هل تحاول موريتانيا التوسط بين المغرب والبوليساريو بعد التقارب الأخيربين الرباط وانواكشوط؟

جمعة, 27/11/2020 - 11:38

منذ أن اندلعت أزمة الكركرات الحدودية بين المغرب وجبهة البوليساريو، والمراقبون ينتظرون رد فعل موريتانيا التي تضررت اقتصاديا لأسابيع بسبب إغلاق المعبر.

ورغم أن نواكشوط تفضل موقف الحياد في نزاع الصحراء الغربية، إلا أن الأزمة الأخيرة دفعتها إلى اتخاذ خطوات منها التواصل مع الرباط والبوليساريو معا.

ويوم الجمعة الماضي، جرت مكالمة هاتفية بين العاهل المغربي، محمد السادس، والرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، وهي الأولى من نوعها. وخلالها، عبّر الملك عن استعداده لزيارة موريتانيا، وهو ما اعتبره البعض بداية الانفراج في العلاقات المتوترة منذ سنين بين البلدين.

لكن هناك من يرى أن موريتانيا بادرت إلى التواصل مع طرفي نزاع الصحراء الغربية لنزع فتيل الأزمة، خاصة وأن الرئيس الغزواني استقبل أيضا، بداية هذا الأسبوع، وزير خارجية جبهة البوليساريو، محمد سالم ولد السالك، ووفدا مرافقا له.

ويقول مراقبون إن نواكشوط تحاول التوسط بين الجبهة والمغرب لوقف المناوشات العسكرية في حدودها الشمالية والرجوع إلى طاولة المفاوضات، بعد أن ألغت البوليساريو رسميا اتفاق وقف إطلاق النار ردّا على تدخل الجيش المغربي في الكركرات.

"أصوات مغاربية" حاورت المحلل السياسي الموريتاني المقيم في واشنطن، محمد الأمين بوعمامة، حول الموضوع:

في ظل التقارب الأخير بين الرباط ونواكشوط، البعض يتحدث على أن موريتانيا تحاول التوسط بين المغرب والبوليساريو لحل مشكل الكركرات والرجوع إلى وقف إطلاق النار. هل ترى أن موريتانيا تتوسط بين الطرفين لنزع فتيل هذا النزاع؟

بالتأكيد لموريتانيا دور في الموضوع، وتسعى لحل هذا النزاع بأي طريقة شرط أن يكون هذا الحل عادلا ومنصفا لجميع الأطراف، وليس لحساب طرف على الآخر، وهذا هو الأهم دائما بالنسبة لموريتانيا.

فوضع موريتانيا، التي حاربت جنبا إلى جنب مع المغرب ضد البوليساريو ـ وتقنيا ضد الجزائر أيضا ـ  في الستينيات من القرن الماضي، يختلف عما هو عليه الآن. المواقف تتغير مع الوقت وتقييم الوضع يتغير أيضا حسب معطيات المرحلة. اليوم، مقتضيات الأرض والوجود تفرض على موريتانيا موقف الحياد.

 

كانت هناك مكالمة هاتفية هذا الأسبوع بين العاهل المغربي، محمد السادس، والرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، وفي الوقت نفسه استقبل الأخير وزير خارجية البوليساريو ووفدا مرافقا له. كيف تقرأ هذه التحركات؟

 

موريتانيا تريد الاستقرار في منطقة الكركرات، لأن أي نوع من الاستقرار هو في مصلحتها وقيمة مضافة لها وللشعب الموريتاني.

 

بالطبع، حياد موريتانيا تجاه هذا الملف لا يخدم المغرب ولا مصالحه، لكنه يخدم جبهة البوليساريو والقضية الصحراوية الحاضرة في جميع المحافل الأممية، كالجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

 

 مادام الطرفان (المغرب والبوليساريو) غير متضررين بنفس النسبة، فيمكن القول إن تداعيات النزاع قد تكون أبعد مما هو عليه اليوم، ويمتد أطول مما قد يفترضه البعض.

