أثارت تصريحات النائب البرلماني الموريتاني والحقوقي المناهض للعبودية بيرام ولد الداه اعبيدي من بروكسل، غضبا وجدلا كبيرا في الأوساط السياسية وصلت إلى اعتبار "السكوت عما قاله جريمة".
ووصف اعبيدي موريتانيا بـ"بلد الأبارتايد" و"دولة الفصل العنصري"، في خطاب ألقاه في جنيف ببروكسل قبل يومين بمناسبة استلامه جائزة "الشجاعة في مواجهة الرق"، التي مُنحت له في دورة 2020 لقمّة جنيف لحقوق الإنسان والديمقراطية.
وتعرض بيرام لانتقادات كبيرة من شخصيات كثيرة في موريتانيا، أبرزها رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في موريتانيا أحمد سالم ولد بوحبيني، الذي قال إن تصريحاته "تتنافى مع الجو القائم من انسجام بين الجهات العمومية ومنظمات المجتمع المدني وهيئات حقوق الإنسان".
وفي اتصال مع "أصوات مغاربية" من العاصمة جنيف، دافع بيرام ولد اعبيدي عن تصريحاته، بل وأصرّ عليها، وقال إنه سيكرر وصف موريتانيا بأنها "بلد الأبارتايد" في المطار عندما يعود إلى البلد.
نص الحوار:
تصريحاتك الأخيرة أثارت انتقادات ضدك، فهل كنت تقصد بقولك "موريتانيا بلد الأبارتايد" ممارسات معينة، أم تقصد الدولة كلها بمؤسساتها؟
أنا جاد في وصفي موريتانيا ببلد الأبارتايد، لأنها تعامل مواطنيها المُسترَقّين والسود كما كان يعامل البيضُ السّودَ في جنوب أفريقيا.
نظام الحكم غير عادل في توزيع الثروة والعدالة والوظائف بين البيض والسود
طبعا لا أقصد كل الموريتانيين البيض، فليس كل البيض موالين لنظام الحكم الذي يعامل السود معاملة الفصل العنصري.
إن نظام الحكم غير عادل في توزيع الثروة والعدالة والوظائف بين البيض والسود في موريتانيا، وبالتالي فهو ينهج نهج الأبارتايد في معاملة المواطنين ويميز بينهم في كل شيء.
هل لمستم تغييرا في هذه الممارسات منذ انتخاب ولد الغزواني رئيسا جديدا للبلاد؟
لا، لم نلمس تغييرا ذا فائدة، ثم إن الرئيس الجديد ليس جديدا في الحكم، هو قديم قبل انتخابه في أغسطس الماضي، هو رجل ذو نفوذ قوي وكان الشخصية الثانية في البلاد.
صحيح أنه مهذب ويختار ألفاظه في التعامل مع معارضيه وهو بذلك يختلف كثيرا عن سلفه (الرئيس السابق)، الذي يصف معارضيه بكل الأوصاف بدون سبب وبشكل مستمر.
أما فيما يتعلق بالحكامة فما عدا تخفيف تنكيل قوات الأمن بالمتظاهرين وهو أمر يُذكر ويُشكر، فإن نظام الاستعباد المحمي من طرف الدولة لا يزال جريمة قائمة في ظل نظام ولد الغزواني.
لقد قدّمَت حركتي "إيرا" جريمتي عبودية نكراء تعرض لها قاصران، لكن أجهزة الدولة من عدالة ونيابة عامة وقضاة ساعدوا المجرمين على الإفلات من العقاب بل وتحدّوا ضميرنا ونضالنا وجراحنا بأن أعادوا الضحيتين إلى الجلاّدين، وكذلك فعلوا في قضية القاصر الطفل يوبّا ذي الثماني سنوات، حيث أعادوه إلى جلاديه واتهموني و"إيرا" بتزوير قصته!
كذلك الأمر بالنسبة لقطاعات أخرى، فلا حق للسود والمسترَقّين في الاكتتاب والتوظيف ومنح الأراضي المسكونة والمزروعة ورخص الصيد، فهذه تمادى فيها نظام ولد الغزواني.
هل تنوي التصعيد من مطالبك عندما تعود من بروكسل إلى موريتانيا؟
هذا الأمر لا أقرره وحدي بل بالتشاور مع المكاتب التنفيذية لـ"حزب الرق" غير المعتمد، لكنني أقول إنني سأعلن لهم في المطار بموريتانيا عندما أنهي فترتي علاجي في بروكسل بأنهم "جمهورية الأبارتايد"، وسأقول ذلك في البرلمان إذا تركوني أعود إلى مقعدي، وسأقول ذلك في السجن لو سجنوني.
لا حق للسود والمسترَقّين في الاكتتاب والتوظيف ومنح الأراضي
إنهم يعاملوننا بتمييز كبير، وإلا لماذا لم يشرعِنوا "حزب الرق" وحركة "إيرا" ويتركونا ننافسهم ديمقراطيا؟
أقول إنه يمكنني أن أسكت على أمور عديدة في البلد إلا العبودية.. هذا وعدي لأبي.
عندما أعود سأُسهب في وصف هذا البلد بأنه بلد الأبارتايد وسأعطي الأدلة، وسيحكم السامع والمشاهد حينها على وصفي إن كان دقيقا وحقيقيا أو غير ذلك