القضاء اللبناني يوقف الحاكم السابق للمصرف المركزي بعد استجوابه بقضية اختلاس أموال من مصرف لبنان تفوق أربعين مليون دولارونقله الى السجن

ثلاثاء, 03/09/2024 - 15:03

أوقف القضاء اللبناني الثلاثاء الحاكم السابق للمصرف المركزي رياض سلامة، المستهدف بتحقيقات عدة في لبنان والخارج، بعد استجوابه بشأن قضية اختلاس أموال، وفق ما أفاد مصدر قضائي وكالة فرانس برس.

وقال المصدر، من دون الكشف عن هويته، “أمر النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار بتوقيف سلامة، بعد استجوابه على مدى ثلاث ساعات حول شبهات اختلاس من مصرف لبنان تفوق أربعين مليون دولار(..) جرى تحويلها الى الخارج”.

وجرى نقله فورا، وفق المصدر، الى سجن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في الأشرفية.

وهذه أول مرة يمثل فيها سلامة أمام القضاء، منذ انتهاء ولايته في 31 تموز/يوليو 2023، من دون تعيين بديل عنه.

وبحسب المصدر القضائي، فقد حضر سلامة إلى مكتب الحجار من دون محام لاستجوابه في “قضيّة منفصلة تماما عن الملفات” الأخرى قيد التحقيق. وقال إن سلامة “لم يقدم رواية مقنعة تدحض الشبهات التي تحوم حوله ما استدعى توقيفه”.

ويمكن للحجار، وفق المصدر، أن يبقي سلامة موقوفا على ذمة التحقيق لمدة أربعة أيام، أو أن يحيله خلال الساعات المقبلة على النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، ويطلب الادعاء عليه بجرائم “اختلاس الأموال العامة والتزوير وصرف النفوذ وتبييض الأموال”، وإيداع الملف مع الموقوف لدى قاضي التحقيق الأول في بيروت لاستجوابه وإصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقه.

ويشكّل سلامة منذ ثلاثة أعوام محور تحقيقات محلية وأوروبية تشتبه بأنه راكم أصولا عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني، وأساء استخدام أموال عامة على نطاق واسع خلال توليه حاكمية مصرف لبنان، عدا عن تحويله الأموال الى حسابات في الخارج و”الإثراء غير المشروع”.

وبناء على التحقيقات، أصدرت قاضية فرنسية في باريس والمدعية العامة في ميونيخ العام الماضي مذكرتي توقيف بحقه جرى تعميمهما عبر الانتربول. وقرّر القضاء اللبناني بناء عليهما منعه من السفر وصادر جوازي سفره اللبناني والفرنسي.

إلا أن النيابة العامة في ميونيخ ألغت في حزيران/يونيو مذكّرة التوقيف بحق سلامة، لانه “لم يعد يشغل منصب حاكم مصرف لبنان المركزي وبالتالي لم يعد هناك أي خطر (…) بإتلاف أدلة”. لكن القرار لا يعني أن التحقيق انتهى.

ورغم أن مذكرة التوقيف الصادرة من فرنسا التي يحمل سلامة جنسيتها لا تزال سارية، لكنها من دون طائل إذ لا يسلّم لبنان مواطنيه لمحاكمتهم في دولة أجنبية.

وفرضت الولايات المتحدة إلى جانب كندا والمملكة المتحدة، عقوبات اقتصادية على سلامة وعلى أفراد عائلته لشبهات فساد، بما في ذلك تجميد أصولهم في البلدان الثلاثة.

ولطالما نفى سلامة التهم الموجهة إليه، متحدثا عن “بيانات مزورة” وخلفيات “سياسية”. ورغم التحقيقات التي طالته، أصرّ على البقاء في منصبه حتى انهاء ولايته، مستفيدا من حماية سياسية وفّرتها له قوى رئيسية في البلاد.

ويُعد عهد سلامة (74 عاما) الذي شغل منصب حاكم مصرف لبنان منذ 1993 حتى 2023 من الأطول في العالم لحكام المصارف المركزية.

وكان سلامة مهندس السياسات المالية في مرحلة تعافي الاقتصاد ما بعد الحرب الأهلية (1975-1990). لكن على وقع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق الذي يشهده لبنان منذ 2019، بات يُحمّل مع أركان الطبقة الحاكمة مسؤولية الفشل في إدارة أزمات البلاد المتلاحقة.

وتحمّل جهات سياسية ومحللون ومواطنون في لبنان سلامة مسؤولية انهيار العملة الوطنية، وينتقدون بشكل حاد السياسات النقدية التي اعتمدها، باعتبار أنها راكمت الديون وسرّعت الأزمة، إلا أنه دافع مراراً عن نفسه بتأكيده أن المصرف المركزي “موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال.”