في مقابلة مع أسبوعية “لوبوان” الفرنسية، ندد الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفراي بـ“انعدام كفاءة القادة الأوروبيين واستهتارهم في مواجهة التفشي الخطير لوباء كورونا؛ معتبراً أن أوروبا أضحت “العالم الثالث الجديد”، وناصحاً إيانا بقراءة ميشيل دي مونتين ومشاهدة أفلام جاك تاتي.
واعتبر الفيلسوف الفرنسي (61 عاماً) أن أزمة فيروس كورونا العالمية تندرج ضمن مسألة انهيار الحضارة اليهودية- المسيحية التي تطرق إليها في كتابه (الانحطاط).
فأيديولوجية أوروبا “الماستريشية” (نسبةً إلى اتفاقية ماستريش) التي تم ضربها بهراوة منذ عقود سقطت كالفاكهة المتعفنة. فنتيجة السياسة الليبرالية الأوروبية: ترك كبار السن الذين أصيبوا بفيروس كورونا عند مدخل المستشفى ليموتون في ركنهم، بزعم أن فرص نجاتهم كانت ضعيفة مقارنة بأولئك الأصغر سناً!
نبعث إلى الحرب، كما وصفها الرئيس الفرنسي، أطباء وممرضين تعجز الحكومات عن توفير كمامات طبية لهم.. كل هذا وذاك يظهر شكلا من الأشكال التي يأخذها هذا الانهيار
ولكن أيضا أن نبعث إلى الحرب، كما وصفها الرئيس الفرنسي، أطباء وممرضين تعجز الحكومات عن توفير كمامات طبية لهم! كل هذا وذاك يظهر شكلا من الأشكال التي يأخذها هذا الانهيار، يقول الفيلسوف ميشال أونفراي.
وقال الفيلسوف الفرنسي إنه بنفس الطريقة التي أظهر بها سقوط الاتحاد السوفييتي أن الشرق عاش في الوهم لأكثر من نصف قرن من الزمان فيما يتعلق بالإمبراطورية الماركسية-اللينينية، التي تحولت إلى نمر من ورق؛ فإن وباء كورونا يظهر بقسوة أن أوروبا الماستريشية التي تم تقديمها على مدار ربع قرن على أنها وحش اقتصادي من المحتمل أن يتصدى للإمبراطوريات الكبرى في العالم، ها هي اليوم تسقط في هذا الأمر: عاجزة عن صنع وتوفير الكمامات للأطباء والممرضين. وأشار أونفراي إلى أنه في إيطاليا التي يبلغ عدد سكانها 60 مليون نسمة، تسجل وفيات بسبب فيروس كورونا أكثر من الصين، التي يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة. وأكد الفيلسوف أنه “في الواقع وباختصار أضحت أوروبا العالم الثالث الجديد”.
وأوضح ميشال أونفراي أن الفيروس غير موجود بشكل مستقل عن الاقتصاد، ففي اقتصاد العولمة، جعلت الطريقة الليبرالية الماستريشية (نسبةً إلى اتفاقية ماستريشت الأوروبية) من الربح الأفق الذي لا يمكن تجاوزه في جميع السياسات؛ فمثلا: كمامات وتخزينها؟ أمر غير مربح… والاستثمار في البحث؟ ليس بالأمر المربح على الفور.. التوفر على خدمة طبية فعالة للجميع؟ ليس أيضا بالأمر المربح، بل يجب ترك الخدمة الطبية الجيدة للأغنياء الذين يستطيعون تحمل مصاريفها.
وعليه، يقول الفيلوسوف الفرنسي، فإن ظهور فيروس كورونا يكشف، بالمعنى الفوتوغرافي للمصطلح، حقيقة الخيارات الاقتصادية، وبالتالي السياسية التي اتبعها حكام فرنسا مثلا منذ فاليري جيسكار ديستين وحتى إيمانويل ماكرون.
تجدر الإشارة إلى أن ميشال أونفراي يعد امتدادًا لفلاسفة ما بعد الحداثة في فرنسا وقد أسهم بصفة جديّة في الفلسفة الفرنسيّة المعاصرة. وهو معروف بغزارة مؤلّفاته التي تُعدُّ بالعشرات… ترجم منها كتاب واحد إلى اللغة العربية وهو “نفي اللاهوت” من قبل الباحث المغربي مبارك العروسي. وقد صدر عن منشورات الجمل.