
.إذا افترضنا –جدلًا– أن لحراطين ليسوا من البيظان كما يقول الشاعر عبدالله ومن على شاكلته وأن لهم قومية مستقلة بذاتها فإن السؤال المنهجي الذي يفرض نفسه ما هي هويتهم الجامعة؟ وإلى أي أصلٍ عِرقيٍّ يُنسبون؟
فالهويات لا تُبنى بالأمنيات ولا بالشعارات الطارئة وإنما تُستمد من معطيات التاريخ ولسان الثقافة ووشائج الاجتماع وسلاسل النسب وأنماط العيش وبالنظر إلى هذه المعايير مجتمعة لا نجد كيانًا تاريخيًا مستقلًا للحراطين خارج الفضاء البيظاني ولا لغةً خاصة بهم ولا تراثًا منفصلًا ولا بنيةً اجتماعيةً قائمة بذاتها عبر القرون.
الحقيقة التي لا يماري فيها منصف أن لحراطين شريحة اجتماعية تاريخية داخل المجتمع البيظاني تكوّنت عبر تداخلات اجتماعية معقّدة لا عبر انفصال قومي أو عِرقي ومحاولة نزعهم من هذا السياق ليست تأسيسًا لهوية بل قطيعة مع التاريخ وبحثًا عن انتماءٍ مُتوهَّم لا يسنده علم ولا واقع
إن الهوية ليست سلاحًا سياسيًا يُشهر عند الحاجة ولا ورقة ضغط تُستعمل عند الخصومة بل هي وعيٌ بالذات وتصالح مع التاريخ وإدراكٌ أن المجتمعات تُبنى بالاندماج والعدل لا بالتشظي والادعاء.
شيخنا محمد الامين



