتعلقة بالتلاعب بمدخرات الفقيرات، وبلغ الأمر مدى لا يطاق، وسط مطالبات واسعة من الجمهور الذي ليست لديه معطيات دقيقة عن الملف بمتابعة المؤسسة قضائيا.
في هذا الخضم دعت المؤسسة النساء المستهدفات بالعملية إلى مهرجان أمام مقر البنك، يوم 27 اكتوبر 2018، أزاح فيه رئيس مجلس إدارة المؤسسة المسؤولية عن مؤسسته، وحولها إلى رئيس الجمهورية، حيث قال مخاطبا النساء أن رئيس الجمهورية هو الذي تعهد للنساء بالتمويلات، وطلب منهن الانتظام في إطار جامع، وأن دور مؤسسته يقتصر على الوساطة.
(بالمرفق تقرير تلفزيوني عن الموضوع)
سعى القصر الرئاسي من خلال صفقة سرية مع حركة افتح شركتك لتدشين حراك سري يدرس الآلية التي تساعد على تغيير آليات مستقبل البلاد لصالح الرئيس، وكانت المبالغ المرصودة للمشاريع هي البروفات المحضرة لحلم المأمورية الثالثة الموؤود ..
التقطت المؤسسة العسكرية رسائل الحراك السري بين مبادرة افتح شركتك قرب أهلك والرئيس، وتم إجهاض المخطط بطريقة لبقة وسرية وهادئة.
السبيل