السيد المستشار لقد تحدث ابن خلدون في المقدمة عن ظلم المسؤلين في الدولة وقال قولته المشهورة , هذا القانون الاجتماعي في فصل بعنوان (فصل بأن الظلم مؤذن بخراب العمران) حيث يقول بأن هناك آلية لقيام الدولة وعمرانها للأرض وأن العمران لا يأتي إلا برفع الظلم عن الناس حتى يطمئنوا على أنفسهم وحقوقهم وممتلكاتهم وذلك لن يستقيم إلا بالعدل, فإذا مد الحاكم يده إلى أملاكهم
ويروي ابن خلدون في مقدمتة قصة رئيس الكهنة "الموبذان" مع السلطان "بهرام" فقد كان رئيس الكهنة "الموبذان" يتمشى مع السلطان "بهرام" في أحد الغابات فسمع السلطان صوت طائر البوم فقال السلطان لرئيس الكهنة "هل تعرف لغة الطيور أيها الكاهن؟"قال "نعم أيها السلطان" قال "فماذا يقول هذا البوم؟" قال الكاهن "إنه يخاطب بومة يرغب في الزواج منها, ولذا فهو يخطب ودها ولكنها تتمنع عليه" قال السلطان: "وماذا تطلب؟ قال الموبذان: "إنها تقول أن مهرها هو خراب عشرين قرية" قال السلطان: "فبماذا أجابها؟" قال الموبذان: إنه يقول لها: "إن أطال الله في عمر مولاي السلطان فسيكون مهرك خراب ألف قرية وليس عشرين.
فالتفت إليه السلطان وقال: "ويحك أيها الموبذان, إن كلامك فيه ألغاز وإيحاءات كثيرة, فماذا تقصد؟" قال الموبذان: "هل يعطيني مولاي الأمان في كل ما أقول؟ قال السلطان: "لك ذلك". وعندها اختلى الموبذان بالسلطان وقال له إذا بقيت الحال هكذا يا مولاي, خرب ليس ألف قرية بل كل السلطنة. قال له وضح لي ماذا تقصد؟, قال الموبذان" "أن الظلم عم السلطنة وأن الناس أصبحوا يخافون على أنفسهم من المتنفذين, فالسجون امتلأت بالناس من دون سبب الا لمطالبتهم بحقوقهم، والأمكنة الحساسة في السلطنة أصبح يملئها الأشخاص غير الأمناء وذوي الكفاءات ، والسلطة استحوذ عليها أصحاب المصالح الذين لا يصدقونك القول. وهذا يجرنا إلى حديث الحكيم الصيني "كونفوشس" عندما سأله تلميذه ما هي الأشياء التي يجب أن يوفرها الحاكم إلى رعيته حتى يستتب له الأمر؟ فقال له "كونفوشس" هي ثلاثة: لقمة العيش ، الأمن ، وثقة الناس في عدله. فسأله التلميذ فإذا كان لنا أن نستغني عن أحدهما فما هو؟ فرد الحكيم "الأمن" فسأله التلميذ فإذا كان لنا أن نستغني عن أحد الشيئين الباقيين فأيهما نضحي به؟ فقال له في هذه الحالة نستغني عن القوت لأن الموت كان دائماً مصير الناس وقد يموت بعضا منهم, لكنهم إذا فقدوا الثقة في عدل الحاكم فلن يبقى شيئا يحيون من اجله لأن العدل أساس الحياة.
وعلى العقلاء وأصحاب الرأي الراجح من مستشارين ووزراء وقضاة وعلماء وفقهاء ووجهاء وأعيان في موريتانيا أن يُدركوا أنّ هذا البلد يعاني من الظلم وعدم العدالة بين الناس وهذا يؤدي الي خراب الأمة وعلي المستشار محمد ولد مولاي أن يدرك هذه الحقيقة, وأن لا ينجر وراء عنتريات الوزير ولد سالم الذي لايفقه في العدالة شيء, إن تعميم الوزير الأول محمد ولد بلال جاء في وقته حيث صدرت تعلميات من ريئس الجمهورية بفصل السلطات واعتبار القضاء مستقل لاسلطة لاحد عليه وهذا من اجل ترسيخ مبدأ العدالة بين المتخاصمين والإدارة هي اكثر من يظلم الناس,عليه ان يعرف أن الظلم ظلمات يوم القيامة ,ويجر البلاد إلى مزيدٍ من المعاناة، فلم يَعُدْ هناك فرقٌ عند الناس بين الحياة والموت، بل صار حُبُّهم إلى الموت بعزة وكرامة أحبَّ إلى قلوبهم من العيش بذلة واستعباد وهذ ا الإحساس يجعل من الوزير الأول محمد ولد بلال يتسرع إلي تنفيذ الأحكام القضائية نظرا لخطورة تجاهلها.كما أن احساس المظلوم بالظلم كاإحساس القابض علي الجمري فهل تستطع أيها المستشار أن تتحمل القبض علي الجمر لثاواني.