منظّمة الشفافية تكشف تفاصيل ووثائق جديدة حول "فضيحة مختبر الشرطة"

ثلاثاء, 21/10/2025 - 15:47

– كشفت منظّمة الشفافية الشاملة تفاصيل ووثائق جديدة حول "فضيحة مختبر الشرطة"، والتي نشرت تفاصيلها منتصف ديسمبر 2024، وأظهرت أن تكاليف إنشاء مختبر جنائي للشرطة الفنية والعلمية في موريتانيا تضاعفت بسبب عمولات تم تقديمها لوسطاء خلال مراحل إبرام الصفقة.

وأكدت المنظّمة أن رئيسها السيناتور السابق محمد ولد غده زار تركيا، والتقى الأطراف ذات الصلة، وجمع البيانات اللازمة، وأسفرت مهمته عن الحصول على وثائق ومعلومات أوّلية تم تحليلها والتأكد من سلامة مصادرها ومطابقة تواريخها ومعطياتها.

وقالت المنظمة إنها بعد تسلّمها هذه الوثائق، عقد رئيسها لقاء مع المدير المساعد للأمن الوطني، وسلّمه نسخا رسمية من الوثائق.

ونقلت المنظمة عن المدير المساعد قوله إنهم اطلعوا على التحويلات البنكية الموجهة للوسيطين أحمد الشيخ والسني عبدات، وأنهما قدّما عقدًا موثقًا يبرر المبالغ المحوّلة، في حين أكد أنه لا علم لهم بالتحويلات التي تمت عبر محل صرافة معتبرا أن أن هذا أمرٌ جديد سيؤخذ بعين الاعتبار.

وأضافت المنظمة أنه "لم يُتخذ أي إجراء رسمي بخصوص القضية"، بعد مرور سبعة أشهر على تسليم الوثائق لإدارة الأمن.

وثائق وكشوف حسابات

وأكدت المنظمة أنها حصلت على نسخ من ستة كشوف لحسابات بنكية تحدد تواريخ وحجم المبالغ المحوّلة إلى الوسطاء وتفاصيلها، وتظهر أسماء كل من أحمد الشيخ والسني سيد أحمد عبدات.

كما حصلت المنظمة على صور من إيصالات صرافة غزلان تُبيّن أسماء المودعين والمستفيدين، وأسماء أصحاب الحسابات والبنوك التي سُحبت منها الأموال، إضافة لكشوفات بنكية تُظهر تطابقًا بين المبالغ المسحوبة والمبالغ المودعة في الصرافة في اليوم نفسه.

وسجّلت المنظمة تطابقا بين أسماء الساحبين والمودعين، باستثناء حالة واحدة كان فيها السحب يوم جمعة والدفع يوم الاثنين (بعد العطلة الأسبوعية)، واختلف فيها اسم الساحب من البنك عن اسم المودع لدى الصرافة.

وأكدت المنظمة احتفاظها بأدلة إثبات غير قابلة للتكذيب للإدلاء بها إذا تم فتح الملف على مستوى القضاء.

أطراف الصفقة الفضيحة

وحددت المنظمة أطراف الصفقة الفضيحة في الجهة المتعاقدة والمستفيدة، وهي الشرطة الوطنية الموريتانية، والشركة المتعاقدة، وهي شركة Genomed، ومقرها في بريطانيا، ومديرها حسين أوغلو، والشركة الفرعية (المتعاقد من الباطن)، وهي شركة Omega، ومقرها في تركيا، وهي التي تولّت فعليًا معظم التنفيذ على الأرض.

ولفتت المنظمة إلى أن الشركة الفرعية لم تتسلم الشركة 30٪ من مستحقاتها، منبهة إلى أن مديرها سليمان كوجيت، تعاون مع المنظمة معتبرًا نفسه ضحية بعد أن استُخدم – بحسب قوله – في تبييض رشاوى من قبل حسين أوغلو مدير شركة Genomed، كما حُرم من مستحقاته.

وضمن الوسطاء في الصفقة أوردت المنظمة عبد الحميد ديا، وهو مقدم خدمات يتحدث التركية، وله علاقة سابقة مع الشركات، وأحمد الشيخ، وهو صحفي، وهو من جلب الشركات إلى موريتانيا، والسني عبدات، وهو دبلوماسي سابق، قدّم نفسه كصديق لوزير الداخلية، والمتلقّي الرئيسي للأموال المدفوعة، الوزير السابق سيدي ولد الديدي، الذي عرّف نفسه كممثّل عن مدير الأمن العام (الجنرال مسقارو ولد اقويزي).

