من أجل دولة قوية بالمواطنة/ الاستاذ احمد سالم بوحبيني

أحد, 09/11/2025 - 13:45

الرسالة التي وجّهها مؤخرًا رئيس الجمهورية إلى موظفي الدولة، مؤكّدًا على ضرورة العمل بما يتوافق مع الانتماء للدولة والمواطنة، تُعدّ تذكيرًا أساسيًا.إنها تبرز مطلبًا لطالما دافعت عنه شخصيًا: وهو ضرورة وجود دولة قوية بالمواطنة، تتحرر من منطق القبائل والانتماءات الخاصة.

في عام 2023، وخلال ظهور تلفزيوني، وجّهتُ رسالتين في هذا الإطار إلى رئيس الجمهورية.الأولى تناولت طريقة إجراء الزيارات الرئاسية في الداخل: فقد عبرت عن رغبتي في أن لا يشارك موظفو الدولة العاملون في نواكشوط في هذه الزيارات، لتمكين رئيس الدولة من لقاء المواطنين بحرية، والتواصل مباشرة مع المعلمين والأطباء والفاعلين المحليين — دون وساطة بروتوكولية.أما الرسالة الثانية فكانت حول الحكامة الإدارية: فقد دعوتُ إلى الابتعاد عن منطق التعيينات المبنية على الوزن الانتخابي أو إظهار الولاء، لصالح الكفاءة والجدارة والفعالية.

فبغض النظر عن الاستثمارات الأجنبية أو الموارد الطبيعية التي يمتلكها البلد، لا شيء يضاهي الإدارة الجيدة للموارد البشرية.فهي التي تضمن التنمية، وتؤسس متانة الدولة، وجودة الإدارة، وثقة المواطنين.

كما حرصتُ أيضًا، مرارًا وتكرارًا، على التنبيه إلى مخاطر خطاب الكراهية والعنصرية الذي يقوّض التماسك الوطني ويعيق أي أفق للتنمية المستدامة.فهذه الخطابات، بعيدًا عن أن تعبّر عن أي حرية رأي، تشكّل إنكارًا للمواطنة وتسميمًا للتعايش المشترك.إنها تُدمّر الدول، وتزرع الشك بين مكونات المجتمع، وتحوّل الطاقات عن الجوهر: بناء أمة تقوم على العدل والمساواة وكرامة الجميع.

ولا يمكن أن تكون حرية التعبير ذريعة للتقسيم أو ملاذًا للكراهيات الانتمائية. بل يجب أن تكون ركيزة لحوار عام مسؤول، يوجه نحو المصلحة العامة ويحترم تنوع المجتمع.

وفي ختام هذه الدعوات التي أطلقتها في ذلك الوقت، أشرت إلى أنها أبعدتنا عن الجوهر.فبينما ينغمس البعض في تظاهرات سخيفة و مناقشات عقيمة أو منطق الانقسامات، تتأخر الأولويات الحقيقية للبلد — الإدارة الجيدة للموارد، وخلق مناخ ثقة للمستثمرين، ومكافحة بطالة الشباب عن الحصول على الاهتمام الذي تستحقه.

الاستاذ احمد سالم بوحبيني 09/11/2025