في الايام المقبلة ستمرّ العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي بامتحان صعب نهاية الشهر الجاري؛ بسبب الحكم المرتقب الذي ستصدره المحكمة الأوروبية حول مدى قانونية اتفاقية الصيد البحري، وكذلك اتفاقية التبادل التجاري التي تشمل منتوجات الصحراء المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو.
وكانت البوليساريو قد اعتمدت منذ سنوات استراتيجية التنديد بما تعتبره استغلال المغرب غير الشرعي لثروات منطقة متنازع على سيادتها. وبدأت حملات دولية سواء سياسية أمام البرلمانات أو أمام محاكم بعض الدول لمنع صادرات مثل الفوسفات، أو الصيد البحري والمنتوجات الزراعية.
وارتباطا بهذا، تقدمت جبهة البوليساريو بدعوى إلى المحكمة الأوروبية ضد اتفاقية الصيد البحري ثم اتفاقية التبادل الزراعي الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، مطالبة ببطلانها، وتؤكد عدم استشارة الجانب الأوروبي سكان الصحراء الغربية. وعقدت المحكمة الأوروبية جلستين يومي 2 و3 مارس/ آذار الماضي، ويُنتظر صدور الحكم يوم 29 سبتمبر الجاري. ودعمت بعض الأحزاب اليسارية الأوروبية جبهة البوليساريو، بينما يدافع عن الاتفاقية مجلسُ الاتحاد الأوروبي المدعوم من طرف المفوضية الأوروبية. في الوقت ذاته، تؤيد بعض الدول هذه الاتفاقيات مثل إسبانيا وفرنسا.
وتوجد سابقة من هذا النوع، والمتمثلة في إصدار المحكمة الأوروبية قرارات ضد الاتفاقيتين عاميْ 2016 و2018، لكن هذه المرة قد يكون الأمر مختلفا نسبيا، بحكم أن اتفاقية الصيد البحري على الأقل ميّزت إقليم الصحراء، وكذلك شددت على استثمار مبلغ مالي من التعويض في الإقليم، وهو ما يجعل الحكم غير محسوم فيه مثل حكميْ 2016 و2018.
وأصدرت البوليساريو هذه الأيام بيانا ترحب فيه بالحكم المرتقب، بينما لم يعلق المغرب حتى الآن على الموضوع. ومن شأن صدور حكم معاكس للرغبة المغربية، أي ببطلان الاتفاقيتين، أن يشكل عنصر توتر جديد في العلاقات الثنائية بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وتمر هذه العلاقات بأزمة ملحوظة، لاسيما بعدما تحفظت المفوضية الأوروبية على قرار المغرب التساهل مع دخول أكثر من عشرة آلاف مغربي إلى مدينة سبتة المحتلة منتصف مايو/ أيار الماضي، ثم صدور بيان من البرلمان الأوروبي يرفض مثل هذه الممارسات ويعتبرها اعتداء على دولة عضو هي إسبانيا، ويؤكد على دعم الموقف الأوروبي من نزاع الصحراء بتأييد مساعي الأمم المتحدة.
كما يتزامن الحكم في ظل برودة وأزمات بين الرباط وعدد من العواصم الأوروبية ومنها الأزمة مع إسبانيا التي بدأت تعرف طريقها إلى الحل ببطء، والأزمة المفتوحة مع ألمانيا وبرودة في العلاقات مع باريس. وبهذا، يشكل قرار المحكمة الأوروبية يوم 29 سبتمبر الجاري امتحانا جديدا وشائكا للعلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، علما أن العلاقات بين الطرفين تراجعت جودتها منذ سنوات