تتوالى الآراء في تعارضها حول ردود رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني على أسئلة وردت إليه من بعض أفراد الجالية الموريتانية في المملكة الإسبانية وبعض القادمين من فرنسا المجاورة في أجواء من الحميمية أرادها بعيدة عن الرسميات في فندق بالعاصمة مدريد.
وفي حين ركبها البعض مطية حسبها ذلولا إلى دق إسفين مؤثر في جسم النظام لشله، رأى البعض أن رئيس الجمهورية حقق لنفسه مكسبا سياسيا كبيرا سيرفع سهم مكانته الشعبية مما يدعم ترشحه لعهدة ثانية وحظوظه في الفوز بها.
ولما لم تكن الردود التي أدلى بها رئيس الجمهورية على الأسئلة التي وردت إليه من بعض أفراد الجالية المقيمة في أوروبا وإسبانيا وفرنسا تحديدا أثناء لقاء ليست له أية صبغة رسمية وإنما هو مندرج في إطار مبادرة أراد لها أن تعبر عن التحام بأفراد الجالية عن قرب دون تكلف وبلا حواجز نفسية أو رسميات مما تمليه وتقيد به على العادة المراسيم الديبلوماسية، للتبادل معهم من دون تكلف، فإن الردود على الأسئلة كانت عفوية، شجاعة وصريحة.
وقد حسبها البعض صادمة وجارحة وخاصة عندما ذكر بالواقع الذي يجب النظر إليه بشجاعة والتعامل معه بجد وصدق لتغييره على أساس من الاستشعار للإرادة القوية والإقدام على تصحيح الأساليب في إدارة السياسة العامة والمضي إلى القضاء على المثالب من جهة، ورسم الاستراتجيات المتقنة البناء على أساس الواقعية والحسابات الدقيقة والاستشراف الواقعي تحديد الأهداف المبنية على العقلنة والاستشراف المنهجي من جهة أخرى.
وبعيدا عما أثارته الردود الصريحة، في عفوية وشجاعة ونزاهة فكرية طافحة وبعد نظر سياسي ثاقب لا يتجاهل الواقع، التي صدرت عن رئيس الجمهورية أمام مواطنيه في الغربة و"تحسب له لا عليه"، فإنه على النقيض من ذلك أراد الكثيرون أن يروجوا لما وصفوه بـ"عبثيتها" من خلال استنتاجات غرضية سوقوها بقوة للرأي العام بانحياز للخط المعارض "الرايدكالي" أو "الناقم" لحسابات فيها بعض شطط لم يخطئه متابعون كثر من خلال قراءاتهم المتعددة ويحسبون على:
- المحللين والمراقبين والمحايدين،
- والمعارضين المهادنين،
- والبعض من المعارضين الراديكاليين أصحاب الخطاب المتسم بالحدة في الطرح والخطاب المتشنج أو المتطرف،
- وزعامات أحزاب الأغلبية المتسمة بسلبية غياب الرأي المتبصر أو الناقد،
- وزعامات الأغلبية المناصرة مع الحفاظ على الاستقلالية في الطرح السياسي والإبقاء على حيز للمناورة في حيز مدارك النقد البناء، المحايد والموضوعي.
لقد أجمعوا، كل على طريقته وبأسلوبه، على أن ردود رئيس الجمهورية اتسمت بصراحة غير معهودة وصدق و جشاعة على المكاشفة الشفافة وقدرة على إظهار الحقائق دون لبس أو مواربة. كما أنها الردود التي شكلت منعرجا جديدا إلى المكاشفة ودعوة صريحة مدوية ومخلصة للمواطنين والمثقفين والأطر والسياسيين وفاعلي المجتمع المدني إلى الإقرار بالوضعية المرة التي تسببت فيها تراكمات من فشل السياسات المتعاقبة وغياب النضج الوطني، واستسلام الطبقة المتعلمة والمثقفة لغريزة حب المال والرفاهية وإتباع أساليب الفساد والنهب على خلفية التدثر بالقوالب الماضوية فى تحد سافر للشرع والقانون والنظام ومفهوم الدولة، وعبث مدخل مقدراتها وجبايتها من جهة، وعلى حساب حقوق الشعب الذي يئن تحت وطأة الفقر والجهل والمرض في تغييب شبه مقصود لمقومات الدولة الأساسية من البنية التحتية الخدمية الضرورية لانطلاق النهضة التي يدعو لها برنامج الإقلاع.
كما أن هذه المكاشفة الصريحة ـ التي ظلت على الدوام مغيبة بفعل لغة "الخشب" التي يبرع فيه الإعلام "العمومي" والخصوصي المتملق في غياب تام المهنية وعدم الاكتراث بالمواثيق الشرفية ـ حول الواقع الذي وصفه رئيس الجمهورية بأمانة فائقة وشجاعة منقطعة، تشكل دعوة صريحة للشعب إلى أن يصبح شريكا واعيا في كشف المعيقات وتحمل نصيبه من المسؤولية كاملة في رفع التحدي الذي تتطلبه بإلحاح شديد محاربة الواقع الذي وجده رئيس الجمهورية أمامه وليس المسؤول عنه، لكنه المطالب حتما بالعمل على تصحيحه ورفع كل التحديات من أجل تحقيق التغيير المنشود
الولي سيدي هيبه