"عبد الناصر الذى لا نعرفه".. أسرار جديدة عن الرئيس الراحل كشفتها زوجته تحية.. تعرف عليها من خلال زيارات عمه وزوجته لعائلتها.. وشقيقها لم يوافق على الزواج فى البداية ووافق فى المرة الثانية وحدد ميعاد المقابلة جمال عبد الناصر وزوجته تحيه
شقيق تحية اشترط حضوره أو شقيقتها خلال زيارة الرئيس الراحل لخطيبته مرة أسبوعيا وقبل جمال كل ما أملاه عليه
الرئيس الراحل مداعبا لأولاده وهو يضحك : الوحيد فى العالم الذى أملى على شروط وقبلتها هو عبد الحميد كاظم
تحية كاظم عن زوجها خلال فترة الخطوة: كان لا يضيع وقتا هباء بدون عمل شئ وكل الخروج كان بالتاكسى وكان يفضل السينما وأحيانا المسرح
جمال عبد الناصر كتب على دبلة تحية تاريخ 14 يناير وهو تاريخ أول يوم زارها فيه
تحية كاظم عن أول يوم وصلت فيه لبيت الزوجية: لم أكن رأيت المسكن من قبل ولا الفرش أو الجهاز و صعدنا السلالم حتى الدور الثانى ثم حملنى حتى الدور الثالث
زوجة الرئيس الراحل: صرفت فى تأسيس المنزل مما ورثته من أبى وبدأت حياتى بسعادة مع زوجى الحبيب وكنا نعيش ببساطة بمرتب جمال
تحية كاظم تكشف أول خروجة لها مع جمال عبد الناصر بعد الزواج: أول مرة خرجت كان بعد ثلاثة أيام من زواجنا وذهبنا للمصور أرمان لنرى بروفة الصور
كشفت كيف وقف جمال عبد الناصر بجوار شقيقها خلال محنة مرضه في وقت تخلى عنه شقيقاته البنات
حياة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مليئة بالتفاصيل والأسرار، بعيدا عن الحياة السياسية الشاقة، والعمل الوطنى الذى تميزبه، إلا أن الحياة الخاصة بها الكثير من اللحظات الهامة التي لا يعرفها الكثيرون، وفى الذكرى الـ 103 لميلاد عبد الناصر، اخترنا أن نسلط الضوء على بعض جوانب تلك الحياة الخاصة ولم نجد أفضل من مذكرات زوجته تحية كاظم لتكشف الكثير من الجوانب الخفية عن حياة الزعيم الراحل، كما تقول الحكمة "وراء كل رجل عظيم امرأة"، وبالتالي فإن زوجة الرئيس الراحل كان لها دور كبير فيما وصل إليه جمال عبد الناصر ولذلك فإن حديثها عنه يتكسب أهمية خاصة.
وخلال قرائتنا لمذكرات زوجة الرئيس الراحل، لفت انتباهنا حديثها عن لحظة لا تنسى في حياة الزعيم وهو اليوم الذى تقدم فيه للزواج تحية، وكان جمال عبد الناصر يشق حينها حياته السياسية والوطنية، بعد التحاقه بالكلية الحرية وتخرجه منها، واصبح يرسم لنفسه نمط حياة كان سببا كبيرا لأن يصبح الزعيم الوطنى الخالد كما يلقبه الكثيرون.
زفاف جمال عبد الناصر (2)
وتقول تحية كاظم خلال مذكراتها وهى تحكى عن كيف تقدم لها جمال عبد الناصر: كانت عائلتى على صداقة قديمة مع عائلته ، وكان يحضر مع عمه وزوجته التى كانت صديقة لوالدتى ، ويقابل شقيقى الثانى ، وأحيانا كان يرانى ويسلم على، فعندما أراد أن يتزوج أرسل عمه وزوجته ليخطبانى، وكان وقتها برتبة يوزباشى، فقال أخى - وكان بعد وفاة أبى يعد نفسه ولى أمرى - إن شقيقتى التى تكبرنى لم تتزوج بعد .. وكان هذا رأى جمال أيضا ، وقال : إنه لا يريد أن يتزوج الآن الا بعد زواج شقيقتى .. إنشاء الله يتم الزواج ، وبعد حوالى سنة تزوجت شقيقتى ..بعدها لم يوافق أخى على زواجى .. لقد كانت تقاليد العائلة فى نظرى أن لى الحق فى رفض من لا أريده ولكن ليس لى الحق فى أن أتزوج من أريده ، وكنت فى قرارة نفسى أريد أن أتزوج اليوزباشى جمال عبد الناصر.
