ليس صدفة أن هناك دائما ما هو تونسي في أي قصة موريتانية. فقصة موريتانيا ذاتها عندما بدأت تستقل وتتأسس كان فيها ما هو تونسيّ، نعني اعتراف تونس المبكر بالدولة الموريتانية واستعدادها الديبلوماسي والسياسي لتجسيد ذلك الاعتراف في علاقاتٍ اقتصادية وثقافية نوعيّة.
ثم بعد تلك اللحظة الفارقة سيتجسّد الدور التونسيّ الداعم لموريتانيا في استقطابها للمئات من طلابنا وتكوينهم في جل التخصصات والمعارف. الأمر الذي ترك أثراً بالغا في تكوين وطننا وإمداده بالخبرات والمعارف المدنية اللازمة.
تعدّ الشراكة الموريتانية التونسية مجسّدة في شركة ماتل للاتصالات انعطافة نوعية في العلاقة الفريدة التي تجمع البلدين. وهذا ما يمكن إدراكه إن علمنا أن شركة ماتل للاتصالات هي أول شركة للاتصالات في موريتانيا ربطت جهات البلد ببعضها البعض، ويسّرت التواصل بين أبنائه، ومكنتهم من التمتع بخدمة اتصالات نوعية. ولاشك أن الريادة التي حازت عليها شركة ماتل في الساحة الموريتانية دافعها مهما كان ربحيا لا يمكن فصله عن العلاقة الديبلوماسية التاريخية التي تربط بين موريتانيا وتونس، إذ لولا هذه العلاقة ما كان للشركة أن تجد الحافز ولا حتى الإطار القاعدي للدخول في السوق الموريتانية.
في سوق اتصالات ما زال بكرا ويعمل بأساليب تقليدية يجب على أي شركة تفكر في الدخول فيه إيجاد دوافع لذلك أكثر من الربح. وفي حالة ماتل وموريتانيا، هذه الدوافع تنبع حتما من إملاءات التعاون الديبلوماسي المبني على علاقة تاريخية نوعية.
تسجل الذاكرة الحضرية لنواكشوط كما تبرهن على ذلك صور الإعلانات في الجرائد والتلفزيون بداية الألفية احتفاءً زاهيا بدخول ماتل إلى السوق الموريتانية. وتسجل ذاكرة المواطنين في الوسط الحضري والريفي انطباعات سعيدة عن هذه الشركة التي مكنتهم في وقت قياسي من التواصل بيسر كبير.
هذا يجعل حضور شركة ماتل في موريتانيا على صلةٍ وثيقة بالذاكرة الديبلوماسية للبلاد، وكذلك ذاكرتها الحضرية الفتية. فتصنيف دخول ماتل السوق الموريتانية باعتباره ثمرة للتعاون الديبلوماسي في سياق الاستقلال وتتبع تأثيراتها في الذاكرة الحضرية والشعبية يعطي لهذه الشركة بعدا وطنيا مميزا.
ولعل ما ينقص ذلك البعد الوطني للشركة عن أن يتجلّى لنا كاملا بمعزل عن هذه العوامل هو ربطه بدور شخصية موريتانية مميزة فيه هي بشير مولاي حسن، لأن دور هذا الرجل، المعروف بنزاهته ونبل شخصيته، يضفي طابعا وطنياً على وجود الشركة ويعزز من إمكانية تصنيفها في سياق التعاون الديبلوماسي الوطني.
الطابع الوطني لشركة ماتل الآن هو الذي يحددها، بحكم أولا السياق الذي تعمل فيه، وثانيا، الخبرات الاقتصادية الوطنية المشاركة فيها. ولأجل المحافظة عليه يتوجب على الدولة الموريتانية، ممثلة في سلطاتها العليا رفض سياسة بيع ماتل، وعلى الدولة التونسية العمل على ذلك أيضا.
تنال هذه الدعوة أهميتها في سياق الانفتاح الاقتصادي على الدول المغاربية، فليس معقولاً أنه في مثل هذا السياق، الذي ينادي فيه البعض باستجلاب شراكات من دوّل شقيقة، وتفتح أمامها الأبواب، يتم التضييق على شراكة اقتصاديّة وطنية قائمة مع دولةٍ جارة وشقيقة، كتونس.
مراعاة للسجل الحافل لشركة ماتل في بلادنا، وما بذلته من أدوار ريادية في توفير خدمة اتصالات ممتازة، وشعوراً بالودّ اتجاه أصلها التونسي، يجب الحفاظ على ماتل شركة قائمة عاملة في بلادنا. وأول خطوة في ذلك الاتجاه، هي التصدي لمحاولة بيعها، والتنازل عنها، بضغط من أطراف منافسة.
