نشارككم العزاء وللفقيد الرحمة والغفران ولأهله الصبر والسلوان،
هذا المقال رائع ومفيد وغني بالمعلومات. صاحبه يتقن اللغة العربية-اللهم بارك له-
ملاحظات على مضمون المقال:
المرحوم سيدي كان رجلا طيبا وإطارا ساميا ذو تجربة عالية في الإدارة والتسيير ولكنه لم يكن رجلا سياسيا بمعنى الكلمة. هوايته الزهد والتعبد والأوراد. وُصُولُهُ إلى منصب رئاسة الدولة لم يكن من إرادته هو ولم يكن مشروعا نابعا منه هو، بل كان الرئيس الراحل اعلي هو وابن عمه الرئيس السابق ول عبد العزيز هما اللذان اقترحاه ودعماه ونصَّبَاه في الرئاسة. ولكنه في ممارسته للرئاسة كان يحيط به كثير من الناس ذوي الأغراض، ليسوا مثلكم يا كاتب المقال، يوجهونه ويجعلونه، على براءته، يتخذ قرارات ومواقف غير صائبة.
لا شك أن المواقف العَفَوِيَة التي اتخذها المرحوم ارتجاليا ستكون صائبة وجيدة مثل رفضه لاستلام المبلغ النقدي الذي أوصل إليه وزير المجموعات المحلية هدية من الرئيس الغابوني وأمره بإيداعه في حساب في الخزينة الوطنية، وكذلك رفضه الثاني لاستلام حقيبة قدمها إليه المرافق العسكري للرئيس السنغالي عبد الله واد.
أما المواقف التي اتخذها بعد التشاور وأَخْذِ المعلومات من محيطه من ذوي الأغراض، فإنها قد تكون صائبة وقد لا تكون. ويجب استقصاء ما قد يكون وراءها من حقائق مجهولة قبل القول بأنها صائبة. أولا، قبوله للترشح للرئاسة على أيادي العسكريين وبدعمهم بدون شروط، ثم بعد ذلك اصطدام غير مدروس مع العسكريين أدَّى إلى وصول هؤلاء الى مقاليد السلطة رغم أنهم لم يكن طموحهم الى هذا الحد. وإننا ما زلنا حتى الان تحت تأثيرات هذه الوضعية التي نشأت آنذاك.
أما المواقف الاخرى، في أن المرحوم اختار قياديا في حزب معارض كرئيس لجامعة نواكشوط، يقال - و الله أعلم – أنه في سبتمبر(2007) تم إيداع الترشحات لرئاسة جامعة نواكشوط في سابقة هي الأولى من نوعها في البلاد وقد بلغت الترشحات 12 ملفا تقدم بها أحد عشر رجلا وسيدة واحدة، ويقال إنه كان من الممكن ان يرجح تمييز إجابي للمرأة -و الله أعلم -ولكن التصفيات في المسابقة كانت محَلَّ شك وسمحت في النهاية بتمييز اجابي من نوع آخر لصالح حزب سياسي ليس بعيدا على العسكريين- و الله أعلم -. إذاً، يُرْجى التأكد مما وراء كل هذا ومَن وراءه قبل أن يُنْسَبَ الامر أنه من إرادة الرئيس وحده.
وأما الموقف الاخرللمرحوم ردًّا على المطالبين بِتَنْحِيَّة إطار موريتاني يرأس منظمة إقليمية موريتانيا عضو فيها آنذاك، وبحجة أن هذا الإطار لا يقوم بدوره في الدفاع عن مصالح البلاد، إن هذا بالتحديد هو النوع من المواضيع التي يكون المرحوم اتخذ فيها موقفه بعد التشاور وأَخْذِ المعلومات من محيطه من ذوي الأغراض، فإنها قد تكون صائبة وقد لا تكون. إذًا، يُرْجى التأكد مما وراء كل هذا ومَن وراءه قبل أن يُنْسَبَ الامر أنه من إرادة الرئيس وحده. ولا يمكن الحكم على حقيقة هذا الأمر ما دمنا لا نعرف تفاصيل هذه الخيانة التي يتكلم عنها المطالبون بِتَنْحِيَّتِه وعقابه. أ هي منظمة عربية أم إفريقية، وفي كلتا الحالتين، إن المسؤول الأول في المنظمة مسؤول عن عدم المَسَاس بمصالح جميع الدول الأعضاء بما فيهم دولته. فإذا فرَّط في مصالح دولة أخرى يكون ذلك خطأ ومخالفة لقوانين المنظمة، أمَّا إذا فرَّط في مصالح دولته هو التي عينته فإنه يكون ارتكب خيانة عظمى سواء كانت تلك الخيانة في حق دولته اقتصاديا أو استراتيجيا لصالح الدول الأخرى أو كانت تلك الخيانة في حق عمالها الموجودين في المنظمة. وهذا كثيرا ما يحدث في المنظمات الدولية حيث ينسى بعض المسؤولين فيها مصالح دولتهم تحت تأثير وإغراء دول أخرى بمجرد شعورهم بالإقامة خارج البلاد. ويَتَرَتَّب على ذلك أن تتخذ الدولة المعنية التدابير التي تطبق في حالات الخيانة العظمى.- و الله أعلم - هل ما يَدَّعِيه المطالبون بِتَنْحِيَّة هذا الشخص وعقابه، هل هو من نوع الخيانة العظمى أم هو دون ذلك