كتب رئيس تحرير صحيفة المجد الاردنية مقالا تناول فيه بعض خصال المناضل العربي الشهم قائد البعث بعد رحيل الشهيد صدام حسين عزة ابراهيم الدوري.
وهذا نص ماكتبه :
اخانا ومصدر فخرنا الرفيق المقاتل عزة الدوري الاكرم
السلام عليك ايها القائد الصوفي والبعثي الامين
السلام عليك ايها الليث الرابض في عرين النضال، وفي قلب الخطر، وفي شموخ النخيل، وفي شرايين الفرات، وفي ذاكرة كربلاء·
السلام عليك ايها المعلوم المبني للمجهول، والمعروف بغير “ال التعريف”، والاسم العلم المعتمر طاقية الاخفاء، والضمير المستتر الذي يعلن عن ذاته بالافعال لا بالاقوال، وبالانتصارات لا بالتصريحات، وبخارطة الدم لا “خارطة الطريق”·
تحية لك.. تحية رفاقية صادقة تليق بقائد صامد مازال يرفع راية العروبة، ويمتشق سيف الجهاد، ويرتل سورة الفتح، ويجدد صهيل “ذي قار”، ويقبض على جمر الوطن والدين، ويمرغ كبرياء العسكرية الامريكية في الوحل، ويثبت لها ان غزو العراق ليس لعبة او نزهة، ويترك لها ان تختار بين الخروج من العراق او الخروج من التاريخ·
المجد لك، يا ابا احمد، وانت تقاتل وحيداً بلا معين عربي او نصير اجنبي.. بلا دعم مالي او عون تسليحي.. بلا حليف قريب او رديف بعيد.. بلا غطاء رسمي او شارع شعبي، فقد ماتت العرب انظمة وشعوباً، وقالت لك·· اذهب انت وحزبك وشعبك وقاتلوا انا ها هنا قاعدون!!
لمثلك، ايها المرابط في ضمير العراق، تنحني الهامات، وتتعالى الهتافات، وتزغرد البنادق، وتنتسب الرجولة، وتهرع اكاليل الغار، وتنفتح ابواب الانتصار، ويصطف حرس شرف قوامه عيون القوافي والاشعار، وينتصب قوس قزح كبير وجميل له شكل الراية العراقية المباركة بشعار “الله اكبر”·
لمثلك يا ابا احمد ترنو عيون العراق، وتهفو اشواق دجلة والفرات، وتصبو جراحات شط العرب.. فليس العراق مركباً سهلاً يلين للمحتلين، او مطية طيعة تسلس قيادها للخاسئين، او سبية منفية تبحث عن هويتها في دهاليز الامم المتحدة، او تركة بلا ورثة يتناهبها الجعفري والجلبي والطالباني وهالبرتون.. بل العراق فاعل مرفوع بالعروبة، وعلم في رأسه نار، وسيف في حده الحد بين الجد واللعب، وجواد بري جموح يحطم رقاب المتطاولين عليه، وحمى عربي ابي مسيج بابجدية الضاد، ونسور “البعث”، وعبقرية بدر السياب، ومقامات ناظم الغزالي، ورماح رشيد عالي الكيلاني، وامجاد هارون الرشيد·
المجد لك، يا رجل، وانت تتحدى الزمن الامريكي، وتتخطى الهوان العربي، وتفضح التواطؤ العالمي، وترهب طابور العملاء، وتحبط الفتن الداخلية، وتعزز الوحدة الوطنية، وترفض تحويل العراق الى بازار سياسي قائم على البيع والشراء والسمسرة والمحاصصة والمرابحة والكوتات والصفقات وباقي المفردات التجارية·
قلبي معك، يا ابا احمد، وانت تعاني الامرّين.. مُر القريب ومُر الغريب، وانت تحارب على جبهتين.. جبهة الاعداء وجبهة العملاء، وانت تقاسي المشقتين.. مشقة المرض ومشقة القتال.. وانت تنهض بمهمتين.. مهمة التحرير ومهمة التوحيد، بعد ان عاثت امريكا في ارض العراق احتلالاً، وعاثت ايران في شعب العراق تمزيقاً وتفريقاً·
لو لم تكن، ايها الرفيق الغالي، خريج مدرسة “البعث”، ورجل المهمات الصعبة، وصاحب تاريخ نضالي عريق، ورمز الصفاء الصوفي دينياً ووطنياً.. لما امكن لك ان تصمد فيما تنوء تحته الجبال، وان تقاتل في مواجهة اعظم آلة عسكرية في التاريخ، وان تمارس الخفاء وسط غابة من العيون والاعوان والجواسيس واجهزة الرصد والتصنت البالغة الدقة·