Le dim. 30 oct. 2022 à 2:39 AM, Cheikho ML <[email protected]> a écrit :
هل تعصف قضية ماتل بالعلاقات الموريتانية التونسية؟
ليس صدفة أن هناك دائما ما هو تونسي في أي قصة موريتانية. فقصة موريتانيا ذاتها عندما بدأت تستقل وتتأسس كان فيها ما هو تونسيّ، نعني اعتراف تونس المبكر بالدولة الموريتانية واستعدادها الديبلوماسي والسياسي لتجسيد ذلك الاعتراف في علاقاتٍ اقتصادية وثقافية نوعيّة.
ثم بعد تلك اللحظة الفارقة سيتجسّد الدور التونسيّ الداعم لموريتانيا في استقطابها للمئات من طلابنا وتكوينهم في جل التخصصات والمعارف. الأمر الذي ترك أثراً بالغا في تكوين وطننا وإمداده بالخبرات والمعارف المدنية اللازمة.
تعدّ الشراكة الموريتانية التونسية مجسّدة في شركة ماتل للاتصالات انعطافة نوعية في العلاقة الفريدة التي تجمع البلدين. وهذا ما يمكن إدراكه إن علمنا أن شركة ماتل للاتصالات هي أول شركة للاتصالات في موريتانيا ربطت جهات البلد ببعضها البعض، ويسّرت التواصل بين أبنائه، ومكنتهم من التمتع بخدمة اتصالات نوعية. ولاشك أن الريادة التي حازت عليها شركة ماتل في الساحة الموريتانية دافعها مهما كان ربحيا لا يمكن فصله عن العلاقة الديبلوماسية التاريخية التي تربط بين موريتانيا وتونس، إذ لولا هذه العلاقة ما كان للشركة أن تجد الحافز ولا حتى الإطار القاعدي للدخول في السوق الموريتانية.
في سوق اتصالات ما زال بكرا ويعمل بأساليب تقليدية يجب على أي شركة تفكر في الدخول فيه إيجاد دوافع لذلك أكثر من الربح. وفي حالة ماتل وموريتانيا، هذه الدوافع تنبع حتما من إملاءات التعاون الديبلوماسي المبني على علاقة تاريخية نوعية.
تسجل الذاكرة الحضرية لنواكشوط كما تبرهن على ذلك صور الإعلانات في الجرائد والتلفزيون بداية الألفية احتفاءً زاهيا بدخول ماتل إلى السوق الموريتانية. وتسجل ذاكرة المواطنين في الوسط الحضري والريفي انطباعات سعيدة عن هذه الشركة التي مكنتهم في وقت قياسي من التواصل بيسر كبير.
هذا يجعل حضور شركة ماتل في موريتانيا على صلةٍ وثيقة بالذاكرة الديبلوماسية للبلاد، وكذلك ذاكرتها الحضرية الفتية. فتصنيف دخول ماتل السوق الموريتانية باعتباره ثمرة للتعاون الديبلوماسي في سياق الاستقلال وتتبع تأثيراتها في الذاكرة الحضرية والشعبية يعطي لهذه الشركة بعدا وطنيا مميزا.
ولعل ما ينقص ذلك البعد الوطني للشركة عن أن يتجلّى لنا كاملا بمعزل عن هذه العوامل هو ربطه بدور شخصية موريتانية مميزة فيه هي بشير مولاي حسن، لأن دور هذا الرجل، المعروف بنزاهته ونبل شخصيته، يضفي طابعا وطنياً على وجود الشركة ويعزز من إمكانية تصنيفها في سياق التعاون الديبلوماسي الوطني.
الطابع الوطني لشركة ماتل الآن هو الذي يحددها، بحكم أولا السياق الذي تعمل فيه، وثانيا، الخبرات الاقتصادية الوطنية المشاركة فيها. ولأجل المحافظة عليه يتوجب على الدولة الموريتانية، ممثلة في سلطاتها العليا رفض سياسة بيع ماتل، وعلى الدولة التونسية العمل على ذلك أيضا.
تنال هذه الدعوة أهميتها في سياق الانفتاح الاقتصادي على الدول المغاربية، فليس معقولاً أنه في مثل هذا السياق، الذي ينادي فيه البعض باستجلاب شراكات من دوّل شقيقة، وتفتح أمامها الأبواب، يتم التضييق على شراكة اقتصاديّة وطنية قائمة مع دولةٍ جارة وشقيقة، كتونس.
مراعاة للسجل الحافل لشركة ماتل في بلادنا، وما بذلته من أدوار ريادية في توفير خدمة اتصالات ممتازة، وشعوراً بالودّ اتجاه أصلها التونسي، يجب الحفاظ على ماتل شركة قائمة عاملة في بلادنا. وأول خطوة في ذلك الاتجاه، هي التصدي لمحاولة بيعها، والتنازل عنها، بضغط من أطراف منافسة.
أحمد ولد محمد الأمين