في إطار الحرب النفسية الشرسة التي يخوضها كيان الاحتلال الإسرائيليّ، تقوم ماكينة الدعاية الصهيونيّة بنشر أنباءٍ عن الأمين العّام لحزب الله اللبنانيّ، السيِّد حسن نصر الله، وتلجأ لتكرار تصريحاتٍ أكل الدهر عليها وشرب، وفي الوقت الذي أكّدت فيه الدولة العبريّة أنّ الحرائق التي ما زالت مشتعلةً في الشمال نتجت عن الصواريخ والمُسيّرات وأقرّت بإصابة 11 شخصًا بجراحٍ متفاوتةٍ، انبرى رئيس (الموساد) السابق، يوسي كوهين، لـ “يكشِف” أنّ دولة الاحتلال تراقب الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، ويمكنها اغتياله متى شاءت، طبقًا لمزاعمه.
وفي مقابلةٍ مع إذاعة جيش الاحتلال (غالي تساهل)، قال كوهين، الذي يُلقّب في الدولة العبريّة بـ (عارض الأزياء)، قال: “نعرف مكان نصر الله ويمكننا القضاء عليه في أيّ لحظةٍ“، على حدّ تعبيره.
وكانت صحيفة (إسرائيل هايوم) قد نشرت تقريرًا مُطوّلًا توقّفت فيه عند قدرات السيِّد نصر الله وإنجازاته منذ توّليه منصب الأمين العام لحزب الله، بعد قيام إسرائيل باغتيال الشهيد عبّاس الموسوي.
وقال المعلّق الإسرائيليّ ومعدّ التقرير يوآف ليمور إنّ “نصر الله بدأ قيادة حزب الله وقد ركّز على محاربة الجيش الإسرائيليّ في (الحزام الأمنيّ) وإطلاق صواريخ نحو الجليل. في تلك الفترة كان يُقتل كل سنة حوالي 25 جنديًا من الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، معظمهم في معارك مع الحزب”.
وأضاف ليمور، الخبير العسكريّ المُرتبِط بالأجهزة الأمنيّة في الكيان، أضاف إنّ نصر الله زرع الإحباط لدى الجمهور الإسرائيليّ وردع الجيش عن القيام بعملياتٍ، هذان الأمران نجحا كثيرًا: الأول أدّى في نهاية المطاف إلى تعهّد المتنافسين في انتخابات عام 1999 (إيهود باراك، بنيامين نتنياهو ويتسحاق مردخاي) بأنهم إذا جرى انتخابهم لرئاسة الحكومة، فإنّهم سينسحبون من لبنان. باراك انتُخب، ونفّذ تعهده”.
وتابع ليمور “أيضًا في الأمر الثاني سجّل حزب الله نجاحًا، سلسلة الإخفاقات العملانية وحجم القتلى جعل الجيش الإسرائيليّ ينسحب من المواقع ويُقلِّص عدد العمليات. حزب الله استغلّ ذلك لتكثيف الهجمات على المواقع، خاصّةً عبر زرع العبوات على المحاور وإطلاق صواريخ مضادة للدروع، أدت بمعظمها إلى وقوع قتلى خاصة في السنة الأخيرة من تواجد الجيش الإسرائيليّ في الحزام الأمنيّ”.
واعتبر ليمور، نقلاً عن مصادره الأمنيّة الرفيعة في تل أبيب، أنّ “انسحاب الجيش الإسرائيليّ من جنوب لبنان عام 2000 كان الحدث المفصليّ من ناحية حزب الله”، مُشيرًا إلى أنّ “الأمين العام للحزب اعتُبر حينها بطلًا في لبنان، وكذلك في الوطن العربيّ كلّه. لقد ألقى حينها خطاب (بيت العنكبوت) الذي قال فيه إنّ إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت”.
ونقل ليمور عن العميد احتياط درور شالوم، الذي شغل حتى العام الماضي منصب رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان) قوله إنّ “نصر الله شخصية فريدة من نوعها، لديه تفكير متطوّر، مع الكثير من الكاريزما وذكاء عاطفي كبير، وهذه الصفات هي التي جعلت حزب الله يتمتع بشعبيةٍ كبيرةٍ”.
وأقرّ الجنرال الإسرائيليّ أنّه “لا يمكن الاستخفاف بالسيّد نصر الله، ويصفه بأنّه “شخص جديّ”، مُشدّدًا على أنّه “أثبت نفسه على مرّ السنين أنّه الخبير الأكبر في شؤون إسرائيل في الوطن العربيّ، وهو لا يزال العدوّ الأخطر لإسرائيل، هو يعرفنا أكثر من الجميع، وهو يملك ضدنا ملفًا مفتوحًا”.
وطبقًا لأقوال الخبير العسكريّ الإسرائيليّ فإنّ “حزب الله راكم في مجالاتٍ كثيرةٍ ترسانة ضخمة، جعلته الجيش الأكبر في العالم”، على حدّ تعبيره.
على صلةٍ بما سلف، كانت مصادر أمنيّة وسياسيّة رفيعة المُستوى في كيان الاحتلال زعمت أنّ إسرائيل قادرةٌ في كلّ وقتٍ تُريده على اغتيال نصر الله، لافتةً إلى أنّ سيّد المُقاومة يعرف ذلك، ويعلم أيضًا لماذا لا تُقدِم إسرائيل على تنفيذ هذه العملية، على حدّ تعبيرها.
ومن الجدير ذكره أنّ هذه الأقوال وردت في مقالٍ نشرته مُراسلة شؤون الشرق الأوسط في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، المُستشرِقة سمدار بيري.
يُشار في هذا السياق إلى أنّه كان قد نُقِل عن جنرالٍ رفيعٍ في جيش الاحتلال قوله إنّ نصر الله هو ألّد أعداء إسرائيل، مُشدّدًا في الوقت عينه، بحسب موقع (روتر) العبريّ-الإخباريّ، على أنّه إذا تمكّنت دولة الاحتلال من اغتيال السيّد نصر الله في المُواجهة العسكريّة القادِمة، فإنّ ذلك سيحسِم المعركة مع حزب الله، الذي يُصّنفه التقدير الإستراتيجيّ الإسرائيليّ منذ سنواتٍ طويلة، بما في ذلك العام الجاري على أنّه العدوّ الأخطر على إسرائيل، بالإضافة إلى إيران وفصائل المُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة.
ومن المهِّم التذكير ببعض ممّا ورد في كتاب المدنيّات للطلاب اليهود في المدارس الرسميّة بإسرائيل عن الأمين العّام لحزب الله، والذي أصدره المُرّبي الإسرائيليّ، يوني غراف، بمُصادقةٍ من وزارة المعارف الإسرائيليّة، حيث أكّد: “حسن نصر الله، معروف كشخصيّةٍ كاريزماتيّةٍ خارقةٍ، إذْ أنّه يُشدّد دائمًا على تلقّي المعلومات عمّا يجري في إسرائيل، ولهذا السبب فإنّه يعرف جيّدًا المُجتمع الإسرائيليّ، والحساسّيات التي تعتريه، بالإضافة إلى إلمامه بالخارطة السياسيّة الإسرائيليّة، ويستغّل هذه المعلومات من أجل تمرير الرسائل التي تحمل في طيّاتها تأثيرًا كبيرًا من الناحية النفسيّة”.
وأوضح الكتاب الإسرائيليّ الرسميّ أنّه “في خطابٍ ألقاه في بلدة بنت جبيل، بعد انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000، شبّه المجتمع الإسرائيليّ لبيت العنكبوت، الذي يُمكِن بسهولةٍ بالغةٍ تدميره، على حدّ تعبيره