وتضيف زوجة الرئيس الراحل: بعد شهور قليله توفيت والدتى فأصبحت أعيش مع أخى وحيدة اذ كان أخى الثانى فى الخارج وكان أخى يتولى ادارة ما تركه أبى الذى كان على جانب من الثراء ، وكان أخى مثقفا اذ كان من خريجى كلية التجارة أى يحمل بكالوريوس ، ويشتغل فى التجارة والأعمال المالية والصفقات فى البورصة ، وكان شديد فى البيت .. محافظ لأقصى حد لكنه فى الخارج كانت له حياته الخاصة ..ومكثت مع أخى بضعة شهور وأنا وحيده تزورنى شقيقاتى من وقت لآخر ، وفى يوم زارتنا شقيقتى وقالت : إن عم اليوزباشى جمال عبد الناصر وزوجته زاروها وسألوا عنى ، وقالوا لها : إن جمال يريد الزواج من تحية ، وطلبوا أن تبلغ أخى .. فرحب أخى وقال : إننا أصدقاء قدماء وأكثر من أقارب ، وحدد ميعادا لمقابلتهم ، وكان يوم 14 يناير سنة 1944 .
زفاف جمال عبد الناصر (3)
وتستطرد تحية كاظم: قابلت جمال مع أخى ، وتم تحديد الخطوبة ولبس الدبل والمهر وكل مقدمات الزواج بعد أسبوع ، وطبعا كان الحديث بعد أن جلست فى الصالون فترة وخرجت . .وفى يوم 21 يناير سنة 1944 أقام أخى حفلة عشاء .. دعونا أقاربى ، وحضر والده وطبعا عمه وزوجته ، وألبسنى الدبلة وقال لى إنه كتب التاريخ يوم 14 يناير .. وكان يقصد أول يوم أتى لزيارتى ، ثم أضاف أنه عندما زارنا لم يحضر لرؤيتى هل أعجبه أم لا - كما كانت العادة فى ذلك الوقت - هذا ما فهمته من كلامه معى ، وقال له أخى : إن عقد القران يكون يوم الزفاف بعد إعداد المسكن ، وإنه يحضر مرة فى الأسبوع بحضور شقيقتى أكبرنا أو بحضوره هو ، وطبعا كان وجود أخى فى البيت قليل فكانت شقيقتى تحِضر قبل وصوله . وقبل جمال كل ما أملاه عليه أخى ، وقد أبدى رغبة فى الخروج معى طبعا بصحبة شقيقتى وزوجها فلم يمانع أخى ولاحظت أنه لا يحب الخروج لنذهب لمكان مجرد قاعدة أو نتمشى فى مكان ، بل كان يفضل السينما وأحيانا المسرح .. وكان الريحانى ، وكنت لم أرى الا القليل فكل شئ كان بالنسبة لى جديد .. أى لا يضيع وقتا هباء بدون عمل شئ ، وكل الخروج كان بالتاكسى ، والمكان الذى نذهب اليه السينما أو المسرح يكون بنوار أو لوج ، وكنا نتناول العشاء فى بيتنا بعد رجوعنا .
وتنتقل زوجة جمال عبد الناصر إلى يوم زفافها والتحضير له قائلة: بعد خمسة أشهر ونصف تم زفافى لليوزباشى جمال عبد الناصر وكان يوم 29 يونيه سنة 1944 ، وأقام لى أخى حفلة زفاف .. بعد عقد القران مباشرة خرجت مع جمال للذهاب للمصور " أرمان " ، وكان حجز ميعاد من قبل ، وكانت أول مرة أخرج معه بدون شقيقتى وزوجها . ملأنا عربة بأكاليل الورد لتظهر فى الصورة ، ورجعنا البيت لنقضى السهرة ، وفى الساعة الواحده صباحا انصرف المدعوون وانتهى حفل الزفاف ، وكنا جالسين فى الصالون - هو وأنا- فدخل شقيقى ونظر فى ساعته وقال : الساعة الآن الواحدة فالتبقوا ساعة أخرى أى حتى الساعة الثانية ، ولم يكن يوجد أحد حتى أقاربى روحوا ، وكان بادى عليه التأثر فقال له جمال : سنبقى معك حتى تقول لنا روحوا .
