وضع القضاء الموريتاني، الإثنين الماضي ، الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، قيد الإقامة الجبرية في منزله بالعاصمة نواكشوط، في خطوة يقول مؤيدوه إن الهدف منها هو قطع الطريق أمام عودته إلى المشهد السياسي.
وفي التاريخ الموريتاني الحديث، تعرض رؤساء سابقون لانقلابات وملاحقات قادت بعضهم إلى الإقامة الجبرية وآخرين إلى السجن.
وفي الحقيقة، فإن الرئيس ولد عبد العزيز نفسه دفع رئيسا مدنيا منتخبا إلى تقاعد سياسي مبكر وفرض عليه الإقامة الجبرية.
وهؤلاء أربعة رؤساء موريتانيين خضعوا للإقامة الجبرية أو السجن:
مختار ولد داداه
يحمل ولد داداه ألقابا مختلفة أبرزها "أب الأمة الموريتانية" أو "مؤسس الدولة الحديثة في موريتانيا". تولى الرئاسة مباشرة بعد استقلال البلاد عام 1960 إلى أن أطيح به في انقلاب عسكري سنة 1978.
كان ولد داداه بارعا في اللعب على الحبال خلال فترة الحرب الباردة، إذ بينما كان يتلقى المساعدات الغربية، خاصة من فرنسا، طالب بتطبيق ما سمّاه "الاشتراكية الإسلامية". كان أيضا لا يؤمن بالتعددية الحزبية، فقد هيمن آنذاك "حزب الشعب الموريتاني" على الساحة السياسية في البلاد.
لكن وبعد 18 عاما في الحكم، قاد العقيد، المصطفى ولد محمد السالك، الانقلاب على نظام ولد داداه. اعتقل الرئيس ووضع في السجن، قبل أن يسمح له بالانتقال إلى فرنسا كمنفى اختياري في أغسطس 1979.
لم يعتزل ولد داداه الرئاسة في المنفى، إنما حاول تنظيم المعارضة من الخارج، فأسّس "التحالف من أجل موريتانيا ديمقراطية" (AMD) في عام 1980. بقيّ في باريس إلى أن سُمح له بالعودة إلى البلاد في 2001، لكنه توفي بعد عامين في مستشفى فرنسي ونقل جثمانه إلى موريتانيا.
المصطفى ولد محمد السالك
بعد الانقلاب على ولد داداه، تولى العقيد، المصطفى ولد محمد السالك، الحكم في البلاد. لكن فترة توليه الرئاسة عرفت تصاعد المواجهات العسكرية بين الجيش الموريتاني ومقاتلي جبهة البوليساريو.
وفي الوقت نفسه، بدأ الصراع العرقي يضرب البلاد، إذ اندلعت توترات بين السود في جنوب موريتانيا والمور العرب الشماليين. ونتيجة لذلك، قاد العقيدان أحمد ولد بوسيف، ومحمد خونه ولد هيداله، انقلابا ثانيا ضد ولد محمد السالك في السادس من أبريل 1979.
قضى ولد محمد السالك حوالي ثلاث سنوات في السجن بين 1981 و1984. حاول الرجوع إلى المشهد السياسي كمرشح مستقل في انتخابات 1992 الرئاسية، لكنه فشل أمام معاوية ولد سيدي أحمد الطايع.
محمد خونه ولد هيداله
تولى العقيد محمد خونه ولد هيداله الرئاسة في أعقاب انقلابه على ولد محمد السالك.
بدأ أولا برئاسة "اللجنة العسكرية للإنقاذ الوطني"، ثم تراجع عن بعض سياسات سلفه، إذ اعترف بالبوليساريو وعزز العلاقات مع الجزائر من أجل وقف المواجهات العسكرية في الحدود الشمالية للبلاد.
وتزامنا مع هذه الخطوات، تدهورت العلاقات بين نظام ولد هيداله والمغرب. وفي مارس 1984، حاول ولد هيداله تهميش رئيس الوزراء آنذاك، معاوية ولد سيد الطايع، لكن الأخير رد بانقلاب عسكري مستغلا تواجد ولد هيداله في القمة الفرنسية الأفريقية في بوروندي.
عندما عاد إلى موريتانيا اعتقل في مطار نواكشوط، وبقي قيد الاعتقال إلى ديسمبر 1988.
حاول الرجوع إلى المشهد السياسي في البلاد عبر انتخابات 2007، لكنه حلّ في المركز العاشر بـ1.73 في المئة من الأصوات.
ولد الشيخ عبد الله
يعتبر الرئيس الموريتاني الأسبق، سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ موريتانيا.
ووصل ولد الشيخ عبد الله (1938-2020) إلى الحكم في 2007، لكن نظامه سقط على يد جنرالين سيصبحان لاحقا حاكمين جديدين للبلاد: الرئيس السابق، محمد ولد عبد العزيز، وحليفه آنذاك الرئيس الحالي، محمد ولد الشيخ الغزواني.
بعد أن تأزمت علاقات الجنرالين بالرئيس، قرر إقالتهما من منصبيهما، لكنهما استبقا قراره وأطاحا به ساعات قليلة قبل إعلان القرار.
وفي وقت مبكر من صباح السادس من أغسطس 2008، تم اختطاف ولد الشيخ من منزله من قبل أعضاء كتيبة الأمن الرئاسي في انقلاب عسكري.
بعد الانقلاب، نُقل ولد الشيخ إلى قريته لمدن في الـ 13 من نوفمبر 2008، وفرضت عليه الإقامة الجبرية هناك، قبل التوصل إلى اتفاق بالعاصمة السنغالية دكار سمح له بإعلان استقالته في الـ 27 من يونيو 2009.