
لماذا يصمت الموريتانيون عن دماء أبنائهم في أحداث 89؟
ولماذا يجرؤ البعض اليوم على تبرئة الحكومة السنغالية من مسؤوليتها؟
يا جماعة، كفى مغالطات!
أحداث 1989 ليست شجارَ سوقٍ ولا خصومةَ أفراد حتى يقول البعض إن “الحكومة السنغالية لا علاقة لها”.
هذه الأحداث كانت انتهاكات جماعية راح ضحيتها مواطنون موريتانيون هوجموا فقط لأنهم موريتانيون، وتم نهب ممتلكاتهم، وإحراق بيوتهم، وطرد عائلات بعشرات الآلاف.
فهل هذا يحدث دون علم الدولة؟
هل يمكن أن تُنتهَك حقوق الأجانب على أرض دولة ما، بشكل واسع ومنظّم، ثم نقول إن الحكومة “غير معنية”؟!
الدولة مسؤولة بحكم القانون وبحكم الواقع.
لأن الدولة — أي دولة — مُلزَمة بحماية حياة المقيمين على أرضها.
وإذا وقعت اعتداءات جماعية، ودامت أيامًا، وانتشرت إعلاميًا، وتم فيها الاعتداء على آلاف الأبرياء… فهل كانت الحكومة السنغالية “غائبة”؟
أم كانت شاهدةً وصامتةً؟
الواجب اليوم ليس فتح باب الكراهية — فنحن نرفضها — لكن الواجب رفض تزوير التاريخ.
من الخطأ الأخلاقي والسياسي أن نحاول غسل أيدي الحكومات من الماضي حين كانت مسؤولة عن أمن الناس ولم تفعل شيئًا.
إذن الحقيقة بسيطة وواضحة:
ما دام مواطنون موريتانيون قد قُتلوا وهُجّروا على الأراضي السنغالية في 1989،
وما دام ذلك حدث في ظل وجود مؤسسات دولة وجيش وشرطة،
فإن الدولة السنغالية تتحمّل جزءًا من المسؤولية، شاء من شاء وأبى من أبى.
السكوت عن حقوق الضحايا هو جريمة صامتة،
والتاريخ لا يُكتب على مزاج من يريد تبرئة هذا أو إدانة ذاك،
بل يُكتب بدماء الشهداء وآلام المهجّرين



