يُعدُّ التملقُ مرضًا أخلاقيًّا مُزمنًا، يصيب الموظف الموريتاني الفاشل و المثقف الغير قادرعلي تغيير واقع معين , فبه تُخرقُ المبادئ لمجرد اللهث وراء المنفعة الذاتية؛ للحصول على ما أيرِيدُ بدون تعب أو جهد، بل الأدهى والأمرُّ أن بعض المظفين أصبح التملقُ عندهم مبدأً، ويعتبرون ما يتحقق من هذا الفعل المذموم إنجازًا ونجاحًا وهذا ما دأب عليه بيت الله مع جميع الانظمة المتعاقبة علي موريتانيا,دون ان يدري ان النفاق والتملق سلوك سيئ, إذ يقول ابن خلدون في "مقدمته": "إن التعاون بين الناس لا يحصل إلا بإكراه البعض على التَمَلُّق، ممن يمتنعون، من ذوي الأنفة والاستعلاء الفطري، لجهل حكمة الله في هذا التعاون لبقاء النوع البشري"! ويستشهد بقوله تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا,
حيث يسعي المتملق لكسب ودي الحاكم حتي يتجاوز عن ضعفه وفشله الوظيفي وكوسيلة للتسلق الوظيفي، وتحقيق المآرب الشخصية، متجاوزاً للقيم الدينية والأخلاقية، مغلفاً الحقيقة بغلاف المجاملة المزيفة! حقيقة، اعتمدها المؤرخ ابن خلدون ونصح الحكام بالابتعاد عن المتملقين . ولهذا نجدُ الكثير ممن يتخلَّقُ بالترفُّعِ والشَّمَمِ، لا يحصُلُ لهم غرضٌ من الجاه، فيقتصِرونَ في التكسُّبِ على أعمالِهِم، ويصيرونَ إلى الفَقْرِ والخصاصةِ"! ميَّز ابن خلدون هنا بين فئتين: فئة تبرع في الخضوع والتَمَلُّق، فتحصّل الجاه والكسب، لا بل والسعادة أيضاً! والفئة المقابلة، البارعة في الأنفة والطباع الحميدة، ستصير إلى الفَقْر، لإصرارهم على المحافظة على فطرتهم، والاقتصار في تكسبهم على عملهم، التي يعتبرها مخالفة لحكمة الله في خلقه والمداهنة - من الأخلاق المذمومة, ثقافة التَمَلُّق والنفاق عقدة نفسية مسيطرة، علي بعض الموظفين يمارسنها ، عن قصدٍ على مر العصور، من أهم أسباب تردي أوضاع موريتانيا على كافة المستويات.. كونه أصبح سمة لا يمكن أن ننكر حضورها الدائم، في كل جزئية من حياتنا، تتقنها الغالبية، إلا من عصم الله، وهم قلة!
حفظ الله موريتانيا من مكر المتملقين والمنافقين
الياس محمد