زفاف جمال عبد الناصر (4)
وتابعت تحية كاظم: فى الساعة الثانية صباحا قام أخى وبكى ، وسلم على وقبلنى وقال : فلتذهبا ، أما أنا فانحدرت من عيناى دمعة صغيرة تأثر لها جمال، وأذكر فى مرة وكنا جالسين على السفره وقت الغداء وكل أولادنا موجودين وجاءت ذكرى أخى فقال الرئيس لأولاده وهو يضحك : الوحيد فى العالم الذى أملى على شروط وقبلتها هو عبد الحميد كاظم وضحكنا كلنا.
وتكشف زوجة الرئيس الراحل أولى أيام الحياة الزوجية قائلة: لم أكن رأيت المسكن من قبل ولا الفرش
أو الجهاز كما يسمونه ، وكان فى الدور الثالث، صعدنا السلالم حتى الدور الثانى ثم حملنى حتى الدور
الثالث .. مسكننا ، وكان طابقا بأكمله ، وله ثلاث أبواب .. باب على اليمين وباب على اليسار وباب على الصالة، الأول يوصل لحجرة السفرة ، والثانى لحجرة الجلوس ، والثالث وهو باب الصالة فى الوسط . وجدنا البيت كله مضاءا مكون من خمس غرف ، أمسك جمال بيدى وأدخلنى كل حجرات المنزل لأتفرج عليه ، وقد عجبنى كل شئ وأنا فى غاية السعادة .
زفاف جمال عبد الناصر
وتتابع تحية كاظم: صرفت فى تأسيس المنزل مما ورثته من أبى .. وكان لا يقارن بثراء أخى، وبدأت حياتى بسعادة مع زوجى الحبيب وكنا نعيش ببساطة بمرتب جمال ، وتركت أخى وثرائه ولم أفتقد أى شئ حتى التلفون .. لم أشعر أن شئ ناقص ونسيته ، وأول مرة خرجت كان بعد ثلاثة أيام من زواجنا وذهبنا للمصور أرمان لنرى بروفة الصور ، وكانوا اثنين قال لى جمال : اختارى التى تعجبك واخترت الصورة التى هى معلقة فى صالون فى منشية البكرى مع صور أولادنا الآن .
وتتحدث زوجة جمال عبد الناصر عن شهورها الأولى في منزل الرئيس الراحل وبداية الحمل قائلة: ابتدأت أشعر بحمل فاصطحبنى لدكتور مشهور فقال لى: إنه يجب أن يتابعنى مدة الحمل، فكان جمال يذهب معى كل شهر حسب تعليماته، لم يكن عندنا مراسلة أى العسكرى، الذى يكون مع الضابط فى منزله، إذ كان جمال يكره نظام المراسلة ويقول إنه نظام خاص بالضابط فقط، لكن البعض وهم الأغلبية يعاملونهم كخدم للأسرة وأكثر، لأنه لا يملك أن يشتكى أو يتظلم إذا ثقل عليه الشغل أو عومل بقسوة أو أن يترك المنزل ويبحث عن شغلة أخرى، وكنت على رأيه، كما كان يعتبر أن فى الطريقة هذه امتهانا لكرامة وعزة الجندى، كنت أقوم بتجهيز البدلة الرسمية بنفسى النجوم والأزرار أعطيها للشغالة تلمعها، وأنا أركبها فى البدلة إذ كانت فى ذلك الوقت تركب بدبل نحاسية، وأذكر أنه مرة كان يزورنى قبل الزفاف وكان يرتدى البدلة العسكرية فسألته عن النجوم التى على الأكتاف وكيف هى معلقة فأدار الجزء الملحق بكتف البدلة وأرانى فوجدتها دبلا نحاسية تعلق من ثقوب صغيرة بالنجمة التى بها زردية صغيرة وقال: ها هى وطبعا ضحكنا.
