يوم غد الاثنين حسب المعطيات المتوفرة سيكون يوما حاسما في مصير المفاوضات بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، الولايات المتحدة تمارس اقصى درجات الضغط خلال الساعات الماضية لمنع انهيار المفاوضات والوصول الى اتفاق، مصادر تحدثت اليها “رأي اليوم” حول مصير هذه الجولة من التفاوض أبدت تفاؤلا، وأكدت ان هذه الجولة حاسمة، ومختلفة عن ما سبقها من جولات لم تفض الى نتائج.
وتقول المصادر ان الأمور وصلت الى نهاياتها، ولم يعد بمقدور نتنياهو المماطلة اكثر او الهروب الى الامام كما ظل يفعل طوال الأشهر الستة الماضية من القتال، وتضيف المصادر ان المقترحات الأخيرة التي تقدمت بها حركة حماس جاءت استجابة لطلبات الوسطاء بأبداء المرونة والقبول بوقف اطلاق نار متدرج، فوضع مقترح حماس وقف اطلاق النار الدائم في المرحلة الثانية أي بعد 42 يوما، وليس في المرحلة الأولى من اجل تسهيل الوصول الى اتفاق.
مقترحات حماس هي اقصى ما يمكن ان تقبل به الحركة، وقد اثنى الوسطاء على المرونة التي قدمتها الحركة، باعتبارها تضع الكرة في ملعب إسرائيل، وان المهمة الآن باتت على عاتق الولايات المتحدة لتمرير الاتفاق ووضع حد لمماطلة نتنياهو ومحاولته افشال كل الجهود للتوصل الى اتفاق.
الولايات المتحدة ستحاول منع انهيار هذه الجولة، لان العواقب ستكون كارثية، خاصة لجهة العلاقة المتوترة بين البيت الأبيض ونتنياهو شخصيا. كما ان واشنطن تحتاج الى هذه الهدنة بشكل ملح وضروي لأسباب متعددة الأوجه منها ما يتعلق بالداخل الأمريكي وأخرى بإسرائيل ذاتها ومصالحها، وكذلك الوضع العام والحسابات في الشرق الأوسط والاقليم.
من الواضح ان الإدارة فتحت قنوات تواصل دبلوماسية متعددة الأطراف من اجل العمل على انحسار التوتر في عموم الإقليم.
وبالنسبة لنتنياهو محاولات الهروب من الاتفاق مستمرة، لكن هذه المرة سيكون تسببه في انهيار المفاوضات وفشل جولة يوم الاثنين مكلفا جدا له على الصعيد الشخصي امام الغضب المتصاعد لأهالي الاسرى الذين يتهمونه بعدم الاهتمام بالإفراج عن ذويهم من جهة، وبين حال الانقسام الذي وصل الى ذروته داخل النخبة السياسية والعسكرية في إسرائيل من جهة أخرى. نتنياهو امس اجل اجتماع المجلس الوزاري المصغر لبحث الصفقة بحجة عطلة السبت، لكن وزير الدفاع يواف غالانت عقد جلسة بديلة شارك فيها رئيس وفد التفاوض الإسرائيلي رئيس الاستخبارات ” ديفيد برنياع “، بعض المجتمعين تحدثوا لوسائل اعلام إسرائيلية عن قناعتهم بان نتنياهو يضيع الوقت.
هذه الاحداث ذات دلالة خطيرة، وتعطي مؤشرات لتوقع ما يمكن ان تؤل اليه الأوضاع الداخلية في إسرائيل اذا افشل نتنياهو الوصول الى الصفقة. فضلا عن تورم الخلافات بين الإدارة الامريكية ونتنياهو، والتي من الممكن ان تنفجر بشكل غير مسبوق، اذا افشل نتنياهو المفاوضات لمصالحته الشخصية.
بدأ يفقد تلويح نتنياهو بالذهاب الى فتح معركة في رفح الآن كبديل عن الوصول الى اتفاق مع حماس، قيمته العملية. أولا، لان الإدارة الامريكية تمانع فتح المعركة في الجنوب في هذا التوقيت والذريعة ان إسرائيل لم تقدم خططا لإجلاء المدنيين من الجنوب، وثانيا، التقديرات الأمنية في إسرائيل والولايات المتحدة معا تقول ان الذهاب الى معركة رفح في شهر رمضان يحمل مخاطر تفجير الأوضاع ليس في الضفة الغربية فحسب بل على جبهات المساندة الخارجية، وسيكون الشهر الفضيل مناسبة لحشد طاقات الضغط الشعبي على حكومات المنطقة التي اثرت الصمت وتمرير جريمة الإبادة بغزة، متجاهلة مشاعر الغضب والإحباط لدى شعوبها جراء العجز والصمت.
هذه العوامل كلها تقول ان عدم تمرير الاتفاق خلال هذه الجولة التي ستبدأ غد الاثنين امر صعب جدا، وان الأقرب للواقع وفق تقديرات الميدان والسياسية هو ابرام الاتفاق والذهاب نحو تنفيذ المرحلة الأولى منه، نسبة النجاح في الدوحة الاثنين كبير جدا، ونسبة الانهيار ضئيلة وتداعياتها كارثية