القصيدة اليتيمة

سبت, 16/11/2024 - 18:11

يحكى أن فتاة تسمى ( دعــد)كانت على غاية من الجمال و الفتنة ، إلى جانب هام من الذكاء و الفطنة ، جاءها الخطاب من كل الجزيرة العربية و كانت تقول دوما لوالدها : يا أبت ، لن أتزوج إلا من أرضاه ، و لن أرضى إلا من ينشدني بقصيدة يطرب لها سمعي و يلين لها قلبي .

تقاطر الشعراء الجاهليون في جزيرة العرب من كل حدب و صوب على خيمة الفتاة.

كل يطلب يدها و ودها بقصيدة عصماء.إلا أنها كانت في واد و هم في واد آخر.

إلى أن جاءها أحدهم فأنشدها قصيدة و أية قصيدة ، رق لها قلبها ، و طرب سمعها ، لكنها نظرت إليه مستنكرة و مستهجنة و أمرت رجال القبيلة بالقبض عليه و قالت له :

هذه القصيدة ليست من هذا الصعلوك .

و بعد التحقيق معه لحد الضرب إعترف الرجل قائلا:

أنه في الطريق إلتقى بفتى قاصدا القبيلة و معه القصيدة التي نظمها فطلبت منه أن ينشدها فلما سمعتها وجدتها من الروعة و الجزالة ما هي عليه فأجهزت على الفتى و قتلته و دفنته و بعدها قصدتك خاطبا بالقصيدة.

ذهب القوم لموقع الجريمة ليتيقنواو يتأكدوا فوجدوا قبر الفتى فعادوا و أخبروا الفتاة فأمرت أن تكتب القصيدة بماء الذهب و تعلق في مكان بارز و جعلوا لها عنوانا ( اليتيمة) لأن قائلها مات دونها

 هل بالطلـــول لسائل رد

              أم هل لها بتكلم عهــد

لهفي على (دعد)  وما حفلت

              بالاً بحــر تلهفي (دعد)

بيضاء قد لبس الأديم بهاء

                الحسن، فهو لجلدها جلد

ويزين فويديها إذا حسرت

                ضافي الغدائر فاحم جعد

فالوجه مثل الصبح مبيض

            والشعر مثل الليل مسـود

ضدان لما استجمعا حسناً

              والضد يظهر حسنه الضد

وكأنها وسني إذا نظـرت

            أو مدنف لما يفق بعـــد

بفتور عين ما بها رمــد

         وبها تداوي الأعين الـــرمد

وتريك عــــرنينا به شمم

              وتريك خداً لـونه الورد

وتجيل مسـواك الأراك على

         رتل كأنه رضابه   الشهــد

وكأنما سقيت ترائبــا

         والنحر ماء الحسن إذ تبـدو

ومنها:

إن لم يكن وصـــل لديك لنا

     يشفي الصبابة فليكن وعــد

قد كــان أورق وصلكم زمنا

      فذوى الوصال وأورق الصـد

لله أشــــواقي إذا نزحت

      دار بنا وطــواكم البعــد

إن تتهمي فتهــــامة وطني

      أو تنجدي يكن الهــوى نجد

وزعمت أنك تضمــرين لنا

       وداً, فهلا ينفع  الـــود

وإذا المحب شكا الصدود ولم

        يعطف عليه فقتله عمــد

نختصها بالــود،  وهي على

      ما لا نحب فهكذا الــوجد