لو لم تكن بطلاً استثنائياً، وقائداً اسطورياً، واستاذاً في فنون المكابدة والمجالدة والشجاعة والاصطبار، لما امكن لك ان تهز اركان الامبراطورية الامريكية، وتعيد لها ذكريات حرب فيتنام، وكوابيس النعوش الطائرة، وانهيارات قيمة الدولار، فمن سردابك تحت ارض الرافدين ها انت تهز عرش بوش في البيت الابيض، وغرور رامسفيلد في البنتاغون، واحقاد غوندليزا في وزارة الخارجية·
لو لم نكن من معاصريك، يا ابا احمد، ونرى بام العين افعالك، ونسمع بام الاذن اقوالك، ونقف كل يوم على انجازاتك وبطولاتك، لما صدقنا اننا في حضرة قائد عظيم يقترب من مقام المعجزة، ورحاب الاسطورة، وجغرافيا المستحيل.. ففيما تنخ دول كبرى امام سطوة امريكا، وتسير هيئة الامم المتحدة ذليلة في ركاب امريكا، ويتسابق قادة العرب وحكامهم لاداء مناسك الحج في مزرعة كرافورد، تقف انت شاهراً بأسك، رافعاً رأسك، رافضاً التبعية لامريكا، ومؤذناً في الناس.. حي على الجهاد، حي على الاستشهاد·
اي الرجال انت ايها العزة ابراهيم الدوري؟؟ ومن اي معدن خرجت ايها الفارس المفاجئ؟؟ هل انت قادم من معركة القادسية بعد ان ادخرك سعد بن ابي وقاص لمثل زماننا هذا ؟؟ هل انت طالع من معلقة عنترة العبسي ام معلقة عمرو بن كلثوم ام ديوان الحماسة ؟؟ لماذا كنت مسؤولاً اعتيادياً في الزمن السهل ثم اصبحت بطلاً حقيقياً في الزمن الصعب، خلافاً لكل النواميس والقواميس ؟؟ كيف غادرت موقع الرجل الثاني او الثالث في زمن الحكم، لتتبوأ موقع الرجل الاول في زمن المقاومة والفداء والعمل السري؟؟
تمهل ايها الرجل الاسطوري، لانك تكاد تخطف قلوبنا اعجاباً بك، وتخطف اصواتنا دعاءً لك، وتخطف ابصارنا خجلاً منك، وتخطف انفاسنا خوفاً عليك.. ففيما يلتمس الاخرون شرعيتهم من لندن وواشنطن، تلتمس شرعيتك من “ارض السواد”·· وفيما يهرول الاخرون نحو الاستسلام، تهرول نحو الاستشهاد.. وفيما يرفع الاخرون راية المفاوضات، ترفع راية الثورة والكفاح المسلح..وفيما يتلقى الاخرون دروساً في الاصلاح الديموقراطي من الاستاذة غوندليزا، تنهض انت لكي تلقن الدنيا باسرها دروساً في فنون المقاومة والقتال والاستبسال·
تمهل يا ابا احمد، لانك تكاد تسبق الزمان، وترهق السلاح، وتتخطى المستحيل، وتذلل الصعب، وتروض الخطر، وتتجاوز المتعارف عليه، وتحطم الارقام القياسية، وتعتقل الاحتلال الاميركي، وتحول اوباش المارينز الى رهائن، وعملاء امريكا الى طرائد، ودولة الجعفري – الطالباني الى خرائب كرتونية تفتقر الى كل مقومات الوجود ومكونات البقاء·
على رسلك ايها الرقم الصعب والاسم العلم، فقد اتعبت اقلامنا واوراقنا وحروفنا اللاهثة خلف بطولاتك، والمقصرة في مواكبة عملياتك، والعاجزة عن الارتفاع الى مستوى ابداعاتك واشراقاتك.. اذ شتان بين كاتب بالدم، وكاتب بالحبر.. بين ثائر لتحرير العراق، وناشر لتحرير الصحف.. بين مارد يدير مطابع التاريخ، وراصد يلاحق مطابع الورق.. بين عملاق يكحل عين الشمس بحروف الليل، وصحفي يسود بياض الصفحات بما تيسر من المعاني والكلمات·
اخانا ابا احمد.. فارس الرافدين، ووارث امجاد بني العباس·
السلام عليك بكرة واصيلاً، والمجد لك عابداً لله وصامداً في حومة الوغى، والعهد لك نقطعه امام امتنا والتاريخ، ان نبقى الاوفياء لمسيرة التحرير، والامناء على تراب العراق وفلسطين، والمخلصين لرسالة العرب الخالدة، والحريصين على صلاة الجماعة في محراب النداء الناصري القائل بأن ما اخذ بالقوة لايسترد الا بالقوة.