اعتلى هاشتاغ “إلغاء عيد الأضحى” بعض الصفحات المغربية على منصات التواصل الاجتماعي، وصار من قبيل المغامرة الحديث عن هاشتاغ آخر ينافسه خاصة وأن العد العكسي لاستقبال هذه المناسبة قد بدأ.
التطمينات الحكومية من خلال استيراد رؤوس أغنام لسد الخصاص أولا ورفع العبء المادي عن المواطن ثانيا، لم تجد لها مكانا في تفكير بعض المغاربة الذين سارعوا أو تسرعوا في المطالبة بإلغاء شعيرة عيد الأضحى في المغرب لهذا العام.
أحد الظرفاء، قال إن الهاشتاغ ظهر بعد أن نزلت إشاعة الإلغاء التي أطلقها البعض دون سند حقيقي وكان التفنيد عبر استعدادات الوزارة الوصية على القطاع الزراعي لاستيراد الأغنام الأجنبية، وترقيم المحلية، وتهيئة الأسواق الطارئة التي تقام لهذه المناسبة فقط.
بعض المغاربة فضلوا البقاء في المنطقة الرمادية لا مع ولا ضد، ومن أجل المشاركة في معمعة النقاش الدائر طرحوا أسئلة من قبيل “أصوات تنادي بإلغاء عيد الأضحى، هل أنت مع أو ضد؟”، الجواب لم يأت بالحسم المطلوب ولا بالجدية اللازمة، لسبب بسيط جدا، أن كل مغربي لا يمكنه أن يقبل الحرمان من شعيرة عيد الأضحى كنبض روحي أولا، وكفرحة ومتعة ثانيا، مع ما يرافقها من طقوس معيشية مجتمعية حميمية.
بينما قالها البعض بصريح العبارة “أنا مع إلغاء عيد الأضحى”، موضحا أن العاهل المغربي بإمكانه “أن ينوب على شعبه، وهكذا نشارك في تقليص العبء المالي عن المواطن المسكين”.
التعليقات كانت قاسية نوعا ما، وورد في إحداها ما معناه بالدارجة المغربية “العيد ليس عرسك حتى تطالب بإلغائه”، مبرزا أن من لديه القدرة فعليه بالعيد ومن ليس لديه الإمكانية المالية فلا عيد عليه، لكنه في العموم “هو سنة مؤكدة
لمفهوم في السير العام للجدل، أن من يناصر الإلغاء يقول إنه يتضامن مع المواطن الفقير الذي لا قدرة لديه على مواجهة مصاريف الخروف بما له وما عليه، أما في الجانب المقابل فيؤكد الرافض لهذا المطلب، أن العيد اختياري و”لا يكلف الله نفسا إلا وسعها”، في الطرف الثالث نجد المتأملين الذين ينتظرون من سينتصر، لا هم مع ولا ضد.
حساسية عيد الأضحى في المجتمع المغربي ليست عادية، والمطالبون بإلغاء الشعيرة يؤكدون أن الفقراء رغم فقرهم لا ولن يتمكنوا من اختيار عدم المشاركة في العيد وبالتالي التخلي عن الخروف الذي يشكل لحظة فرح روحية قبل أن يتحول إلى وليمة يومية.
بعض المدونين اختاروا الهجوم على الهاشتاغ وأصحابه، لأنه تطاول على الدين في رأيهم، ولا يجوز الإفتاء إلا للفقهاء فيما نزل من سنن وفرائض، رغم أن المطالبين بالإلغاء لم يفرضوا رأيا أو فتوى بل التمسوا، ويؤكد مدون أن “مناقشة السنة أصبحت تطاولا على الدين”، ليوضح “غريب أمر هؤلاء وكأن الدين مسجل في ملكيتهم الفكرية”، فيما يقول آخر “هذه الخرجات السنوية يقوم بها لوبي كبار سماسرة المواشي، يعزفون للناس البسطاء على الوتر الحساس الذي هو الدين”.
مسألة دخول الهاشتاغ في منطقة الدين وما يرافق ذلك من تحريم ونهي، جعلت أحد العلماء المغاربة المعروفين وهو مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق، يؤكد أن سنة الأضحية هي أولا لها طبيعة دينية يجب التعامل معها كجميع القضايا التي لها طابع ديني، وهذا الموضوع يرجع إلى العلماء والمؤسسات الشرعية، والحسم يتم بالنصوص الشرعية والأدلة القرآنية التي تجزم جزما قاطعا.
وحسب تصريحات بنحمزة المتداولة على نطاق واسع، فإن هذه المناسبة سنة مؤكدة لا يجوز الإجماع على إسقاطها، يعني أنه لا يجب أن تتفق أمة بكاملها على هذا الأمر، وهذه من الناحية الدينية، أما من الناحية الاجتماعية والاقتصادية فإن قرار الإلغاء يضر أيضا بالفلاحين الذين يعملون على تربية المواشي، وهذا لا يمكن القيام به مراعاة لهذه الفئة.
وبالنسبة للفقيه المغربي، فإذا “كان الشخص لا يستطيع شراء الأضحية من أجل أداء الفريضة فلا حرج عليه، لأن الدين الإسلامي هو دين يسر لا دين عسر”، لكنه يستطرد بالقول إن”إلغاء عيد الأضحى له تداعيات دينية واجتماعية واقتصادية كبيرة”، و”لا يجوز الاتفاق على إسقاط السنة، وإذا تعذر على شخص أداء الفريضة، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها.