مرة أخرى قدمت مجموعات المقاومة الفلسطينية في مخيم جنين مشهدا بطوليا عبر تنفيذها كمينا محكما إلى جانب مجموعة من كمائن العبوات الناسفة محلية الصنع، حيث ضربت المقاومة دورية احتلالية مصفحة تمكنت من إخراجها عن الخدمة وإصابة سبعة من جنودها بحسب ما أقر به جيش الاحتلال.
وإلى جانب ذلك قتلت قوات الاحتلال 5 شبان اثنان منهم على الأقل مقاتلان من سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي خلال اقتحامها الذي جاء على غير ما خطط به جيش الاحتلال.
والشهداء هم: الشاب خالد عزام عصاعصة (21 عاما) من الحي الشرقي من مدينة جنين، والطفل أحمد يوسف صقر (15 عاما)، وقسام فيصل أبو سرية (29 عاما)، قيس مجدي عادل جبارين (21 عاما)، والشهيد الخامس أحمد دراغمة من محافظة طوباس والأغوار الشمالية.
كما أعلنت وزارة الصحة عن إصابة 91 آخرين منهم 23 بجروح بين خطيرة وحرجة، خلال عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي، المتواصل على مدينة جنين ومخيمها.
واستشهد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال خلال مواجهات اندلعت مساء الإثنين، في قرية حوسان غرب بيت لحم.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان نبأ استشهاد الشاب زكريا محمد زكريا الزعول (20 عاماً) برصاص الاحتلال الحي في الرأس في بلدة حوسان.
وقال مدير مجلس قروي حوسان رامي حمامرة إن المواجهات تركزت في منطقة المطينة على المدخل الشرقي للقرية حيث أطلقت قوات الاحتلال خلالها الرصاص وقنابل الغاز والصوت، ما أسفر عن اصابة شاب بعيار ناري في الرأس ونقل الى المستشفى لتلقي العلاج، حيث أُعلن عن استشاده لاحقا.
وأوضحت وزارة الصحة في بيان صحافي مقتضب، أن مستشفى جنين الحكومي استقبل 63 إصابة بينها 10 بجروح بين خطيرة وحرجة، إحداها لفتاة، ونُقلت إصابة حرجة بالرأس إلى مستشفى الرازي، فيما نُقلت 27 إصابة إلى مستشفى ابن سينا التخصصي، بينها 12 إصابة خطيرة.
وكانت قوات كبيرة من جيش الاحتلال تقدر بـ120 آلية عسكرية معززة بطائرات “أباتشي”، قد اقتحمت صباح اليوم مدينة جنين ومخيمها، ونشرت قناصتها فوق بعض المنازل والبنايات المطلة على المخيم، خاصة في حيي الهدف والجابريات.
ودارت مواجهات عنيفة في عدة مناطق من جنين ومخيمها، أطلق جنود الاحتلال خلالها الرصاص الحي وقنابل الصوت والغاز السام، باتجاه الشبان، ما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات، بينها حالات حرجة، كما قصفت طائرة حربية من طراز “أباتشي”، لأول مرة منذ عام 2002، أرضا خالية في حي الجابريات من مدينة جنين.
ودمرت جرافة عسكرية تابعة لقوات الاحتلال خط مياه ناقلا في الحي، كما تسببت بانقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء كبيرة من مخيم جنين.
وأوضحت مصادر محلية أن قوات الاحتلال اعتقلت الشابين عاصم أبو الهيجا، ومصعب حسن البرمكي، خلال عدوانها المتواصل على مدينة جنين ومخيمها.
وأشارت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إلى أن مركبة عسكرية تابعة لقوات الاحتلال صدمت مركبة إسعاف للهلال الأحمر بشكل متعمد، ومنعتها من الوصول لنقل مصابين.
كما استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الصحافيين خلال عملهم في تغطية العدوان على مدينة جنين ومخيمها.
وأفاد الزميل الصحافي حافظ أبو صبرا بأن قوات الاحتلال أطلقت النار باتجاه مركبته عند ميدان العودة قرب مدخل مخيم جنين، ما أدى إلى تضررها.
وفي وقت لاحق أصيب الصحافي حازم ناصر برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي. وقالت مصادر صحافية إن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص الحي على ناصر وأصابته في الخاصرة، ونُقل إلى المستشفى لتلقي العلاج.
