نَقَلَتْ مصادر صحفية عن مصادر سياسية إسرائيلية ارتياحها من الرسائل السعودية التي تصل لواشنطن وتل أبيب حول رغبة الرياض بمواصلة التطبيع مع إسرائيل، تزامناً مع إعلان عدد من الدول في أمريكا الجنوبية عن خطوات دبلوماسية ضدها، احتجاجاً على جرائمها داخل قطاع غزة.
ونقلاً عن مصادر أمريكية وإسرائيلية، قال موقع “والا” العبري، اليوم الأربعاء، إنه رغم انتقادات السعودية لإسرائيل، منذ بدء الحرب على غزة، وتفاديها توجيه انتقادات علنية لحركة “حماس”، فإنها معنية باستئناف مساعي التطبيع معها بعد الحرب. ويستذكر “والا” تصريحات الناطق بلسان البيت الأبيض، جون كيربي، أمس، بأن السعودية تحاول دفع “صفقة رزمة” لليوم التالي بعد نهاية الحرب، وأن الأحداث في غزة تثقل الآن وتعيق عملية التقدم، لكننا ملتزمون بفعل ذلك، نحن والسعودية أيضاً”.
كيربي: السعودية تحاول دفع “صفقة رزمة” لليوم التالي بعد نهاية الحرب، فيما أحداث غزة تثقل وتعيق عملية التقدم، لكننا ملتزمون بذلك، نحن والسعودية
ويولي محرر الشؤون السياسية في موقع “والا” براك رافيد أهمية لهذه الرسائل الصادرة عن السعودية، معلّلاً ذلك بالقول إنها كانت، منذ اندلاع الحرب، تدلي بتصريحات نقدية تجاه إسرائيل حول عملياتها داخل قطاع غزة دون أن توجّه انتقادات لحركة “حماس”. واستذكر “والا” زيارة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان في واشنطن، هذا الأسبوع، ولقاءه بمسؤولين أمريكيين في البيت الأبيض وفي الكونغرس، لافتاً إلى أن الزيارة جاءت بعد أيام من محادثة هاتفية بين الرئيس جو بايدن وولي العهد السعودي محمد بن سلمان. واستذكر “والا” قول جون كيربي، في حديثه للصحفيين داخل البيت الأبيض، أن استنتاج الولايات المتحدة من المحادثات مع وزير الدفاع السعودي ومن مكالمة بايدن مع محمد بن سلمان هو أن السعودية ما زالت معنية بالعودة لمسار التطبيع مع إسرائيل”. وأوضح “والا” أن وزير الدفاع السعودي التقى، الإثنين الماضي، مع مستشار الأمن القومي الأمريكي، وتباحثَ معه في الحاجة لإحراز وقف فوري لإطلاق النار، واحتمالات تجديد مسيرة السلام في الشرق الأوسط في اليوم التالي بعد نهاية الحرب”.
سفير أمريكي جديد في تل أبيب
في التزامن، صادقَ الكونغرس، أمس، على تعيين وزير المالية الأمريكي الأسبق جاك لو سفيراً جديداً في تل أبيب، بأغلبية 53 عضواً، مقابل معارضة 43 عضواً، وهو يستبدل توم نايتز، الذي أنهى مهامه في آب/أغسطس الماضي، وتعمل عوضاً عنه ستيفني هالت كسفيرة مؤقتة.
وجاك لو أمريكي يهودي أورثوذوكسي محافظ، شَغَلَ عدة مناصب في فترتي حكم الرئيسين السابقين براك أوباما وبيل كلينتون، أبرزها وزير المالية. وترى جهات إسرائيلية أن جاك لو سيواجه تحديات ليست سهلة، بسبب تزامن مهامه الدبلوماسية الجديدة مع الحرب على غزة.
وقال موقع “واينت” العبري إن هناك، علاوة على الحرب، سبباً إضافياً لقيام واشنطن بانتخاب سفير جديد لها في تل أبيب، يرتبط بالرغبة الأمريكية الجامحة لدفع “صفقة رزمة” مع السعودية، تشكل اتفاق تطبيع بينها وبين إسرائيل وهو هدف ما زال حيّا وقائما رغم الحرب”. ويرى “واينت” أن جاك لو سيجلب معه تجربة دبلوماسي مخضرم، خاصة من ناحية تجربة العمل في البيت الأبيض والفهم العميق للعمل مقابل الكونغرس. كما يقول “واينت” إن جاك لو كان شاهداً على توتّر العلاقات بين الرئيس أوباما ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، خاصة بما يتعلق بتسمين المستوطنات والملف النووي الإيراني.
