غلاء الأسعار في زومن كورونا يعكس جشع التجار وغياب الشعور بالواجب الإنساني

اثنين, 18/01/2021 - 21:03

لا يمكن القول إلا: إن جهود الدولة كانت كبيرة ومتشعبة في مواجهة فيروس كورونا، حيث وفرت من الكوادر البشرية والإمكانيات المادية الكثير مما ساعد على محاصرة الوباء والحد من انتشاره بشكل يفوق بكثير ما حدث في دول أخرى افريقية وعربية  وأوروبية وأمريكية كان من المتوقع أن تتعامل مع هذه الجائحة بشكل مختلف يتناسب مع خطورتها وما يمكن أن تتركه من آثار سلبية على المواطنين .. وجاء تعاطي المواطن مع هذه الجائحة على مستوى من الوعي يستحق التقدير، وإن كانت هناك بعض التجاوزات فإن الوقت كفيل بتعميق الشعور بها والوعي بضرورة بذل المزيد من الجهد للتقيد بالتعليمات الصحية والأمنية للتقليل من خطر انتقال العدوى والحد من انتشار هذا الوباء الخطير الذي ما زال هو الشغل الشاغل لجميع دول العالم..

ومما يؤسف له أن بعض التجار لجأوا إلى استغلال هذا الظرف الحرج في حياة الناس عن طريق رفع أسعار بعض المواد الاستهلاكية، في وقت كان يجب عليهم في أن يكون تعاونهم واضحاً للإسهام في توفير راحة المواطنين والمقيمين وهو الهدف الأسمى الذي تسعى الدولة لتحقيقه.

رفع أسعار بعض المواد الاستهلاكية لا يدل فقط على جشع أولئك التجار ولكنه يدل كذلك على غياب الشعور بالواجب الإنساني تجاه غيرهم ونحن هنا لا نطالبهم بتثبيت الأسعار بشكل يمكن أن يجلب لهم الخسارة، لكننا نطالبهم بأن تكون الأسعار معقولة تضمن لهم هامشاً ربحياً لا يرهق كاهل المستهلك، وفي يقيني أن الجشعين من التجار -وهم ولله الحمد قلة- لا يمكن أن يردعهم سوى الرقابة المشددة من الجهات المختصة، لحماية المستهلكين من التلاعب بالأسعار، مراعاة لأصحاب الدخل المحدود الذين ترهق كواهلهم أي زيادة في الأسعار، فليس كل الناس من ذوي الدخل الذين لا يشعرهم ارتفاع الأسعار بأي قلق، مع أن رفع الأسعار هو في الأساس أمر مرفوض، وخاصة في زمن الأزمات التي تفرض على الجميع التعاون بل والتضحية، من أجل تجاوز الأزمة بسلام، دون أن يتحمل الفرد ضغوطاً مادية إلى جانب ما يتحمله من ضغوط نفسية أو اجتماعية ناجمة عن مثل هذه الأزمة التي اجتاحت العالم بأسره، ونسأل الله السلامة منها للجميع.

طبعاً نحن لا نشكك في وطنية تجارنا، والكثيرون منهم لهم مواقف مشرفة في خدمة الوطن والمشاركة في المناسبات الوطنية المختلفة بجهودهم وأموالهم وحرصهم على رفعة الوطن وازدهاره، والإسهام في توفير الرخاء بدعم سخي من الدولة، لكننا هنا نعني بعضاً من التجار الذين استغلوا هذه الجائحة لرفع أسعار بضائعهم دون وجه حق، في وقت يفترض فيه أن يراعوا ظروف عامة الناس وأن يكتفوا بالربح القليل الذي لا يشكل عبئاً على المستهلك وفي الوقت نفسه لا يحمل التاجر أي خسارة مباشرة في تسويق بضاعته، خاصة فيما يتعلق باللحوم والأسماك وهي منتجات محلية لا علاقة لها بمعوقات الاستيراد التي فرضتها الظروف الاقتصادية العالمية.

هؤلاء التجار وهم قلة كما قلنا أخذوا الكثير من خيرات البلاد وعليهم أن يسايروا الأوضاع الحالية ويحافظوا على أسعار بضائعهم لتستمر كما كانت قبل انتشار هذا الوباء، وهذا واجب وطني إلى جانب كونه واجباً دينياً وأخلاقياً، وفي الوقت نفسه لا بد من التأكيد على أهمية مراقبة الأسعار من قبل جهات الاختصاص، وبشكل مستمر، حتى لا يتمكن بعض الباعة من التلاعب بالأسعار، إذ ربما وجد في المحلات من الباعة من تسول له نفسه التلاعب بالأسعار دون علم التاجر نفسه، وهذا لا يعفي التاجر من المسؤولية بأي حال من الأحوال.. حفظ الله الجميع من كل سوء.

الإعلامي..