.مع كثرة المفاجآت الدراماتيكية في قضية مقتل زعيم حركة "حماس" الفلسطينية يحيى السنوار، إلا أن ما أخرج "أخطر رجل" في غزة، من نفقه، يثير التكهنات حول تحركاته طوال الفترة الماضية، وكذلك التساؤلات بشأن ما إذا كان في الأنفاق أصلاً.
ويرى خبراء عسكريون وسياسيون، آراءهم، أن السنوار رجل محنك أمنياً، ولكنه ربما كان يخرج بين الفينة والأخرى، واختار رفح للبقاء فيها، كونها منطقة تضم أعداداً هائلة من النازحين، وعلى الحدود المصرية، ما يعني بُعدها النسبي عن الاستهداف الإسرائيلي.
ورغم ذلك، فإن قيام الجيش الإسرائيلي بقتله، أمس الخميس، يعيد إلى الأذهان مقتل بقية قيادات "حزب الله" في لبنان، وكذلك "حماس"، الذين حوصروا في نطاق جغرافي ضيق، قبل أن تتم تصفيتهم بجهود عسكرية واستخبارية، والأهم بقدرة تكنولوجية. خرج السنوار ليرفع معنويات جنوده
سادت تصورات، طوال عام من بدء حرب غزة، بأن السنوار يقبع في الأنفاق، ورغم قلة الصور والمعلومات، إلا أنها ربما كانت الخيار الأكثر أمناً لرجل من مستوى السنوار.
وفي هذا الإطار، يرجح الخبير العسكري خليل الحلو، احتمالية أن "السنوار استشعر في المرحلة الحالية، خلال وجوده في رفح، ببعض الهدوء، ولاسيما بعد سحب الجيش الإسرائيلي فرقتين عسكريتين على الأقل من غزة للاهتمام بلبنان".
ويضيف الحلو لـ"إرم نيوز": "خروج السنوار في جولة على مقاتليه كان مهماً لإعطاء دفعة معنوية وثقة بأن رئيسهم بينهم وإلى جانبهم لمتابعة القتال مع إسرائيل، ولاسيما أن البقاء في الأنفاق لمدة عامل كامل ليس سهلاً على الصعيد الشخصي".
ويتابع: "لم يخرج السنوار للنزهة، بل خرج برفقة اثنين من المسؤولين في القسام وبطريقة مدروسة، خافياً معالم وجهه لتفادي المسيرات الإسرائيلية، وهو المحنك أمنياً . ويؤكد الحلو أنه "من الطبيعي أن يكون السنوار كل هذه المدة في النفق، هرباً من الدمار والاستهدافات، إلا أنه كان يخرج بين الحين والآخر، وتلك لم تكن المرة الأولى، وهو منذ الأساس كان في رفح".
السنوار لم يكن في النفق!
ثمة رواية أخرى تقول إن السنوار لم يكن في نفق طوال كل هذه المدة، حيث ينفي الخبير السياسي أحمد عطا الأمر، بالقول: "السنوار لم يكن في نفق أصلاً، وإطلاق عليه النار من مسدس بعدد من الطلقات في رأسه، في عملية أطلقت عليها المخابرات الإسرائيلية اسم (الأجندة العنقودية)، كانت تهدف إلى تصفية الكوادر التاريخية لحزب الله وحركة حماس، مثل إسماعيل هنية وحسن نصر الله، وغيرهم".
ويؤكد عطا أن "العملية تتم من خلال عملاء داخل حماس، ممن تعاونوا لتحديد موقعه، حيث تمت التصفية بمعلومة استخباراتية، كما أن التصريحات الأخيرة للسنوار توضح أنه كان يستشعر الموت في أي لحظة بعد أن ضيّقت الاستخبارات الإسرائيلية حركته داخل القطاع".
ويستطرد قائلاً: "دعنا نتفق أن السنوار رمز لحركة حماس، لا يقل مكانة عن الشيخ أحمد ياسين، لهذا ستشتعل المواجهات لتصل إلى تصفية قيادات عسكرية داخل إسرائيل، لأن السنوار من المؤكد أنه وضع بدائل في حالة استهدافه وتصفيته".
أخبار ذات علاقة
رفح.. لأنها قريبة من مصر
ولأن رفح تحولت إلى تجمع كبير للنازحين من أتون الحرب، رغم عدم أمانها الكامل، إلا أن قربها من مصر، يدخل بعد الاطمئنان في نفوس الغزيين والقيادات.
ويقول الخبير السياسي علي حمادة، إنه "من الصعوبة بمكان التحدث عن تفاصيل خروج السنوار من الأنفاق، لأن كل المعلومات السرية التي يمتلكها الإسرائيليون والأمريكيون بخصوص المراحل الأخيرة في القضية لم يُفرج عنها بعد".
ويضيف لـ"إرم نيوز": "واضح أن السنوار كان يتنقل بين الأنفاق والأماكن المكشوفة متخفياً.. وربما يعود وجوده في رفح، لأنها منطقة قريبة من مصر، وتحديداً منطقة تل السلطان القريبة من مواصي رفح وخان يونس على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، ما يعني كثافة النازحين، وصعوبة استهدافها دون خسائر كبيرة".
ويؤكد حمادة أن "أيام السنوار كانت محدودة، شأنه شأن بقية القيادات التي اغتيلت بعد محاصرتها ضمن نطاق جغرافي ضيق، في مواجهة آلة إسرائيلية ضخمة تمتلك قدرات تكنولوجية واستخباراتية عالية المستوى، لذا كان قتله مسألة وقت".
السنوار استُدرج ثم اغتيل
عادة ما تتفوق إسرائيل على أعدائها بقدراتها التكنولوجية الهائلة، التي استخدمتها في معظم عملياتها الأمنية، إلا أن السنوار كان مختلفاً من حيث طريقة تصفيته.
ويؤكد الخبير العسكري عامر السبايلة، أنه "يمكن أن تتكشف الأمور لاحقاً، لكن المعطيات الأولية لتحليل المكان والصورة والطريقة، يبين أن هناك عملية استدراج للوصول إلى هذه النقطة، وهذا الاستدراج يكون إما بنصب فخ استخباري أو تنسيق لشيء ما، قد يكون للخروج من غزة أو لعقد لقاء، وسط غياب المواجهة المباشرة أو التهيؤ للقتال، لذا تم الأمر كله بمعلومة استخبارية