نظام  العبث و التفاهة/بقلم شيخنا سيد محمد

ثلاثاء, 29/07/2025 - 09:58

حين يضع  شخص تافه  أو مجموعة  من التافهين صورة الرئيس وعليها عبارات التمجيد أو هتفوا  نصرا ..نحن خلفك .. إلخ،

 وتجد  هذه الأفعال والأقوال تجاوبا رسميا ودعما مادي اكثر من التعاطي مع مشاكل وطن وهموم شعب يرزخ تحت مشاكل الماء والكهرباء والصحة والتعليم

 فإننا ندرك اننا في زمن الفوضى و العبث ..

حين يكون مقرر ميزانية بلد يتعلق بها مصير شعب باكمله لايفرق بين الضرب والطرح ولايعرف معني الصادر ولا الوارد

فإننا ندرك اننا في زمن الفوضى و العبث

وحين يخرج التافهين  ويتحدثون  في السياسة والاقتصاد والدين والثقافة والفكر وغير ذلك من مجالات الحياة المتنوعة، بلا علم ولا فكر ولا قيم أو أخلاق؟

 فإننا ندرك اننا في زمن الفوضى و العبث..

وحين نصبح كل يوم علي فضيحة وزير أو مدير نهب مئات الملايين ولايسائل احد

 فإننا ندرك اننا في زمن الفوضى  و العبث..

و حين تحرق مئات  الاطنان من المواد الغذائية بعد تكديسها سنوات وهي موجهة لضعفاء والفقراء ولا يسائل احد

فإننا ندرك اننا في زمن الفوضى و العبث..

وحين يضبط عشرات المتهمين بتهريب المخدرات وحبوب الهلوسة والأدوية المزوره وتزيف العملات وتتحول قضاياهم لمجرد الهاء شعب عن نهب ممتلكاته

فإننا ندرك اننا في زمن الفوضى و العبث..

و حين نجد أن من احتضنتهم هذه البلاد وجعلت منهم أطر بعد أن كانوا حفاتا عرات واسندت اليهم المناصب يكون قضاء عطلهم علي أرض وطنهم و التي هي من أموال هذا الشعب تكرم منهم

 فإننا ندرك اننا في زمن  الفوضى و العبث..

وحين تكون الأبواب مفتوحة أمام الغوغاء والخنثويين والمطبلين والمزمرين وتكون مغلقة أمام مواطن يستجدي حقه أو عدالة فقدت

فإننا ندرك اننا في زمن  الفوضى و العبث..

القد  صنع النظام في موريتانيا . عالم جديدا يسمي عالم التفاهة والفوضى والعبث   وصار يتعاظم ويتعملق وينتشر، بل  يسود . إنه نظام العبث و التفاهة والسذاجة  ، كما ذهب إلى ذلك الفيلسوف الكندي المعاصر آلان دونو في كتابه “نظام التفاهة” أو النظام الاجتماعي الذي تسيطر فيه طبقة الأشخاص التافهين على معظم مناحي الحياة، وبموجب ذلك يتم مكافأة الرداءة والوضاعة والتفاهة بدلاً عن الجدية والمثابرة والجودة في العمل.

النظام اليوم في موريتانيا صار قائماً ومعتمدا على هذا النظام،

بل إنه صنعه صناعة،  ودفعه دفعاً ليسود ويسيطر. فأين ما وليت وجهك، شرقاً أم غرباً، أم أي اتجاه رغبت، فإنك تجد جماعة من التافهين تتقدم المشهد في الثقافية، و السياسية، و للفنون ، إلى آخر قائمة مجالات الحياة المتنوعة، التي تلوثت بتلك النوعية من  التافهين  إن صح وجاز لنا التعبير.

هذا الواقع الحاصل دفع  أحياناً كثيرة، البعض ، إلى الاعتقاد بأن المال اصبح هو المعيار الأول، إن لم يكن الأوحد، فيما نسميه بالنجاح. أي إذا أردت أن تكون ناجحاً في ظل هذه الظروف المستجدة، فلا سبيل ولا مسلك إلا عبر المال. بمعنى أكثر وضوحاً: كلما استطعت جمع الكثير من المال بطرق منحطة ورذيلة، كلما ارتقت درجتك في المجتمع الذي تعيش فيه، لانه أصبح مجتمعاً مبتلى بالتفاهة، من قمة رأسه إلى أخمص قدمه.

وإن تفحصت عالم الثقافة، فستجده مليئاً بتفاهات تجوبه بلا حدود، عبر كاتب هنا أو راوٍ هناك أو شاعر في موقع ثالث. وتكون بضاعتهم رائجة مكتسحة، والإقبال عليها غير منطقي. والأمر يتكرر في عالم الفن والسينما والمسرح. ولن نبالغ إن قلنا إن التفاهة اكتسحت عالم المال والصناعة، فصار كل رجل أعمال تافه تافه لا يقدم ولا يؤخر كثيراً، هو من يكتسح السوق.

وبالمثل في عالم السياسة وعالم البحث العلمي وعالم الجامعات والإعلام بوسائله المتنوعة، وعوالم أخرى عديدة لم تسلم من ذبذبات التفاهة المتكاثرة والمتعاظمة في الوقت ذاته.

عالم العبث و التفاهة إذن، و بالدعم والتأييد من النظام  والنشر والإعلام،  كسر القيم والمعتقدات والثقافات والأعراف، وجعل الحياة بلا ضوابط ولا حواجز و لا موانع، سواء كانت على شكل تعاليم دينية أو أعراف وقيم مجتمعية وأخلاقية، ودفع بالمجتمع الموريتاني للانقياد الأعمى نحو هذا العالم، عبر تزيينه وتيسير الولوج إليه، وأنه لا شيء في هذه الحياة يستحق بذل جهد وفكر ووقت من أجله، لأن الحياة سهلة يسيرة، وبالتالي ليس هناك ما يدعو لإضاعة متعة الاستمتاع بها!

وهنا ندرك  نظرياً وعملياً اننا  نعيش عصر العبث و التفاهة أو عصر الرويبضة الذي حذرنا منه نبينا الكريم –ﷺ– مما يجعلنا ننبه  عليه حين نبدأ نراه ونعايش رموزه، كما قال عليه الصلاة والسلام: “سيأتي على الناس سنوات خدّاعات يُصدق فيها الكاذب، ويُكذّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخوّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة”..

 

ألم تخرج آلاف الرويبضات تتحدث في السياسة والاقتصاد والدين والثقافة والفكر وغير ذلك من مجالات الحياة المتنوعة، بلا علم ولا فكر ولا قيم أو أخلاق؟ هذا هو فعلاً عصر الرويبضات أو عصر التفاهة بلغة العصر.. فماذا نحن فاعلون؟

بقلم شيخنا سيد محمد