وتتابع تحية كاظم قائلة: سافرت الشغالة لبلدها فى الريف، وكان لا بد أن يكون أحد فى المنزل، فأحضر جمال مراسلة وقال لى: إنه خاص به يقوم بلوازمه ويشترى لنا ما يلزمنا فقط، فكنت أنفذ رغبات جمال بدقة وأنا سعيدة ومقتنعة بكل شىء يقوله، وكان المجندون فى ذلك الوقت من أسر فقيرة أو أولاد الفلاحين المعدمين الذين يشتغلون فى أراضى الملاك الأغنياء، ولم يستطيعوا أن يدفعوا عشرين جنيها البدلية، استمر جمال فى المذاكرة لدخول الامتحان فى ديسمبر والضباط وغير الضباط يحضرون واحدا بعد الآخر أو اثنين، وأحيانا يجتمع عدد كبير يملأ الصالون ويمكثون وقتا طويلا، وعند حضورهم لا يحضرون فى وقت واحد ولا ينصرفون فى نفس الوقت أيضا، وهذه الاجتماعات كانت على فترات أكثر من أسبوع، فكان فى الأيام الأخيرة قبل الامتحان يذاكر حتى الصباح، وكان عدد من الضباط يحضرون ويدخلون حجرة السفرة، وأكثرهم مذاكرة معه عبدالحكيم عامر، وفى مرة أحضر معه زوجته لتبقى معى وهو يذاكر مع جمال وفى الأيام الأخيرة قبل الامتحان حضر ضابط اسمه زكريا محيى الدين، كان يدخل لجمال وهو يذاكر فى حجرة السفرة، وكنت أسمعه وهو يدقق فى فهم العلوم ويكرر، وقد ميزت صوته أيضا من تدقيقه فى الفهم وترديده الجملة، وقال لى جمال عنه إن والده يملك عزبة وإنه لم يتزوج بعد، وكان يحضر بعربته الخاصة الجديدة.
كما تتحدث تحية كاظم عن وقوف جمال عبد الناصر بجانب شقيقها خلال محنة مرضه قائلة: سنة 1946 فى آخرها مرض عبدالحميد شقيقى بصدره "درن"، ومكث فى البيت راقدا فى السرير، وأخى الثانى كان يسكن فى بيت آخر بعد رجوعه من الخارج.. يعنى كل بمفرده، وكنت فى حملى الثانى وكانت زياراتنا له قليلة، وبعد مرضه كان جمال يزوره كثيرا ويجلس معه، وكان يقول لى كثيرا عند رجوعه البيت بالحرف: أنا عديت على أخوكى، فكنت أسأله عنه، وطبعا كان يطمئننى ويقول: مكثت معه نتحدث، على عكس أقاربى.. قلت زيارتهم له، وعندما يزورونه يكون ذلك بتحفظ، يعنى من باب الحجرة، وكان جمال يقول: إزاى واحد يخاف من مريض يعديه بالمرض! أنا عمرى ما خفت ولا فكرت فى عدوى من مريض، إنه شىء غير إنسانى. دخل أخى المستشفى وأجريت له جراحة فى رئته، وعندما خرج من المستشفى وفى نفس اليوم زاره جمال فى المساء وبقى معه حتى الثالثة صباحا ــ وكنت أوشكت على الوضع وعندما رجع للبيت قال لى: أنا من وقت ما خرجت وأنا جالس مع عبدالحميد إذ وجدت شقيقاتك عنده، وكان تعبا يتنفس بصعوبة، ووجدت أخواتك يرحن واحدة بعد الأخرى وأخاك فى حالة صعبة فقلت: كيف أتركه وهو لا يستطيع التنفس بسهولة..وشقيقاته ذهبن، سوف أبقى معه.
وتتابع زوجة الرئيس الراحل قائلة: كان يطلب منى أن أذهب فقلت له: إنى باق معك، وقبل الثالثة صباحا قال لى: أنا الآن أتنفس بسهولة وأشعر براحة، وطلب منى أن أروح وقال: سأتناول كوب لبن.. فقلت له: سأظل معك حتى تتناوله.. وكان جمال مندهشا من شقيقاتى وكيف أنهن تركنه بعد أن تحسنت حالة أخى وخرج من المستشفى زار شقيقاتى وقال لهم: أكثر واحد فى الدنيا أحبه وأقدره هو جمال عبدالناصر إنه أكبر إنسان قابلته فى حياتى وأحبه أكثر منكن.