في تصريح له مغتضب وجّه الرئيس التونسي قيس سعيّد، انتقاداً مبطّناً لاتفاقيات التطبيع الأخيرة مع الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أن إنكار الحق الفلسطيني هو “خيانة عظمى” في وقت دعا فيه اتحاد الشغل (المركزية النقابية) إلى مقاطعة البضائع الأمريكية والأوروبية نصره لفلسطين، كما كشف عن مساع لإرسال مساعدات لأهالي غزة، فيما أعلن عميد المحامين عن تكوين مرصد لتوثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي مقابلة مع قناة “فرانس 24” تم بثها أمس الأربعاء، عبّر الرئيس التونسي قيس سعيّد عن رفضه لكلمة “تطبيع” التي قال إنها دخلت القاموس العربي بعد اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، كما وجّه انتقاداً مبطّناً لاتفاقيات التطبيع الأخيرة مع الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أن إنكار الحق الفلسطيني هو “خيانة عظمى”.
وأضاف: “على مجلس الأمن أن يعمل على وقف العدوان الإسرائيلي على مدينة غزة، وسنواصل جهودنا في هذا الاتجاه. وآن للإنسانية كلها أن تضع حداً لمجازر الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة منذ عقود ضد الفلسطينيين”.
واستدرك بقوله: “القضية ليست مع اليهود، بل مع الصهيونية التي أرادت إبادة الشعب الفلسطيني. فالفلسطيني له الحق أن يكون حراً في وطنه فلسطين وأن يحمل جنسيته”.
وعبر الرئيس التونسي عن رفضه لكلمة تطبيع، التي قال إنها دخلت القاموس العربي منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين الرئيس المصري السابق أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مناحيم بيغن عام 1978.
وأضاف: “أكره كلمة تطبيع. فليس وضعاً طبيعياً أن تكون تحت الاحتلال، وكذلك أن تكون لك علاقات مع المحتل. كل دولة حرة في اختياراتها، ولكن القضية تتعلق بالخيانة والتنكر للحق المشروع للشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته (…) وإنكار الحق الفلسطيني هو خيانة عظمى”.
وشهدت العاصمة التونسية، الأربعاء، مسيرة حاشدة شارك فيها اتحاد الشغل وعدة منظمات مدنية وحقوقية، فضلاً عن عدد من الأحزاب السياسية، ورفعت شعارات تندد بالعدوان الإسرائيلي المستمر على مدينة غزة.
ودعا الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، إلى مقاطعة البضائع الأمريكية والأوروبية وجميع الدول المساندة للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، معتبراً أن “الأطراف الأوروبية والأمريكية هي المجرم رقم واحد في حق الشعب الفلسطيني، ودعم فلسطين اليوم يكون عن طريق المعادلة الاقتصادية”.
كما قال، في كلمة ألقاها خلال مشاركته في التظاهرات، إن الاتحاد اتفق مع الرئيس قيس سعيد على إرسال قوافل مساعدات نحو الاراضي الفلسطينية المحتلة بالتنسيق مع السلطات المصرية.
كما طالب البرلمان بالتسريع في المصادقة على مشروع قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل، مضيفاً: “تونس سئمت الشعارات، ولا بد من ممارسة قانونية حقيقية تجرم التطبيع”. وقال الأمين العام المساعدة للاتحاد، سامي الطاهري، إن مسيرة الأربعاء تهدف إلى توجيه رسائل عدة للشعب الفلسطيني؛ “أولاً، أن شعب فلسطين ليس بمفرده بل يدعمه شعب تونس منذ الأبد. وثانياً، أن محاربة الصهيونية في تونس في دعم سياسي ومعنوي للفلسطينين من خلال الدفع نحو سن قانون يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني. والرسالة الثالثة هي أنه سيتم التنسيق مع الفصائل الفلسطينية والنقابات العمالية لتحركات دولية مشتركة”، مشيراً إلى أن سن قانون يجرم التطبيع “لن يضر بتونس، بل سيحفظ كرامتها”. وقال النائب حاتم المليكي، إن عدداً من النواب تقدموا الثلاثاء، بطلب لمكتب البرلمان لتسريع النظر في مشروع قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل والمصادقة عليه قبل العطلة البرلمانية التي تبدأ في الشهر المقبل، مشيراً إلى أنه “لا يجب التوقف عن الضغط واستغلال تحرك الرأي العام الدولي المناصر للقضية الفلسطينية في وقفة حازمة لوقف كل أشكال الاحتلال والعودة للشرعية الدولية”.
كما أكد رئيس اتحاد الصناعة والتجارة (منظمة الأعراف) سمير ماجول، عن استعداد المنظمة لإرسال مساعدات للشعب الفلسطيني بعد التنسيق مع اتحاد الشغل، معبراً عن مساندته لحقوق الشعب الفلسطيني، وتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي.
فيما أعلن عميد المحامين إبراهيم بودربالة، عن تشكيل مرصد لتوثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً استعداد المرصد للتفاعل مع هيئات المحامين في العالم العربي لمتابعة إسرائيل قضائياً أمام المحكمة الجنائية الدولية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وتعيش تونس حراكاً رسمياً وشعبياً متواصلاً لدعم القضية الفلسطينية وإدانة العدوان الإسرائيلي المتواصل على مدينة غزة، كما تبذل الدبلوماسية التونسية جهوداً مضنية لإقناع مجلس الأمن باتخاذ موقف إزاء الوضع الحالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث قامت الولايات المتحدة بإحباط ثلاث مبادرات تقدمت بها تونس بالتعاون مع الصين والنرويج لإدانة العدوان الإسرائيلي على غزة.