من المؤكّـد، أن القبيلة في موريتانيا مُـكَـوِّن اجتماعي، وفاعل سياسي لايمكن تعديه أو التمويه عليه، مهما كانت قوة الدولة في الوقت الحالي ..
لكن، عندما يكون ذلك التأثيرتجاوزا للقانون وتصرفا خارج المسؤولية والقانون، فإنه يصبح مَـبعثا للغلق والإشمآزاز ، مما يُـؤدّي إلى شيوع الإستخفاف بسُـلطات الدولة..
وهذا لن يقبله الريئس محمد ولد الشيخ الغزواني على ما يبدو، فإن الرئيس بالتزامه أسلوب التجاهل الذي اتّـبعه إزاء الكثير من التجاوزات في الفترة الأخيرة من طرف بعض القبائل التي تعتبر انها تتعرض لتصفية حسابات لنظرا للشروع في ملف العشرية.
ويرى المتابعون لمُـجريات الأمور أن الليونة التي تظاهر بها الريئس محمد ولد الغزواني في الكثير من الأمورلاتعدو كونها دليل علي قوة مركز صُـنع القرار، وخِـشية من التّـصادم مع قوة القبيلة العريقة. أو بدافع الحِـرص على أن يبقى الدّور السياسي للقبيلة مؤثّـرا وفعّـالا على اعتبار أنها مُـكوّن من مكوّنات التوازن السياسي في موريتانيا. .
وحسب أولئك المراقبين، فإن عملية التّـمويه هذه على سطوة ونفوذ القبيلة، أمر مُـعتاد ومُـؤشر قوي على الحساسية البالغة التي تُـطرح كلّـما أُثِـير موضوع العلاقة بين سلطان الدولة وسلطان القبيلة، حتى وإن تعلّـق الأمر بتجاوزات وخروقات النظام والقانون من قِـبل بعض العناصر القبلية.
وبالتالي فإن تعاطي الرئيس,يأتي ضمن تلك المحدّدات عندما اختار التمويه وآثر الصمت على الحديث، على الرغم من أن الاعتداء وصل حدَّ التهديد بالقتل من قِـبل مجموعات قبلية
وهذا يُـعيد طرح الإشكال القديم الجديد إلى الواجهة في أعلى مُـستوياته في العلاقة بين مؤسسات الدولة والقبيلة، مما يتردّد يَـقِـينا، هو تـغَـوّل القبيلة على مؤسسات الدولة، وهذا يُـساعد السلطة على طرح هذه المشكلة بوضوح، لفضِّ الاشتباك بين المؤسستين، وفصل الدولة، لأن القبيلة أضْـحت تأخُـذ من اختصاصات الدولة ووظائف الدولة الكثير، أما إذا بقت في وضعها الطبيعي ومجالها المعهود في البنية الاجتماعية، فلا ضير من ذلك. ولهذا، يجب أن تُـطرح القضية على كافة المستويات للانتصار لدولة النظام والقانون".
وأنه من الصعوبة بمكان الفصل بين الدولة والقبيلة في موريتانيا خصوصا وأن معظم صانعي القرار داخل مؤسسات الدولة، هم موجودون فيها بسبب انتمائهم القبلي، كما أن قضايا كثيرة يجري حلها وِفق العرف لا القانون، والنفوذ القبلي صار محميا بالمسؤولية التي تمنح لبعض المنتمين للقبيلة وبعض السياسيين.وهذا يترجمه ارسال بعثات الحزب الحاكم الي الولايات الداخلية حيث يعتمد علي الخطاب التقليدي علي دورالقبيلة في مثل هذه المناسبات السياسية, إن المعايشة اليومية لاحداث وظواهر متكررة، ارتبطت وترتبط بنفوذ أو صراعات قبلية تستلزم دائما تجديد الحديث عن سلطان القانون، وسلطان القبيلة، وعلى كل لسان في السلطة والمعارضة، وحتى في الشارع الذي يشكّـل المِـحك للمقارنة بين النفوذ القبلي ونفاذ القانون.
وبالتالي، يُـمكن الجزم أن الدولة والقبيلة متطابقتان إلى حد يستحيل الفصل بينهما".
الياس محمد