مسار الصفقة وحيثياتها

ولخّصت المنظمة مسار الصفقة وحيثياتها في أن الوسطاء أبلغوا الشركتين البريطانية والتركية بأنهم قابلوا وزير الداخلية واللا مركزية حينها وزير الخارجية الحالي محمد سالم ولد مرزوك الذي لم يعترض على الصفقة، لكنه أوضح أن الجهة المعنية هي مديرية الأمن العام، وعليه طُلب من مديري الشركتين الحضور لإتمام ما يلزم للحصول على الصفقة وتوقيع العقد.

وأضافت أن مديري الشركتين تنقلوا إلى نواكشوط، وأبلغوا الوزير السابق سيدي ولد ديدي وهو الشخص الذي يملك التأثير اللازم لتوقيع العقد من طرف مدير الأمن العام، الجنرال مسقارو ولد اغويزي.

 

 

وأردفت المنظمة أن مدير شركة Genomed، حسين أوغلو اتفق مبدئيًا مع سيدي ولد ديدي على عمولة بنسبة 10% لتسهيل إبرام الصفقة، كما اتفق أيضًا مع الوسيطين أحمد الشيخ والسني عبدات على نسبة 10% مناصفة بينهما، وتم عقد الاجتماعات بشكل منفصل.

وواصلت المنظمة سرد التفاصيل قائلة إنه تم الاتفاق على أن تُدفع عمولات الوسطاء عبر تحويلات بنكية مقابل فواتير صورية، مردفة أنه بعد يوم واحد، اتصل سيدي ولد ديدي مطالبًا بعقد اجتماع جديد، وخلال المفاوضات أصرّ على رفع النسبة إلى 25%، موضحًا أن مدير الأمن لا يرضى بأقل من ذلك، ما خلق إشكالًا يتعلق بمسارات التحويل والرقابة المالية (خصوصًا لشركة مقرها بريطانيا).

وأكدت المنظمة أنه تم اعتماد آلية دفع معقدة لتفادي الملاحظة، تمثلت في أن التحويلات تتم من شركة (Genomed بريطانيا) إلى شركة (Omega تركيا)، ويتم سحب الأموال نقدًا وتسليمها إلى صرافة غزلان، وتُحوّل المبالغ إلى دبي عبر مكتب صرافة يملكه شخص يدعى عبد الله، ثم تُسلّم المبالغ في موريتانيا إلى سيدي ولد ديدي دون توقيع أي إيصال استلام، ويتم الاكتفاء بتأكيد هاتفي من عبد الحميد ديا نيابةً عنه.

وأضافت المنظمة أنه تم توقيع الصفقة رسميًا بين إدارة الأمن الوطني في موريتانيا وشركة Genomed البريطانية، مردفة أن سليمان كوجيت (مدير أوميغا) قدّم لها وثائق تشمل إيصالات من صرافة غزلان، وكشوفات بنكية تُظهر سحب مبالغ من أشخاص محددين هم من أودعوا المبالغ في الصرافة في اليوم نفسه.

وقالت المنظمة إن هذه الوثائق تشكّل العمود الفقري للأدلة الأولية، حيث تُظهر الكشوفات البنكية مسار الأموال من Genomed إلى حسابات Omega، ومنها إلى صرافة غزلان ثم إلى دبي، فيما تبيّن الكشوفات حصول كل من أحمد الشيخ والسني عبدات على مبلغ قدره 164 ألف يورو، كما تُظهر الإيصالات وكشوف الصرافة حصول سيدي ولد الديدي على ما يقارب 1.5 مليون يورو ونصف مليون دولار أمريكي.

وقالت المنظمة إن المعلومات والوثائق التي جُمعت من مصادر متعددة تبيّن أن هناك شبهات جدّية حول وجود ممارسات فساد مالي وإداري في صفقة مختبر الشرطة الوطنية الموريتانية، متعهدة بإحالة جميع الوثائق والمستندات الداعمة إلى هيئات مكافحة الفساد الجديدة فور اكتمال تشكيلتها، وكذا إحالتها إلى منظمات أوروبية عاملة ضد الفساد وذلك لوجود شركة جينومد على الأراضي البريطانية