
كما كان لينين يكرر دائما حين يقرر اتخاذ قرار هام : "أمس لم يكن الوقت قد حان و غدا يكون قد فات الأوان" ، علينا نحن اليوم أن نتخذ قرارنا المؤجل منذ الاستقلال ..
على من يريد التعايش معنا بسلم على هذه الأرض الطيبة ، أن يحترم قوانين التاريخ و الجغرافيا و الثقافة ..
و على من يريد أو يراد به أن يكون جزء من مشاكل البلد الأكبر من كل الحلول ،أن يفهم أن موريتانيا ستكون آخر بلد يُدرِّس البولارية و أن ملف الإرث الإنساني الذي طُوِيَّ في عفو عام و خمس تسويات لم تتجاوز أي فاصلة ، بتوقيع جميع أصحابه ، أصبح جزءً من الماضي ..
و على من يريد أن يحوِّل الحراطين إلى زنوج أفارقة ، أن يفهم أن الثقافة لم يهزمها أي عقل أسطوري قبله و أن مصيره الحتمي هو أن يكون ضحية جهله ..
لقد أصبح من الواضح أن مهمة فولان السينغال في موريتانيا ، بعد فشل محاولة انقلابهم و تصفية نخب البلد العسكرية و المدنية و تشريد البقية (في جريمة منظمة تم تحضيرها على امتداد 30 عاما) ، هو اليوم تعطيل عملية تقدم البلد و مُشاغلة أهله عن مواكبة الركب . و قد نجحوا حتى الآن في هذه المهمة الذكية ، المؤدية حتما إلى نجاح مشروعهم ، إذا لم تنتبه السلطات إلى هذا المخطط الخطير !!
منذ استقلال موريتانيا و فولان السنغال شوكة في خاصرتها ، مرة برفض العربية و مرة برفض الفكر القومي الذي ولد بعد أكثر من عقد من الزمن من مؤتمر ألاگ المشؤوم و أحداث 66 و مرة باسم إرث إنساني هم سببه الأول و الأخير و هم من كان يجب أن يكونوا جميعا في السجون بجريمة ارتكاب كل أسبابه ..
لقد أصبحت رسائل فولان السنغال المتوعدة لبلدنا (باسم 18 مليون فولاني في العالم) ، تفضح تفكيرهم و تكشف مخططهم الإجرامي ، معتقدين ـ لصغر عقولهم ـ أنهم بتلك التسجيلات التي تملأ الفضاء الالكتروني ، يمكن أن يرهبونا !!
على السلطات الموريتانية أن تحمي فولاننا من فولان السنغال لا سيما شبابهم المستاء مثل كل شباب البلد ، من الأوضاع المعيشية الصعبة بسبب مُشاغلة البلد بمشاكل لا تعنينا في شيء ..
و على سلطات البلد أن تدرك أن لا حل لمشكلة فولان السنغال إلا بعودتهم مكرمين ، معززين ، إلى بلدهم ..
و صحيح أننا لا نعرف كل فولان السنغال لكننا نعرف فولاننا كما نعرف آباءنا و أجدادنا و تعرف الوثائق الفرنسية الموجودة كلها ، كل المسجلين على لوائح دافعي الضرائب بأسرهم و قراهم و أعدادهم و شيوخ محاظرهم و مساجدهم و اختلاف نمط عيشهم عن كل فولان بقية الدول المجاورة ..
لسنا ضدتعويض فولان موريتانيا بكل شيء ..
لسنا ضد الاعتذار لهم عن أي شيء ..
لكننا ضد الاعتذار لفولان السنغال عن أي شيء أو تعويضهم عن أي شيء ..
إننا نُحمِّل فولان السنغال أرواح آلاف الموريتانيين و سرقة ممتلكاتهم بمئات المليارات ..
ـ نحملهم كامل مسؤولية التخطيط لإبادة شعبنا ..
ـ نحملهم مسؤولية محاولات إشعال بلدنا بحرب أهلية لا سبب لها غير ما تحمل أنفسهم من أحقاد و أطماع ..
ـ نحملهم مسؤولية اعتداءات افلام و أعوانها في الداخل السنيغالي ، على مواطنينا الأبرياء في الضفة و ضواحيها ..
ـ نحملهم مسؤولية نيف و ستين عاما من محاولات عرقلة تقدم بلدنا ..
على نخبنا أن تراجع كليشيهات سرديتها الغبية بتحديد هوية البلد على جي بي أس (GPS) ، عكس العالم أجمع "موريتانيا عربية إفريقية" .. "موريتانيا عربية إفريقية" ؛ هل تكررها مصر ؟ هل تكررها ليبيا ؟ ، هل تكررها الجزائر ؟ هل تكررها السودان ؟ و كلهم دول عربية محاذية لدول إفريقية مثلنا و بها زنوج تعربوا باختيارهم و انسجموا في مجتمعهم ؛ تعربوا لأسباب أكثر من موضوعية لأن لهجاتهم غير مكتوبة و لأن اللغة الرسمية لبلدانهم هي العربية و لأن مطالبتهم بتعلم و ترسيم لغة المستعمر ، كانت ستلزم هذه البلدان باعتبارهم ذيلا له ، يجب إخراجهم من البلد كما أخرجوا المستعمر !
كل فولان موريتانيا يتكلمون العربية و الحسانية و كل فولاني لا يتكلم العربية و الحسانية سينغالي الأصل ..
كل فولاني موريتاني يعتبر العربية لغة القرآن و لغة أهل الجنة ، لا لغة البيظان . و يدرسها تبركا و تذوقا لما تمثل في وجدانه .
و كبار المتعلمين بالفرنسية في موريتانيا من البيظان و ليسوا من الفولان و كبار الكتاب و الروائيين و المبدعين بالفرنسية ، من البيظان و ليسوا من الفولان و هي مفخرة لنا و لهم ؛ لكنهم يعتبرون العربية لغة ثقافتهم و إسهامها الحضاري جزء من مجدهم ..
ما الفرق بين موريتانيا المُستعمَرة و موريتانيا المُستقِلَّة (بعد خمس و ستين عاما) ، إذا كان وزير الداخلية في بلدنا ما زال يحتاج مُترجِما بينه و بين أحد ولاته ؛ لأن أحدهما ما زال يرفض أن يتكلم بالعربية حتى لو كان يتقنها ؟
حين تصل الأمور إلى هذا الحد ، لا بد أن يكون الحل قانونيا ، لا سياسيا و لا اجتماعيا و لا توافقيا بأي معنى آخر و لا بد أن يلتزم الجميع بما يحكم به القانون ..
لقد جربت موريتانيا كل الحلول و تحملت كل الطعنات و تجاوزت كل الإساءات و تعامت عن كل الجرائم؛ فلماذا يطلب منا فولان السنغال وهم حفنة من المشردين ما لم يحصلوا عليه في بلدهم الأم الذي يمثلون فيه حدود 30% ، مثل تدريس لهجتهم و جعل الفرنسية لغة بلدنا الرسمية ، خدمة للعمالة لفرنسا في بلدنا ، كأن كاو ابن خالة هيگو أو تيام صامبا الوريث الشرعي لموليير !؟
إذا كان لدى أي منكم حل آخر فليسعفنا به !
و إذا كان لا بد مما ليس منه بد ، فليكن ما يكون !!
الصحافي: سيدي علي ولد بلعمش



