كشف القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية في مدريد كونراد تريبل لجريدة الباييس الإسبانية إجراء واشنطن مباحثات مع أطراف متعددة حول ملف الصحراء، دون الحسم في هل سيتم التراجع عن قرار الاعتراف بمغربية الصحراء الذي اتخذه الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب أم لا. وتلعب دولتان دورا رئيسيا في هذه المشاورات هي فرنسا وإسبانيا. وهناك توجه بالإبقاء على القرار ولكن سيكون مشروطا بشروط سياسية.
وكان ترامب قد اعترف بمغربية الصحراء في قرار له يوم 10 ديسمبر الماضي، وتعهدت وزارة الخارجية الأمريكية بفتح قنصلية لها في مدينة الداخلة أقصى جنوب الصحراء. وقام السفير الأمريكي بزيارة المدينة، ونظمت الخارجية المغربية ونظيرتها الأمريكية لقاء عبر فيديو كونفرس شاركت فيه عشرات الدول حول ملف الصحراء وفرص الاستثمار في المنطقة.
ومنذ وصول الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن إلى البيت الأبيض وبدء مراجعته لقرارات سلفه في ملفات كثيرة مثل حرب اليمن والملف النووي الإيراني ونوعية العلاقات مع السعودية والإمارات العربية، هناك ترقب حول ملف الصحراء، هل ستتم مراجعة قرار ترامب أم الحفاظ عليه؟
والتزمت دبلوماسية واشنطن الصمت حتى الآن، لكن القائم بالأعمال وفي رده على سؤال في حوار أجرته معه جريدة الباييس الجمعة الماضية: هل ستراجع الإدارة الجديدة قرار ترامب الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية؟ يقول “ندرك أهمية الموضوع لإسبانيا. إنه واحد من القضايا التي تجري دراستها. هناك مباحثات مع جميع الفاعلين في إطار الأمم المتحدة، ولكننا لم نتخذ بعد أي قرار. وزير الخارجية بلنكين صرح أنه يريد معرفة السياق والالتزامات المحيطة بالقرار”.
وفي سؤال آخر يقول “جرى اتخاذ القرار بشكل أحادي والإدارة الجديدة تدعي رهانها على التعددية”، وجاء الجواب على الشكل التالي “كل ما أؤكده أن الإدارة الجديدة تجري المباحثات مع الحلفاء ودعم المؤسسات المتعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة، وكل قرار سيتم اتخاذه سيكون في هذا الإطار”.
وتجري وزارة الخارجية الأمريكية مباحثات مع الدول الغربية للخروج بموقف موحد ومع الأطراف الأخرى مثل الأمم المتحدة والدول المعنية بالنزاع مثل المغرب والجزائر وموريتانيا علاوة على حركة البوليساريو. وعلاقة بالغرب، تركز المباحثات مع فرنسا وإسبانيا. وتميل الأولى إلى دعم مغربية الصحراء، وبالتالي الإبقاء على قرار ترامب مع تطويره ليكون مدخلا لحل نهائي للنزاع، بينما تتحفّظ إسبانيا على قرار ترامب وأعلنت معارضته وإن كانت قد أبدت بعض المرونة مؤخرا تفاديا لتأزيم العلاقات مع المغرب.
وكانت صحيفة “القدس العربي” قد أشارت الخميس الماضي، وفق معطيات حصلت عليها، إلى المعلومات نفسها التي قدمها القائم بالأعمال كونراد تريبل في حواره مع صحيفة الباييس. ويوجد انقسام وسط الدبلوماسية الأمريكية بين مؤيد للإبقاء على قرار ترامب الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء بحكم صفة الشريك التاريخي التي يتمتع بها المغرب في أعين الأمريكيين، ويركز هذا الفريق على أن القرار قد يكون مدخلا للاستقرار في المغرب العربي وحلّ هذا النزاع الذي دام أكثر من خمسة عقود، وبين معارض للقرار ووصفه بخرق القانون الدولي كما ذهب إلى ذلك وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر مستعرضا رؤيته في مقال بصحيفة “واشنطن بوست”، ومطالبا بضرورة التراجع عنه.
وقبل معالجة مجلس الأمن الدولي لنزاع الصحراء خلال أبريل/ نيسان المقبل، ستكون واشنطن قد بلورت موقفها في هذا الشأن بالاستمرار في الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء من عدمه، وتفيد المعطيات التي أشارت إليها سابقا “القدس العربي” بترجيح الإبقاء على الموقف مع ربطه بشروط واضحة تتعلق بضرورة التزام الرباط احترام حقوق الإنسان وتحديد أجندة واقعية وواضحة لتطبيق الحكم الذاتي في الصحراء. لكن تصريحات هذا الدبلوماسي تترك كل شيء معلقا بعدما قال إن كل قرار سيكون بالتشاور مع الحلفاء والأمم المتحدة. وكانت هذه الأخيرة قد انتقدت قرار ترامب بينما الدول الغربية لم تسايره باتخاذ قرار مماثل