قالت مصادر إعلامية إن اتصالات سرية تجري بين المغرب وإسبانيا لإعادة المباحثات لتحديد كيفية التعامل مع وضعية مدينتي سبتة ومليلية، في مرحلة ما بعد فيروس كورونا المستجد، مؤكدة أن الرباط ترفض أن يستمر وضع المدينتين المغربيتين الواقعتين تحت الاحتلال الإسباني منذ نهاية القرن الخامس عشر، ولا يعترف المغرب إلى اليوم بمشروعية هذا الاحتلال، إلا أن إسبانيا ترفض البحث في وضع المدينتين كونهما تحت السيادة الإسبانية.
وقالت صحيفة «أخبار اليوم» إن رياح فيروس كورونا المستجد جاءت في الحدود البرية الفاصلة بين الداخل المغربي والثغرين المغربيين المحتلين سبتة ومليلية، بما تشتهيه سفن السلطات المغربية، التي كانت منذ سنة ونصف تدرس كيفية القضاء على كل أنواع التهريب المعيشي الذي يخدم مصالح الاقتصاد الإسباني على حساب نظيره المغربي. لكن الوضع في حدود الثغرين بعد الفيروس لن يكون كما قبله، إذ إن السلطات الإسبانية المحلية في سبتة ومليلية تهدد بورقة إدخال حدود الثغرين تحت سيادة الاتحاد الأوروبي رداً على الرباط التي ترفض ذلك، وتهدد بالإغلاق النهائي والدائم للحدود مع الثغرين، في حالة تغيير الوضع القائم في الاتجاه الذي لا يخدم المصالح المغربية.
وقالت الصحيفة المغربية إنه في حالة فشلت المفاوضات المرتقبة بين الرباط ومدريد في الأيام المقبلة، في إيجاد صيغة للرَّبط الاقتصادي والتجاري والسياحي مع الثغرين، فإن الإسبان يتخوفون من تحولهما إلى «مجرد موقعين عسكريين» تنعدم فيهما الحياة الاقتصادية والتجارية.
ونقلت صحيفة «الإسبانيول» نقلاً عن مسؤولين مغاربة أن السلطات المغربية، مع عودة الحياة الطبيعية تدريجياً إلى سبتة ومليلية، لا تفكر في إعادة فتح الحدود المغلقة كلياً مع سبتة ومليلية، في حال استسلمت الحكومة المركزية بمدريد لضغوطات حاكمي سبتة ومليلية، اللذين يقترحان الولوج إلى مجال «شينغن»، أي إدخال الثغرين ضمن المجال الترابي للاتحاد الأوروبي. وهذا الأمر يرفضه المغرب جملة وتفصيلاً، لأنه لا يعترف، أصلاً، بسيادة إسبانيا على الثغرين «في هذه الحالة، سيغلق المغرب كلياً الحدود». واكتفت السلطات الإسبانية في سبتة ومليلية بالتعليق على مستقبل الحدود بين الجانبين «لسنا متأكدين من أن المغرب سيقضي على التهريب المعيشي».
وقالت إن المغرب أغلق الحدود كلياً في 13 آذار/ مارس الماضي، تجنباً لتفشي الوباء، ولا يفكر في إعادة فتحها قبل التفاوض مع مدريد حول «نموذج جديد للحدود يتمركز على السياحة» بدل التهريب المعيشي، أي أن عملية الدخول والخروج من الثغرين ستقتصر على الأشخاص ووسائل النقل الخاصة، فيما سينتهي التهريب المعيشي في صيغته الأولى.
ويدرس المغرب إمكانية تحويل التهريب المعيشي إلى تجارة مهيكلة تخصص لها جمارك جديدة في الموانئ المغربية، ومنحها بعض الامتيازات الضريبية مقارنة مع السلع الآتية من مناطق أخرى.
وتلقت سلطات مدينة الناظور/ شمال المغرب والقريبة من مليلية تعليمات الأسبوع الماضي من الرباط، لتنصيب «أنظمة إلكترونية في المعابرالحدودية التي تربط المغرب بمليلية: معبر بني أنصار وفرخانة والحي الصيني».
وتقول الأوساط المغربية إن ما بعد كورونا لن يعرف فقط إلغاء القضاء على التهريب المعيشي، بل سيتم إلغاء اعتماد البطاقة الوطنية في ولوج سكان الناظور وضواحيها إلى مليلية، إذ سيتوجب عليهم ختم جواز السفر وأن الحركة في المعابر في حالة إعادة فتح الحدود ستقتصر على الأشخاص ووسائل النقل الخاصة، فيما سيوجه التهريب المعيشي على شكل تجارة مقننة إلى مينائي طنجة المتوسط والناظور.
وتقول المصادر المغربية: «يجب أن تدخل السلع إلى المغرب انطلاقاً من الجزيرة الإيبيرية، باستثناء الإخراج مؤقتاً، وبترخيص فائض السلع الذي تسبب فيه إغلاق الحدود»، وهذا الاستثناء ينطبق على مليلية، لأن التهريب من سبتة مُنع منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وقالت الصحيفة الإسبانية إن المغرب رسم نموذجاً للحدود البرية المستقبلية مع سبتة ومليلية، بعيداً عن التهريب المعيشي وقريباً من السياحة والترفيه. لأنه يريد أن يوجه التجارة مع سبتة إلى الموانئ، وخاصة ميناءي طنجة المتوسط والناظور، ويرغب في أن يجعل من سبتة ومليلية امتدادا لشواطئه في الشمال، الموجهة بشكل رئيس للترفيه واستقطاب السياح الأوروبيين.
ومن المقرر عقد لقاء يجمع مسؤولين مغاربة وإسباناً يوم الأربعاء المقبل لبحث مصير عملية عبور المضيق للجاليات المغربية القادمة من أوروبا لقضاء الصيف في المغرب والتي تبدأ مع منتصف حزيران/ يونيو الجاري، ثم لقاء آخر، بعد كورونا، للتفاوض حول القضايا الترابية.
ونقلت الصحيفة الإسبانية عن مصادر وزارة الداخلية المغربية أن البديل الذي يطرحه المغرب في حالة عدم التوصل إلى اتفاق مع إسبانيا هو «الإغلاق الشامل للمعابر الحدودية، ومراقبة المجالين الجوي والبحري، وهو الشيء الذي سيُحوِل الثغرين إلى مجرد موقعين عسكريين»، وأنه «في حالة رفضت إسبانيا (المخطط المغربي)، فسيكون عليها اتباع نموذج الصخور (الجزر المغربية المحتلة)، والعودة إلى النموذج العسكري في سبتة ومليلية، عن طريق إعادة توحيد القواعد العسكرية