ومن المتوقع أن يصل بعد غد الجمعة للبلاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في زيارة ثالثة للمنطقة منذ شن الحرب على غزة، لمتابعة تفاعلاتها ومخاطرها على الأرض.
أمريكا الجنوبية
تزامناً مع التسريبات والتصريحات عن رغبة السعودية بمواصلة مساعي التطبيع، واستئنافها بعد انتهاء الحرب على غزة، أعلنت بوليفيا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، فيما أعلنت كولومبيا وتشيلي عن إعادة سفيريهما في تل أبيب بغية التشاور. وقال نائب وزير خارجية بوليفيا فاردي مامني، في مؤتمر صحفي، إن بلاده قررت قطع العلاقات مع إسرائيل بسبب الهجمة العسكرية الإسرائيلية الوحشية وغير المتناسبة على قطاع غزة. وذكرت مصادر رسمية في بوليفيا أعداد الشهداء والجرحى والمفقودين الفلسطينيين، دون الإشارة لـ “طوفان الأقصى”، في السابع من أكتوبر.
قبل ذلك، كانت العلاقات الإسرائيلية البوليفية هشّة ومتذبذبة جداً، وسبق أن أعلنت بوليفيا عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، كما حصل بعد حرب “الرصاص المصبوب” الإسرائيلية على غزة، في نهاية 2008، حيث بادر الرئيس البوليفي للإعلان عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل احتجاجاً على “المساس الخطير بالمدنيين الفلسطينيين وبالإنسانية”.
معلق إسرائيلي: السيسي يدير علاقات إستراتيجية سرية وعلنية مع إسرائيل، انعكست بمواقف صمت وتأييد ضمني وفعلي لحملات عسكرية إسرائيلية سابقة على غزة، حتى بدا وكأنه عضو في حزب “الصهيونية الدينية”
مصر والأردن .. ضرائب شفوية
وقتها دعت بوليفيا لمحاكمة رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق إيهود أولمرت في محكمة الجنايات الدولية، وانتزاع جائزة نوبل للسلام من رئيس إسرائيل شيمون بيريز.
بعد ساعات من إعلان بوليفيا قَطْعَ العلاقات مع إسرائيل، أعلنت كولومبيا وتشيلي عن استدعاء سفيريهما لـ “التشاور”. وقال رئيس تشيلي جبرائيل بوريك إن استعادة السفير من تل أبيب جاءت بعد ارتكاب إسرائيل انتهاكات للقانون الإنساني الدولي في غزة، وإن بلاده تندد بشدة العمليات العسكرية هذه، وتنظر لها بقلق بالغ.
من جهته قال رئيس كولومبيا غوستابو بيترو إنه قرر استعادة سفير دولته من إسرائيل، مهدداً بقطعها بحال واصلت مذبحتها بحق الشعب الفلسطيني.
من جهتها، عقّبت الخارجية الإسرائيلية على قرار بوليفيا المذكور بالقول إن ما فعلته خضوع لـ “الإرهاب وللنظام الديني الإيراني”، زاعمة أنها “تتساوق بذلك مع منظمة “حماس الإرهابية”، التي قتلت وأصابت آلاف الإسرائيليين جنوداً ومدنيين، رجالاً ونساء وأطفالاً”.
وقال المعلق السياسي للإذاعة العبرية إنه من اللافت أن بعض دول أمريكا اللاتينية تبدي مواقف معادية فعلية ضد إسرائيل أكثر من الدول العربية. منوهاً أن مصر والأردن والإمارات والبحرين تكتفي ببيانات إدانة للحرب على غزة، دون خطوة فعلية واحدة.
وأشاد المعلق السياسي في القناة العبرية 13 رافيف دروكر بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بقوله إنه يقدم ضرائب شفوية للفلسطينيين، دون أن يقوم باستعادة السفير المصري من تل أبيب، بعكس ما كان في فترة حكم الرئيس الراحل حسني مبارك.
واستذكر دروكر ما قاله هو قبل سنوات بأن السيسي يدير علاقات إستراتيجية سرية وعلنية مع إسرائيل، انعكست بمواقف صمت وتأييد ضمني وفعلي لحملات عسكرية إسرائيلية سابقة على غزة، حتى بدا وكأنه عضو في حزب “الصهيونية الدينية