بعد مرور أكثر من مئة يوم من الحرب على غزة، ورغم تفوقها التكنولوجي في المراقبة، لم تنجح إسرائيل بقوات النخبة لديها من مختلف الفرق، وخاصة غولاني، في تحرير ولو رهينة واحدة أو القبض على قادة حماس، بل لم تنجح حتى في مواجهة حقيقية مع المقاتلين الفلسطينيين. وهذا يدفع جيش الاحتلال الى القصف الوحشي للتعويض عن الخسائر والفشل.
واشتهرت قوات النخبة العسكرية الإسرائيلية ومنها لواء غولاني، التي هي مزيج من قوات مثل رانجر العنيفة وكوماندوز النخبة على شاكلة سيل أو دلتا الأمريكية، في تنفيذ عمليات اغتيال واختطاف سواء في الأراضي الفلسطينية أو في الخارج. كما أنها تتولى العمليات العسكرية الصعبة. وضمن استراتيجية تسويق قوة إسرائيل، أنجزت هوليوود أفلاما مواضيعها مستوحاة من فرق القوات الخاصة غولاني.
ومنذ بدء الحرب، جرى تقديم قوات غولاني بمثابة القوات الخاصة التي ستقوم برصد كل الأنفاق لتدميرها، ثم تحرير الرهائن، وأخيرا اعتقال أو اغتيال قادة حماس. ولهذا السبب، جرى توفير كل سبل تكنولوجيا الاستطلاع والترصد والأسلحة الخفيفة الفتاكة لغولاني ثم توفير تغطية نارية كثيفة في أماكن تدخلها، ثم تعزيزها بالقوات الخاصة من دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
ورغم كل هذه الامتيازات، وبعد مرور مئة يوم على المواجهة العسكرية، لم تصمد هذه القوات، بمعنى لم تحقق أي هدف مسطر لها، وقررت قيادة الجيش الإسرائيلي سحب فرق غولاني منذ ثلاثة أسابيع بسبب الخسائر البشرية الكبيرة. وعادة لا تتعرض قوات غولاني لخسائر كبيرة، لكن هذه المرة يجري الحديث عن عدد قتلى ليس بالعشرات بل قد يكون بالمئات. ومقابل هذا الفشل، لجأت قيادة الجيش الى القصف الوحشي الذي يعتبر بمثابة حرب الإبادة.
هذه الحرب قضت على صورة “المقاتل الذي لا يقهر” التي تمتع بها عناصر غولاني لسنوات طويلة جدا، إذ لم يصمدوا أمام عزيمة الفلسطينيين
ومن زاوية عسكرية، يعتبر فشل غولاني من أكبر المفاجآت العسكرية في تاريخ الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. وإذا كانت عملية طوفان الأقصى قد دمّرت صورة الموساد والاستخبارات العسكرية في التكهن بما سيقدم عليه الفلسطينيون أو رصد حركاتهم، فهذه الحرب قضت على صورة “المقاتل الذي لا يقهر” التي تمتع بها أفراد غولاني لسنوات طويلة جدا، إذ لم يصمدوا أمام عزيمة الفلسطينيين.
ومن شأن هذا الفشل أن يدفع عددا من الدول، التي تعتمد على التدريب الإسرائيلي، إلى إعادة النظر في سبل تكوين القوات الخاصة، إذ يتساءل أكثر من خبير، ما هي المساهمة التي ستنقلها قوات غولاني إلى فرق كوماندوز أجنبية في وقت فشلت فيه هذه القوات في مواجهة فلسطينيين لا يمتلكون أسلحة متطورة أو رصدا استخباراتيا مكثفا؟