بعد خروج منتخب بلادهم من دور المجموعات من كأس الأمم الأفريقية، مصر 2019، الذي شارك في البطولة لأول مرة، توزع المشجعون الموريتانيون بين المنتخبات الأفريقية، غير أن قلوب معظمهم كانت مع المنتخبات العربية، وتابعوا مبارياتهم بكثير من الشغف، وخرجت المسيرات في شوارع العاصمة الموريتانية نواكشوط، بعد كل فوز لمنتخب عربي.
ومع وصول البطولة لمباراتها النهائية، التي تجمع بين جارة موريتانيا الشمالية الجزائر، وجارتها الجنوبية السنغال، ينقسم الموريتانيون أيضًا في تشجيعهم للمنتخبين.
الجزائر.. الجوار والعروبية
ويرجع بعض المشجعين الموريتانيين دعمهم لمنتخب الجزائر، كونه منتخبًا عربيًا بالدرجة الأولى، ثم جارًا بالدرجة الثانية، حيث تتوزع بعض القبائل على طرفي حدود البلدين، وتجمع بين الشعبين علاقات اجتماعية كثيرة.
فيما يرجع آخرون دعمهم للمنتخب الجزائري لأسباب تاريخية، بعضها رياضي والآخر سياسي، فمنتخب الجزائر الذي فاز بالكأس الأفريقية العام 1990 حظي بمتابعة كبيرة وتشجيع من قبل الموريتانيين حينها، ولا يزال كبار السن في البلاد من المهتمين بالشأن الرياضي، يذكرون ذلك الإنجاز ويعددون أسماء اللاعبين الجزائريين الذين لمع نجمهم في تلك البطولة.
كما أن الدوري الجزائري استقطب في الآونة الأخيرة الكثير من اللاعبين الموريتانيين، الذين احترفوا في عدة أندية جزائرية، بما فيهم لاعبون شاركوا في النسخة الحالية من البطولة، ما أتاح لبعض الموريتانيين التعرف على الدوري المحلي الجزائري، وتشجيع نواديه المشاركة في المسابقات الأفريقية للأندية، كما أن وجود لاعبين من الجزائر ينشطون في الدوريات الأوروبية، ومن أبرزهم رياض محرز، كان له دور في استمالة بعض المشجعين الموريتانيين.
فيما ينظر بعض الموريتانيين للجزائر ومنتخبها من زاوية أخرى، بعيدًا عن الرياضة، وتم تداول منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تقول إن ”الجزائر أكثر من بلد جار“، وتركز على المواقف التي اتخذتها الجزائر لصالح الدولة الموريتانية منذ الاستقلال وحتى اليوم، شملت دعم موريتانيا في طباعة عملتها في السبعينيات، وخروجها من ”الإفرنك الأفريقي“، وفي تأميم شركة المعادن الأكبر في البلاد ”سنيم“، والتي تعتبر حاليًا أكبر مشغل في البلاد بعد الحكومة، بالإضافة لجمة من المواقف الداعمة لموريتانيا في المحافل الدولية.
السنغال.. الجوار والتداخل الاجتماعي والثقافي والاقتصادي
على الطرف الآخر من نهائي البطولة الأفريقية، يوجد منتخب دولة السنغال جارة موريتانيا على الضفة الأخرى للنهر جنوبي البلاد، حيث التداخل الاجتماعي والثقافي والاقتصادي.
وتحظى السنغال بتشجيع كبير في صفوف الموريتانيين، وكما خرجت المسيرات فرحًا بتأهل الجزائر للنهائي، كذلك خرجت فرحًا ودعمًا لمنتخب السنغال بعد تأهله للمباراة النهائية.
وترتبط موريتانيا بعلاقات معقدة مع السنغال، يتداخل فيها الديني والاجتماعي، ولا تقتصر على وجود قبائل من الزنوج الأفارقة بين البلدين، بل إن معظم عرب موريتانيا مرتبطون بشكل كبير أيضًا بالسنغال.
وتعتبر الجالية السنغالية في موريتانيا أكبر جالية أجنبية في البلاد، واحتفالاتها في موريتانيا بانتصارات منتخبها مشهودة في نواكشوط، ويشارك فيها الموريتانيون بشكل كبير، كما توجد جالية موريتانية كبيرة في السنغال، وعدد لا يستهان به من الطلبة، وهي الملاذ الأول للمرضى الموريتانيين الباحثين عن العلاج؛ نظرًا لتقدم الطب فيها بالمقارنة مع دول المنطقة.
فيما يرى بعض المشجعين أن وجود لاعبين في أسود التيرانغا كساديو ماني، وكوليبالي، كان له دور كبير في استمالة بعض المشجعين الموريتانيين، خاصة أن نادي ليفربول الذي يلعب فيه ماني يحظى ببعض المشجعين، الذين لا يستهان بهم في موريتانيا.
ويقول بعض المشجعين الموريتانيين إن السنغال هي الأحق بالفوز بهذه النسخة من الكأس، ومن غير العدل ألّا يكون في تاريخ هذا المنتخب العريق بطولة أفريقيا