.عادت قضية المعارض الموريتاني المليونير محمد بوعماتو، إلى الواجهة من جديد ليس على مستوى موريتانيا، بل على مستوى جارتيها المغرب والسنغال اللتين اصطفتا إلى جانب النظام الموريتاني في بحثه عن رأس معارضه الشرس.
فبعد أن أدان المغرب بصورة رسمية، الخميس الماضي، نشر المعارض الموريتاني محمد بوعماتو صور جوازات سفر مغربية للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، منعت الحكومة السنغالية أمس محاميه، وليم بوردون، من عقد مؤتمر صحافي في داكار لعرض مواقف موكله أمام الرأي العام.
واستغرب الكثيرون من اللهجة الحادة التي أخرجت بها وزارة الخارجية المغربية بيانها، وبخاصة تأكيدها «منع ولد بوعماتو من دخول التراب المغربي، واحتفاظها بحق متابعات جنائية قد تفتح ضده».
وتزامنت هذه التطورات مع معلومات تم تداولها أمس في نواكشوط حول بدء النيابة العامة في ولاية نواكشوط الغربية التحضير لإصدار مذكرتي توقيف دولية بحق المعارض بوعماتو ومدير أعماله محمد الدباغ، وهما المذكرتان البديلتان عن مذكرتي التوقيف الدوليتين اللتين أصدرهما القضاء الموريتاني يوم 31 أغسطس 2017، وألغت الشرطة الدولية العمل بهما في أكتوبر الماضي بحجة تسيسهما.
وستعتمد مذكرتا التوقيف الجديدتان على تهم غير التهم التي استندت إليها المذكرتان الأوليان، وهي تهَم تشمل تبييض الأموال والتهرب الضريبي والتزوير، وتهم أخرى وصفتها صحيفة «الكلام» الموريتانية المستقلة بـ «التهم المضخمة الجوفاء».
ويتساءل مراقبو هذا الملف عما إذا كانت مذكرات التوقيف الجاري إعدادها، أشهراً قليلة قبل الانتخابات الرئاسية، ستظهر بصورة أكثر إقناعاً للشرطة الدولية من المذكرات السابقة.
وفي إطار تفاعلات هذا الملف، استغرب وليام بوردون، محامي المليونير المعارض محمد بوعماتو، في بيان وزعه أمس، من «فتح تحقيق قضائي ضد موكله بوعماتو من طرف السلطات المغربية حول نشر مزعوم لصور جوازات سفر مغربية للرئيس محمد ولد عبد العزيز».
وقال: «لم ينشر موكلي هذه الصور، وأنا أتحدى من يثبت عكس ذلك، وأنا أعتبر هذا الاتهام غير منطقي بالنظر للخلاف الشديد بين بوعماتو والنظام الموريتاني». وأضاف بوردون: «لم يخف بوعماتو قط معارضته للنظام الحاكم حالياً في موريتانيا والدليل على ذلك النداء الذي وجهه في أغسطس الماضي، الذي دعا فيه إلى مقاومة النظام والعصيان المدني، فمحمد بوعماتو مشهور بمعارضته لنظام نواكشوط وسيظل كذلك».
وقال: «سيكافح بوعماتو، بكل الطرق السلمية والمشروعة، النظام الحاكم في موريتانيا إلى أن يتحقق طموحه في إرساء ديموقراطية حقيقية وحكامة راشدة، وإلى حين إرساء دولة القانون، وهو ما سيتحقق يوماً ما في موريتانيا بدون شك»، حسب تعبيره.
وأكد المحامي بوردون «أن موكله بوعماتو لا يتوفر على حسابات في مواقع التواصل ما عدا صفحة على «فيسبوك» منقطعة التغذية»، مبرزاً «أن موكله سبق أن تعرض لتزوير حسابات باسمه لكن «فيسبوك» أغلقتها بطلب منه».
وأضاف «أن بوعماتو مستعد للرد على تحقيقات السلطات المغربية، مؤكداً تعلقه العميق بالشعب المغربي واحترامه الكبير للمؤسسات في المملكة المغربية التي عاش فيها سنوات سهر خلالها على احترام تام للقانون المغربي». ودعا المحامي «السلطات المغربية إلى التعامل الحكيم مع الأكاذيب الواردة في الملف حتى لا يوظف القضاء المغربي في تصفية حسابات سياسية مع المعارض بوعماتو لصالح السلطات الموريتانية التي تستهدفه منذ سنوات عدة». وكان المحلل السياسي الموريتاني البارز حسين حمود نقل عن «مصدر مطلع»، تأكيده بأن «تطورات كبيرة تجري على الحدود الشمالية بين المغرب والرئيس عزيز، وأقول عزيز ولا أقول الدولة الموريتانية، لأن الأمر مرتبط بمصالح المغرب كدولة ومخططات الرئيس عزيز كشخص وليس بالضرورة مصالح البلد».
وبهذه التطورات تتواصل معركة ليّ الذراع السياسية بين نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز وخصومه، وبالذات بينه وابن عمه الملياردير محمد ولد بوعماتو الذي هو اليوم بعد أن كان أكبر داعمي انقلابه عام 2008 على الرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله.
وبعد أن ظهر الخلاف بين الرئيس عزيز وولد بوعماتو، تعرضت مؤسسات بوعماتو لمضايقات من إدارة الضرائب، واضطر بوعماتو للهجرة حيث أقام، مستخدماً جنسيته الفرنسية، بمدينة مراكش المغربية قبل أن ينتقل للإقامة في بروكسل.
ويعتبر ولد بوعماتو بثروته الطائلة وعلاقاته الدولية الواسعة وسمعته الطيبة داخل موريتانيا التي اكتسبها بعمله الخيري، وبخاصة مستشفاه الخيري المتخصص في العيون، مصدر قلق كبير لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي سيواجه موقفاً صعباً في انتخابات 2019 موعد انتهاء ولايتيه الرئاسيتين