خلفت الاعترافات التي أدلى بها رئيس الحكومة الجزائري الأسبق أحمد أويحيى أمام القضاء، وأكد فيها أنه باع 60 سبيكة ذهبية في السوق السوداء قدمها أمراء خليجيون للرئاسة، صدمة كبيرة لدى الرأي العام الجزائري بسبب تصرف رجل كان يحضر نفسه ليكون رئيسا للجزائر، وبتصريحه هذا يكون أويحيى قد تورط في قضية جديدة ستضاف إلى قضايا الفساد العديدة المتابع فيها.
ولم يجد أحمد أويحيى أي حرج في رده على أسئلة قاضي مجلس قضاء الجزائر خلال محاكمته إلى جانب مسؤولين آخرين في قضية ما يعرف “تركيب السيارات” و”تمويل الحملة الانتخابية للعهدة الخامسة” للرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، بالقول إنه باع “60 سبيكة ذهب قدمت كهدية للرئاسة من طرف أمراء 4 دول من الخليج وقمت ببيعها في السوق السوداء بمبلغ 350 مليون دينار”، وأوضح بأنه لجأ لبيع السبائك “لأن البنوك الجزائرية رفضت شراءها”، وأضاف بأنه “حوّل 600 مليون سنتيم” لزوجته. وفي محاولته للدفاع عن نفسه قال لو كنت “سارقا لأخذت طائرة وبعت الذهب في الخارج”. وجاءت تصريحات أويحيى ردا على سؤال القاضي عن مصدر الأموال التي عثر عليها في حساباته البنكية والبريدية والمقدرة بحوالي 70 مليار سنتيم.
إجابة أويحيى التي صدمت الجميع، خلفت العديد من الأسئلة حول المقابل من وراء تقديم هذه الكمية الكبيرة من الذهب.
من الجانب القانوني يقول المحامي وعضو المجلس الدستوري سابقا، الدكتور عامر رخيلة، إن ما قام به رئيس الحكومة الأسبق، يصنف في خانة “تلقي مزية، وطبقا للقانون 06- 01 (المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته)، فإن عقوبتها ما بين 10 إلى 15 سنة سجنا لا سيما أنها جنحة مشددة بحكم صفة متلقي الرشوة”.
وبعيدا عن الجانب القانوني طرح الخبير، في اتصال مع “القدس العربي”، عددا من التساؤلات حول “لماذا كانت تقدم سبائك الذهب لرئيس الحكومة؟ الأكيد أنه كان هناك مقابل”، فحسبه سبائك الذهب “ليست هبة ولا عطية بل هي رشوة بشكل أو بآخر”.
الخبير: أويحيى منح الأفضلية والتمكين من مواقع معينة في الاقتصاد الجزائري مقابل سبائك الذهب
ورجح المتحدث قيام أويحيى، مقابل هذه الرشاوي، بالتمكين من مواقع في الاقتصاد الوطني ومنح الخليجيين، الذين أهدوه سبائك الذهب، الأفضلية في بعض النشاطات الاقتصادية.
واستبعد الدكتور رخيلة أن يكون البنك اعترض على شراء سبائك الذهب الذي قال أويحيى إنه عرض بيعها عليه، وحسبه فإن رئيس الحكومة الأسبق لم يستطع أن يلتزم بالإجراءات القانونية التي يتطلبها إيداع هذه الكمية من الذهب، فلجأ إلى بيعها في السوق السوداء.
وتعجب الخبير القانوني من “كون أويحيى كان خلال السنوات الأخيرة مستعدا أن يقوم بأي شيء من أجل أن يترشح للانتخابات الرئاسية، والسؤال المطروح ماذا كان سيفعل بالاقتصاد الوطني لو أصبح رئيسا للجمهورية”.
في المقابل يقول المتحدث إن “السيد أويحيى تحلى بالشجاعة لأن هذا الواقع معروف وشائع لكن يتم التستر عليه من الكثير من المسؤولين”، واستدرك قائلا: “لكن بتصريحه أيضا كشف لنا تناقضا في شخصيته، لأنه في فترة من الفترات قال إن الجزائر مهددة بالإفلاس وعدم القدرة على تسديد الأجور، في وقت هو كان يستحوذ” على هذه المبالغ المالية، ويضيف: “ثم إن ما قام به هو تشجيع للسوق السوداء الذي من المفترض أن الحكومة هي من تحاربها وإذا به حاميها حراميها”.
وانطلقت أمس بمجلس قضاء الجزائر العاصمة الجلسة الخاصة بملفي تركيب السيارات والتمويل الخفي للحملة الانتخابية للعهدة الخامسة للمترشح عبد العزيز بوتفليقة، بعد قبول المحكمة العليا للطعن بالنقض الذي تقدم به محامو كل من رئيسي الحكومة الأسبقين عبد المالك سلال وأحمد أويحيى، المتورطين الرئيسيين في القضية.
وتجري المحاكمة بتشكيلة قضائية جديدة للمرة الثالثة للمدانين، بعد قبول المحكمة العليا قرار الطعن بالنقض الذي تقدمت به هيئة دفاع المدانين.
وصدرت في حق كل من سلال وأويحيى ستة أحكام قضائية بالسجن في قضايا فساد مختلفة، ويتواصل التحقيق معهما في ملفات فساد أخرى، منذ اعتقالهما في يونيو/ جوان 2019، بعد خمسة أشهر من اندلاع الانتفاضة الشعبية في 22 فبراير.
ويتواجد أحمد أويحيى بسجن لعبادلة ببشار جنوب غرب الجزائر، فيما يتواجد عبد المالك سلال بسجن المنيعية جنوب شرق الجزائر، بعد نقلهما من سجن القليعة بالقرب من العاصمة الجزائر.