ويظهر توثيق مكان إصابة المصور الصحافي ناصر، الكاميرا والمعدات التي كان يصور بها أثناء إصابته برصاص الاحتلال.
وتُظهر الفيديوهات والصور أن ناصر كان يرتدي سترة الصحافة وفي منطقة مكشوفة وواضحة للجميع، ما يدل على أن الاحتلال أطلق النار عليه بشكل متعمد.
وحاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي 4 صحافيين في بناية وسط جنين، وأطلقت النار بشكل مباشر عليهم.
كما حاصرت قوات الاحتلال الصحافية رنين صوافطة في منطقة باب الوكالة.
واعتبرت وزارة الإعلام استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي، للصحافيين خلال تغطية العدوان على جنين ومخيمها سعيًا إلى تكرار جريمة اغتيال شهيدة الحقيقة شيرين أبو عاقلة، وفي المكان نفسه.
ودعت المؤسسات الدولية إلى حماية الإعلاميين ومؤسساتهم، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتطبيق قرار مجلس الأمن الخاص بمحاسبة المعتدين على الصحافيين وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
إصابة 7 جنود
وبحسب مصادر محلية فإن قوات الاحتلال اقتحمت المخيم وتحديدا منطقة الجابريات قبيل ساعات الفجر بهدف اعتقال 2 من نشطاء حركة حماس والجهاد حيث تم اعتقالهما، وأثناء خروج القوات تم تفجير عبوة ناسفة في إحدى المركبات من طراز “الفهد” (فانتير) وهي من النوع المصفح والمحصن.
وأشار بيان جيش الاحتلال إلى أن القوات المقتحمة تعرضت لإطلاق نار من مخيم جنين فيما حوصرت خمسة جيبات في الموقع المستهدف.
وبرر جيش الاحتلال استمرار العملية العسكرية لساعات طويلة بأنها جزء من محاولات تخليص الجيبات العسكرية التي علقت في العملية بفعل العبوات الناسفة.
وقال البيان إن “المسألة قد تستغرق عدة ساعات، والعملية يتم تأمينها من الجو والبر”.
ووثقت فيديوهات لمواطنين ونشطاء استهداف دوريات الاحتلال عبر استخدام العبوات الناسفة في أكبر استخدام متقن تقوم به مجموعات المقاومة في مخيم جنين.
وتحدث نشطاء من مخيم جنين لـ”القدس العربي” بأن المقاومة الفلسطينية طورت من تكتيكات الاشتباك مع الاحتلال حيث لم تعد الأولوية لإطلاق الرصاص على دوريات الاحتلال إنما أصبحت الأولوية تفجير العبوات الناسفة التي تزرع في طرقات المخيم ومداخله.
ولأول مرة منذ الانتفاضة الثانية (2002) يستخدم الاحتلال طائرات حربية من نوع أباتشي التي أطلقت صواريخ على مواقع في مخيم جنين، فيما حلقت طائرات من نوع إف 16 في سماء المدينة إلى جانب استخدام طائرات مسيرة.
ونقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية عن مصدر عسكري قوله إن القصف الجوي استهدف مقاتلين شكلوا خطرًا حقيقيًا على الجنود. بينما قال مصدرٌ آخر إن الجيش استدعى مروحية لتأمين عملية إخلاء الجنود المصابين من الجو.
وبحسب موقع “اللا العبري”: “الجنود الإسرائيليون فوجئوا بالكمين، الذي تخلله قنبلة شديدة القوة “كأننا أمام حزب الله في لبنان”.
وقال بيان الجيش إنه يدرس ويحقق في مسألة وضع العبوة الناسفة ونوعيتها وحجمها، مشيرا إلى أنها ليست المرأة الأولى يتم فيها تفعيل العبوة ضد القوات التي تقتحم مدن الضفة الغربية وتحديدا شمالها.
وبحسب اعتراف الجيش فإن العملية كانت عملا روتينيا يحدث يوميا في جنين وشمال الضفة الغربية، لكن كمين المقاومة خلط أوراق الاحتلال، وبحسب مصادر عبرية “يعيد تشكيل قواعد العمل الميداني”.
