بدأت أصوات أمريكية ترتفع ضد قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية مقابل استئناف العلاقات مع إسرائيل، وإن كان فقط على مستوى مكاتب الاتصال، وأبرز هذه الأصوات وزير الخارجية الأمريكي الأسبق والمبعوث الخاص للأمين العام في نزاع الصحراء جيمس بيكر. ويوجد المغرب أمام تحد حقيقي، وهو كيف سيقنع إدارة بايدن الجديدة بأهمية الاستمرار بالاعتراف كآلية للاستقرار.
بيكر: قرار ضد توجه واشنطن
وكتب جيمس بيكر مقال رأي في جريدة واشنطن بوست أمس الخميس بعنوان “اعتراف ترامب بمغربية الصحراء الغربية ضربة للقانون الدولي والدبلوماسية”، وهو قوي المضمون. ويقول في بداية المقال “إن إعلان الرئيس ترامب الأخير بالاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية يعد تراجعا مذهلا عن مبادئ القانون الدولي والدبلوماسية التي تبنتها الولايات المتحدة واحترامها لسنوات عديدة”. في الوقت ذاته “يحذّر من تأثيرها السلبي على الحل النهائي للنزاع” وينبه إلى أن “القرار يهدد بتعقيد علاقاتنا مع الجزائر، شريك استراتيجي مهم، وله عواقب سلبية على الوضع العام في شمال إفريقيا”.
ويُثني بيكر على الاتفاقيات التي رعتها الولايات المتحدة للتطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، ولكنه يتوقف عند الحالة المغربية، ويؤكد: “لكن أي نجاح في هذا الجهد لا ينبغي أن يأتي على حساب التخلي عن التزام الولايات المتحدة بتقرير المصير، وهو المبدأ الأساسي الذي تأسست عليه بلادنا والتي يجب أن تظل وفية له”، ويطالب بالمقابل بعدم التخلي عن ساكنة الصحراء كورقة مقايضة.
وشدد على موقف الحياد الذي تبنته الإدارات الأمريكية السابقة سواء الديمقراطية أو الجمهورية، ودعمها لمساعي الأمم المتحدة، وشدد على انتقاد تصور إدارة ترامب التي قامت بخلط ما يسمى باتفاقيات أبراهام مع قضية مثل نزاع الصحراء.
ويستعرض بيكر مخاطر القرار من خلال تصعيد في المواجهات بين المغرب وجبهة البوليساريو، بل ومواجهة بين الجزائر والمغرب علاوة على التشكيك الدولي في قرارات الولايات المتحدة في النزاعات، إضافة الى احتمال تدهور العلاقات الأمريكية الجزائرية في المجال التجاري والتعاون العسكري. ويطالب في خاتمة المقال بضرورة تراجع إدارة الرئيس المقبل جو بايدن عن هذا القرار الذي لم يعتبره قرارا حكيما.
وبدأت أصوات وازنة في واشنطن تطالب بضرورة التراجع عن القرار، ومنها جون بولتون مستشار الأمن القومي السابق لدونالد ترامب، والآن جيمس بيكر وزير الخارجية السابق في عهد جورج بوش الأب، والذي شغل منصب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في نزاع الصحراء ما بين 1996 إلى 2004، وقدّم وقتها ما يعرف بمقترح جيمس بيكر في نسختيه، الأولى تتجلى في الحكم الذاتي، ثم المقترح الثاني وهو الحكم الذاتي لمدة أربع أو خمس سنوات ثم الانتقال الى استفتاء تقرير المصير.
المغرب أمام مهمة إقناع بايدن
ويستمر السؤال معلقا: ماذا سيفعل الرئيس المقبل جو بايدن بشأن اعتراف ترامب بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية. ويوجد رأيان، الأول يعتقد في إلغائه كما سيلغي الكثير من قرارات ترامب السابقة مثل الانسحاب من اتفاقية المناخ، ومنع مواطني بعض الدول الإسلامية من الدخول إلى الولايات المتحدة. ورأي ثان وهو الراجح يميل إلى احتمال وضع شروط قوية على المغرب، وهي ضرورة التقدم بحكم ذاتي مقنع والانفتاح الديمقراطي.
وفي حالة عدم تطبيق المغرب الحل الثاني، أي دمقرطة حقيقية، قد يعمل بايدن على تجميد القرار دون إلغائه، أي عدم فتح القنصلية الأمريكية في مدينة الداخلة جنوبي الصحراء، وتجميد الاستثمارات الأمريكية.
ويعد هذا من الامتحانات الصعبة للدبلوماسية المغربية، وهو الحفاظ على موقف ترامب، حيث ستكون أمام تحدي إقناع الإدارة الأمريكية بأهمية الاستمرار في الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء على استقرار منطقة شمال إفريقيا وغربها