تستمر فرنسا في البحث عن حلفاء للدفاع عن سياستها في الملف الليبي وأصبحت تتحدث عن أمن الشرق الأوسط الذي لا يمكن تركه في يد دول ثالثة غير الغرب، لكن ما حملته الأزمة الليبية هو أن دول شمال أفريقيا تخلت عنها لأول مرة في ملف دولي بشكل جماعي.
وتحاول فرنسا التلويح بمبررات متعددة في محاولة للحصول على الدعم الدولي وخاصة من الاتحاد الأوروبي، فتارة تلوح بخطر الهجرة السرية في حال تفتت ليبيا، وتارة تلوح بأهمية النفط الليبي للقارة الأوروبية وخاصة جنوبها، ثم ما أصبح يشدد عليه الرئيس إيمانويل ماكرون اليوم وهو عدم ترك ملف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في يد دول ثالثة.
ولم تحصل فرنسا على دعم عدد من الدول ومنها بريطانيا التي انسحبت من الملف الليبي، بينما ألمانيا لم تقبل سياسة باريس المزدوجة، في حين اصطفت الولايات المتحدة مع حكومة الوفاق، وتميل إيطاليا إلى تركيا في النزاع الفرنسي-التركي. ولعل الخسارة الحقيقية لفرنسا هي خسارتها لدول شمال أفريقيا المغرب والجزائر وتونس.
ويعد المغرب حليفا استراتيجيا لفرنسا في المنتديات الدولية بسبب المصالح الدبلوماسية أساسا، إذ تدعم الرباط مبادرات باريس والعكس صحيح، لكن هذه المرة في الملف الليبي يقع العكس. فقد أخذت الرباط مسافة من باريس واعتبرتها بطريقة غير مباشرة سياسة تدميرية للوضع الليبي وتعاكس مقررات قمة الصخيرات (جنوب الرباط) التي كانت قد منحت الشرعية لحكومة الوفاق. ووجهت لباريس انتقادات بسبب التنسيق الحاصل بينها وبين الإمارات.
واعتادت الجزائر وموريتانيا التنسيق الجزئي والمحدود مع فرنسا في الملفات الدولية رغم الجفاء الحاصل بينهما في الكثير من المناسبات. لكن هذه المرة، تبنت الجزائر سياسة حذرة من باريس، وتبحث عن الحل في أنقرة وموسكو، حيث قام مسؤولون جزائريون بزيارات للعاصمتين للتباحث في هذا الشأن، وآخرها زيارة وزير الخارجية صبري بوقادوم إلى موسكو هذا الأسبوع. ولا ترتاح الجزائر لنوايا فرنسا في ليبيا بل ترى أنها مقدمة لمحاولة زعزعة الاستقرار في شمال أفريقيا وأساسا الجزائر. وكان هذا البلد قد ألمح الى دور فرنسي لاستغلال الحراك الشعبي.
وبدورها، لم تنحاز تونس إلى سياسة باريس في ليبيا رغم زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد الى فرنسا الشهر الماضي وتناول هذا الموضوع ,كما تتحفظ انواكشوط في موقفها من الأزمة الليبية وتفضل الحل السلمي واللجوء الي طاولة المفاوضات من اجل انقاذ ماتبقي من ليبيا