احتجت مجموعة محمد ولد بوعماتو المالية أمس، على استيلاء القضاء الموريتاني أمس الأول على أموال وأملاك المليونير الموريتاني المعارض محمد ولد بوعماتو، وذلك في إطار الملف القضائي المفتوح منذ أزيد من عام ضد شيوخ وصحافيين ونقابيين ورجال أعمال.
وأكدت المجموعة في بيان وزعته أمس «أن نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز أقدم أمس على خطوة جديدة موغلة في الخطورة والظلم وفي تسخير العدالة لسلب الناس أموالَهم والاستيلاء على كافة موارد البلد بأكمله».
«فبذرائع واهية، تضيف المجموعة، وفى خرق سافر للدستور وانتهاك صارخ لمبادئ الإسلام المقدسة، وبطلب من وكيل الجمهورية، أمر قاضي التحقيق بمصادرة الأصول المصرفية لكل من محمد ولد بوعماتو ومحمد ولد الدباغ (كلاهما من أبناء عمومة الرئيس ولد عبد العزيز ومن معارضي نظامه).
وأضاف البيان: «حتى الأموال المودعة احتياطًا لتسيير مستشفى العيون الخيري الذي أقامه محمد ولد بوعماتو، لم تسلم من هذا الإجراء الجائر، شأنها شأن الأموال التي وضعها بوعماتو ليعود ريعها إلى والدة أبنائه، فالأمر يتعلق هنا بعملية سلب تعيد إلى الأذهان منهج القرون الوسطى، وفى عصرنا الحاضر تذكر بالمصادرات التي تلجأ إليها الأنظمة الشمولية وهي في نفَسها الأخير».
وأضافت المجموعة: «إن على قضاة بلادنا أن يكونوا سدًا منيعًا أمام الحيف والتعسف، فهم يمثلون سلطة مستقلة لا غنى عنها لضمان السكينة والسلم الاجتماعي، وليس على قضاتنا مؤازرة خطوة شخصية لا أخلاقية ولا مشروعة يقوم بها رئيس متعطش للسلطة والمال؛ إن شرفهم كقضاة يجب أن يمنعهم من أن يصبحوا أدوات طيعة في يد طاغية يقمع وينهب رجال أعمال بلدهم بكل وقاحة».
وخاطبت مجموعة بوعماتو القضاة قائلة: «إنكم مسؤولون أمام الأمة بأكملها عن السلطات المخولة لكم بالدستور وقوانين الجمهورية، وعليكم أن تتذكروا أن التاريخ محكمة صارمة ستحق العدل، لا محالة، للذين رفضوا الانصياع للأوامر الجائرة، وستدين، بلا رحمة، كل الذين ضحوا بشرفهم واستقلاليتهم لخدمة نظام طاغية آيل للسقوط».
وتابعت تقول: «لقد صادر محمد ولد عبد العزيز غصبًا أرصدة محمد ولد بوعماتو وأبنائه وأرصدة محمد ولد الدباغ، وهي أرصدة تقدر بعشرات المئات من الملايين، وقد وضعها في صندوق الإيداع، وهو جهاز وضعه عزيز تحت تصرفه يسحب منه متى شاء». وتابعت المجموعة تقول: «إن أملاك محمد ولد بوعماتو المصادرة بدناءة هي حصيلة نصف قرن من العمل الدؤوب، وحصيلة عمر من الكد النزيه تمت مصادرتها في لمح البصر من طرف شخص جعل من نهب أموال الآخرين برنامج حكومته الأوحد؛ أما محمد ولد بوعماتو فقد دأب على تخصيص ثمار نجاحه لعمل الخير، فأنشأ مستشفى للعيون يتعالج فيه الجميع مجانًا».
ودانت المجموعة بشدة ما سمته «الإجراءات الجائرة والمشينة المتخذة ضد محمد ولد بوعماتو ومحمد ولد الدباغ والمصادرة التعسفية لأملاكهما»، مطالبة «بالتراجع عن هذه التصرفات الخطيرة وبمساءلة كل من ساهموا في ارتكاب هذه الأفعال عن الجرم الذي اقترفوه». وأعادت هذه المصادرة ملف الرئيس عزيز وابن عمه المعارض محمد بوعماتو للواجهة؛ وزاد هذه المعركة حدة، التحضير الجاري حاليًا والحاسم للانتخابات الرئاسية عام 2019 التي هي أول فرصة لتجربة إمكان التناوب على السلطة بوساطة صناديق الاقتراع بين الرئيس الحالي المنتهية ولايته وخلفه الذي لم يتحدد بعد.
ومع أن الخلاف بين الرجلين أو «المحمدين» و«ابني العمومة»، كما يسميهما المدونون، يعود لأكثر من سبع سنوات إلا أن ظهور ما اعتبرته الحكومة «قرائن»، على أن تصويت مجلس الشيوخ الموريتاني في آذار /مارس الماضي 2017، ضد التعديلات الدستورية، كان بسبب تلقيهم مع مجموعة من النقابيين والصحافيين رشاوى من رجل الأعمال بوعماتو، كل ذلك فجر المعركة بين الرجلين وحول القضية من نزاع شخصي إلى «قضية دولة».
والغريب أن رجل الأعمال محمد بوعماتو كان أكبر داعم للجنرال السابق والرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، حيث أنه استخدم ماله بالمليارات وعلاقاته الدولية الواسعة لتمرير الانقلاب العسكري الذي دبره الجنرال محمد ولد عبد العزيز في آب/أغسطس 2008 ضد سيدي ولد الشيخ عبد الله، أول رئيس مدني منتخب.
وتؤكد معلومات مسربة من هذا الملف أن الذي يخشاه الرئيس ولد عبد العزيز هو أن يدعم الملياردير ولد بوعماتو مرشحًا للرئاسة في انتخابات 2019، وأن ينجح ذلك المرشح في الانتخابات، ليتمكن ولد بوعماتو من وضع يده على السلطة والثروة في موريتانيا ليصفي حساباته مع ولد عبد العزيز، وهي حسابات ستكون عسرة.