وأظهرت فيديوهات أخرى تفجير عبوات ناسفة أدت لإعطاب آليتين إحداهما ناقلة جند مصفحة من طراز “الفهد”، ما أدى لإصابة ستة جنود. وقال جيش الاحتلال إن الجنود من “حرس الحدود”، بينما قالت إذاعة الجيش إنهم من وحدة المستعربين الخاصة.
وتم نقل الجنود المصابين إلى المستشفى بمروحيات خاصة، وتحت غطاء من طائرات الأباتشي التي أطلقت صواريخ نحو أهداف في المخيم. وادعى جيش الاحتلال أن إصابة الجنود متوسطة وطفيفة، بينما قالت الصحافة العبرية إن هناك حالات خطيرة بين المصابين.
وتم تفجير العبوات أثناء انسحاب جيش الاحتلال بعد اعتقال عاصم أبو الهيجا ومصعب برمكي، وهما المستهدفان في الاقتحام بحسب إعلان جيش الاحتلال.
ويفحص جيش الاحتلال إن كانت هذه العبوات قد وُضعت قبل وقت من الاقتحام، أو بعد اكتشاف المقاتلين للقوة الخاصة، وكيف علم المقاتلون بطريق انسحاب الجيش بعد انتهاء العملية.
وأكدت إذاعة الجيش أن العبوات التي تم تفجيرها من نوع قوي جدًا وغير اعتيادية. بينما تساءل المعلق أمير بخبوط: “كيف لم يعلم الجيش والشاباك بوجود هذه العبوات في جنين؟”.
وكان الإنجاز الذي يحسب لمجموعات المقاومة هو تمكنها من تفجير مصفحة “الفهد” الإسرائيلي، بعبوة ناسفة وصفت أنها “شديدة الانفجار وغير اعتيادية” وفق إذاعة جيش الاحتلال والمعلق العسكري لموقع “واللا”، أمير بخبوط.
واعترف جيش الاحتلال بإصابة خمسة جنود في وحدة “دوفدوفان – المستعربين”، وجنديين آخرين من الجيش، إثر تفجير “الفهد” وأربع آليات أخرى، مؤكدًا أن أحد الجرحى حالته بين متوسطة وخطيرة. وقال الجيش إن إجلاء آلياته المعطوبة من المخيم سيستغرق عدة ساعات أخرى.
وجر الاحتلال مصفحة الفهد التي تمكنت المقاومة الفلسطينية في مخيم جنين من إخراجها عن الخدمة العسكرية حيث احتاج لساعات حتى تمكن من سحبها عبر آلية عسكرية متخصصة بنقل القطع.
وتشير المعلومات إلى أن ذلك جاء بعد سنتين من إدخال مصفحة “الفهد” إلى الخدمة في جيش الاحتلال، باعتبارها وسيلة نقل آمن للجنود وإجلاء الجرحى بسرعة، وهي مخصصة للعمل في جميع التضاريس، ومصممة لتكون مستقرة في الميدان.
وتزن “الفهد” 10 أطنان تقريبًا، وسرعتها فقط 70 كم/ساعة، وتتسع مصفحة “الفهد” لـ14 جنديًا، وتستطيع حمل عدة أطنان.
وفي بداية عام 2019، تم الكشف رسميًا عن مصفحة “الفهد”، لتحل بديلة في عمليات جيش الاحتلال عن الآليات المستخدمة سابقًا وتحمل اسم “الذئب”. ثم في عام 2021 تم تسليم “الفهد” إلى الوحدات العملياتية، ومنذ ذلك الحين يستخدم جيش الاحتلال “الفهد” في اقتحاماته للضفة الغربية.
وفي أوائل عام 2023، تم تحسين قدرات مصفحة “الفهد” وإضافة قدرات دفاعية إضافية، مما أدى إلى إنشاء مركبة مدرعة جديدة أصغر، تُدعى “صغير الفهد”.
لكن في 2023، أعطب المقاومون في مخيم جنين مصفحة الفهد، وهو الحدث الذي اعتبرته قيادة المنطقة الوسطى (الضفة الغربية) في الجيش “أمرًا خطيرًا وصادمًا، وتغييرًا في قواعد اللعبة” وفق ما أفاد به موقع “واللا”.