 

أما بالنسبة للمغرب الذي يريد استقطاب موريتانيا لتكون طرفا داعما له - خاصة وأنها متضررة بشكل مباشر من النزاع - فأنا أعتبر أنها خطوة ذكية جدا، لأن أي شيء يُضاف إلى الملف يعزز موقف المغرب من القضية.

 

أما بخصوص البوليساريو، فكل ما تريده هو على الأقل أن تضمن حياد موريتانيا من نزاع الصحراء.

 

هل تعتقد أن موريتانيا ستميل نحو المغرب قليلا في هذا الملف، خاصة بعد ما سُماه البعض مؤخرا بـ"الانفراجة الدبلوماسية"؟

 

صراحة لا أعتقد. موريتانيا لا يمكن أن تميل نحو المغرب الآن على حساب القضية الصحراوية والجزائر في نفس الوقت، لسبب وجيه جدا: موريتانيا الستينات حين دخلت الحرب أيام الملك الحسن الثاني كانت بلدا مستقلا لا يزيد عمره الافتراضي عن عمر الصحراء في شيء تقريبا.

 

الآن موضوع الحياد من عدمه مرتبط بطبيعة الضغوط على البلد. هل من الوارد اليوم أن يكون على موريتانيا ضغوط مثل الضغوط الإسبانية والفرنسية في ذلك الوقت ليحدث ما يعرف بـ"اتفاق مدريد"؟  لا أعتقد.

 

هل من الوارد اليوم أن تضر موريتانيا بالمصالح المغربية أو أن يكون لها ضلع في الإضرار بمصالحه؟ أيضا لا أعتقد.

 

موريتانيا تحاول أن تمسك العصا من الوسط بين جميع الأطراف. وإن طُلب رأيها، فتدخّلها سيكون دائما لحل موضوع الصحراء والمغرب بشكل يكفل الحقوق لجميع الأطراف، خصوصا أن الجزائر موجودة على الخط أيضا في هذه القضية.

 

كيف تقرأ رغبة العاهل المغربي في زيارة موريتانيا في هذا الوقت بالتحديد؟

 

كما ذكرتُ قبلا، فالمغرب يحاول استقطاب الموقف الموريتاني، لأنه مهم في المحافل الدولية، وسيشكّل قيمة مضافة للملف المغربي.

 

وأيضا قضية معبر الكركرات تمس  رابطا من روابط العلاقات المغربية مع جميع دول أفريقيا، فالدول المتضررة (من إغلاق المعبر) ستساعد المغرب في هذا الملف، لذا من المهم للملك الآن استقطاب جميع رؤساء هذه الدول ومواقفهم.

 

ا ستقبال موريتانيا الأخير لوفد البوليساريو أغضب بعض المغاربة. كيف تجد الموقف المغربي حيال الدبلوماسية الموريتانية في هذا الملف؟

 

لكي أكون محددا جدا في هذه النقطة، موضوع الصحراء هو نزاع تاريخي عالق منذ أكثر من 45 سنة بين المغرب والبوليساريو، لكن الملف يلقي بظلاله على جميع دول المنطقة.

 

 نحن في موريتانيا ورغم وجود حرب بيننا وبين الجبهة في السبعينيات، إلا أن هذا لا يلغي أن البوليساريو موجودة على الأرض، ولا يلغي أن الصحراويين عندهم حقوق يطالبون بها تجاه المملكة المغربية، وبالتالي حالها هي حال الجبهة اعتيادية جدا في أي حركات قامت بها عبر التاريخ الحديث.

 

فلا مناص من أن يجلس الجميع على طاولة المفاوضات كما حدث في جنوب السودان وأقاليم العراق وفي سائر الدنيا حول العالم.

 

 ملف الصحراء ليس وضعية خاصة، وموريتانيا لا تستطيع أن تسقط وجود ما يعرف بالصحراء الغربية أو جبهة البوليساريو أو اعتبارها مجرد منظمة مارقة كما يعتبرها المغرب.

 

موريتانيا لها قراءة تخصها والجزائر أيضا، وأي بلد في المنطقة له قراءة تخصه تجاه الحركات السياسية والبلدان عامة.